- الإصلاحات في الكويت يجب أن تهدف إلى تنويع مصادر الإيرادات وترشيد الإنفاق والتركيز على الكفاءة
- العمل السريع لفهم عناصر الأزمة وتداعياتها أبرز دروس الحرب التجارية
- نتعاون مع الكويت ودول الخليج لدعم وتسريع عمليات الإصلاح
- الإصلاح المالي والمصرفي في لبنان أمر ملح ولا يمكن الفصل بين الإصلاح الاقتصادي والسياسي
اعتبر مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الدكتور جهاد أزعور، أن العالم يمرّ في مرحلة عدم اليقين جراء تطورات الحرب التجارية المندلعة، ما سيترك أثراً على اقتصاديات المنطقة بطريقة مباشر أو غير مباشرة.
وأضاف في لقاء مع «الراي» على هامش الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية، والدورة الاعتيادية الـ16 لمجلس وزراء المالية العرب، أن التوقعات الاقتصادية للكويت إيجابية رغم تزايد حالة عدم اليقين العالمية، وتطورات أسواق النفط والمال.
وبيّن أن السياسة المالية في الكويت يجب أن تركّز على إعادة بناء الهوامش المالية، مسترشدة بأطر موثوق بها وقائمة على قواعد، لافتاً إلى أن الإصلاحات ينبغي أن تهدف إلى تنويع مصادر الإيرادات، خصوصاً غير النفطية، وترشيد الإنفاق العام مع التركيز على الكفاءة.
وأشار أزعور، إلى أن «الكويت تمتلك قطاعاً خاصاً ذا حضور بارز في اقتصاد الدولة، ويُعدّ ركناً من أركانه، إذ كان دائماً ولا يزال ديناميكياً وحيوياً، لديه القدرة على التوسع ولعب دور إقليمي مهم، ومن ثم فإن الإصلاحات الهيكلية ضرورية لتعزيز الإنتاجية ودفع عجلة تنويع الاقتصاد».
وفي ما يلي نص اللقاء:
• بداية حدّثنا عن أهمية انعقاد مؤتمر وزراء المالية العرب في الكويت؟
- نمرّ بمرحلة استثنائية من عدم اليقين جراء التطورات الاقتصادية العالمية والإقليمية، وهذا له تأثير كبير على إدارة الشأن الاقتصادي في منطقتنا.
هناك تأثيرات عدة أولاً، التحولات الاقتصادية والتجارية العالمية والحروب الاقتصادية التي نشهدها. ثانياً، حالة عدم الاستقرار في بعض دول المنطقة. وهذه العوامل مجتمعة ترفع من مستوى التردد لدى المستثمرين، وتخلق حالة من عدم اليقين تعقّد عملية إدارة الاقتصاد.
• برأيك، ما هو تأثير رسوم ترامب الجمركية على دول المنطقة؟
- التأثير المباشر لرفع الرسوم الجمركية على دولنا محدود نظراً لضآلة حجم التجارة غير النفطية مع الولايات المتحدة، مع استثناء بعض الدول مثل الأردن ومصر والبحرين. أما التأثير غير المباشر فأكثر أهمية، حيث انعكس في اضطرابات الأسواق المالية العالمية، وارتفاع مستويات الفوائد العالمية، ما أدى إلى زيادة كلفة التمويل خصوصاً للدول متوسطة الدخل والدول الناشئة. هناك أيضاً تأثير على معالجة القضايا الحساسة في منطقتنا، وبهذا يحصل تشتت الانتباه عن ملفات جوهرية تتعلق بالاستقرار والنزاعات، بالرغم من أن التأثير التجاري المباشر محدود، إلا أن التأثيرات على الأسواق المالية، وعلى كلفة التمويل، وعلى أسواق النفط، وعلى مسارات معالجة النزاعات، تبقى كبيرة.
• ما الدرس الأبرز من الحرب التجارية ؟
- نحن لا نزال في خضم الأزمة، الدرس الأول الذي نستخلصه هو ضرورة العمل السريع لفهم عناصر الأزمة وتداعياتها. المطلوب هو العمل المشترك بين الدول العربية للتشاور وتنسيق المواقف. الاجتماعات التي تعقد بين وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية فرصة ذهبية لذلك، وأيضاً الاجتماعات المقبلة لصندوق النقد والبنك الدولي، ستكون مناسبة للتشاور حول تأثير هذه التطورات، وكيفية تعديل السياسات لمواجهتها.
• ما هي توقعاتك الاقتصادية للكويت؟
- تظلّ التوقعات الاقتصادية للكويت إيجابية، رغم تزايد حالة عدم اليقين العالمية في شأن السياسات الاقتصادية والتجارية، والتطورات في أسواق النفط والمال. في هذا السياق، ينبغي أن تركز السياسة المالية على إعادة بناء الهوامش المالية، مسترشدة بأطر موثوق بها وقائمة على قواعد.
يجب أن تهدف الإصلاحات في الكويت إلى تنويع مصادر الإيرادات، وتعزيز تعبئة غير النفطية منها، وترشيد الإنفاق العام مع التركيز على الكفاءة.
تمتلك الكويت قطاعاً خاصاً ذا حضور بارز في اقتصاد الدولة، ويُعدّ ركناً من أركانه، إذ كان دائماً ولا يزال ديناميكياً وحيوياً، لديه القدرة على التوسع ولعب دور إقليمي مهم، ومن ثم فإن الإصلاحات الهيكلية ضرورية لتعزيز الإنتاجية ودفع عجلة تنويع الاقتصاد.
• هل هناك فعالية اقتصادية لبرامج صندوق النقد الدولي؟
- الأزمات الحالية تختلف عن سابقاتها. كان للصندوق دور فاعل وسريع خلال الصدمات الماضية، أبرزها جائحة كورونا، حيث بادر إلى ترتيب آليات تمويل ودعم للدول المتأثرة. خلال السنوات الأربع الماضية، قدم الصندوق نحو 33 مليار دولار كتمويل لدول المنطقة، وعزّز من القدرة على تأمين السيولة عبر توزيع حقوق السحب الخاصة. وإضافة إلى التمويل، قدّم الصندوق معونة تقنية كبيرة، من خلال مراكز الدعم الإقليمي كمركز التدريب في الكويت، ومن خلال الدعم الذي يقدّمه من واشنطن.
• ما أوجه تعاون صندوق النقد مع الكويت ؟
- العلاقة مع الكويت متميزة، فهي تسهم في تمويل أحد أهم مراكز تدريب الكوادر لصندوق النقد، الذي يغطي دول المنطقة. هناك أيضاً تعاون لدعم وتسريع عمليات الإصلاح في الكويت، وأيضاً تعاون في نطاق مجلس التعاون الخليجي.
• كيف تقيّم الوضع الاقتصادي في لبنان؟
- شهد الوضع الاقتصادي في لبنان صعوبات كبيرة، نتيجة التأثير المباشر للعدوان الإسرائيلي على المنازل والبنية التحتية وعلى القاعدة الاقتصادية، كما تأثر عدد من المؤسسات والقطاعات، خصوصاً الزراعة والسياحة.
• ما هي أولويات الإصلاح في لبنان؟
- اليوم، على لبنان أن يعالج مجموعة من الأزمات المتراكمة منذ 2019، مروراً بكل الصدمات، وآخرها تداعيات العدوان. الإصلاح المالي والمصرفي أمر ملح، لكن لا يمكن الفصل بين الإصلاح الاقتصادي والسياسي، فالدول الخارجة من النزاعات، مثل لبنان، سورية، فلسطين، اليمن، جميعها تحتاج إلى زخم أكبر لإعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي. المؤسسات الإقليمية والدولية، مطالبة بدعم هذه الدول عبر مشاريع إعادة البناء وخلق أطر اقتصادية جديدة.
• هل هناك فرص للنهوض الاقتصادي في لبنان رغم التجاذبات السياسية؟
- رغم كل شيء، يبقى الأمل موجوداً، فعنصر الاستقرار السياسي أساسي. الدراسات تظهر أن نجاح النهوض الاقتصادي بعد الصراعات في منطقتنا، كان أبطأ من غيره، بسبب استمرار حالة عدم اليقين.
• لنتحدث عن تجربتك في الترشيح لرئاسة لبنان، وبعده لتولي منصب حاكم مصرف لبنان؟
- طُرح اسمي كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، بسبب تجربتي الدولية وخبرتي الاقتصادية، وكنت جاهزاً لخدمة وطني، ولكن طويت هذه الصفحة. أما بالنسبة لحاكمية مصرف لبنان، لم أكن مرشحاً. عرض عليّ الأمر مرتين في السابق، ولم أكن معنيّاً بسبب انشغالي الكامل بعملي في صندوق النقد الدولي.
• لنتحدث عن تجربتك المميزة كوزير مالية؟
- خلال فترة عملي وزيراً للمالية (2005-2008)، عايشنا أزمات كبيرة، من اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وحرب يوليو ورغم ذلك، أعدنا إعمار ما دمرته الحرب بسرعة قياسية، وتمكنّا من خفض الدين العام من 184 في المئة إلى 120 في المئة من الناتج المحلي. الاقتصاد تعافى ونما بنسبة 7.5 في المئة عام 2007. كما نفّذنا برنامج الإصلاحات الذي لم يُستكمل لاحقاً، بسبب التطورات السياسية الداخلية والصدمات الخارجية كالحرب السورية. ومع ذلك، تمكن لبنان وقتها من تجنب انهيار اقتصادي شامل.
• ما هو دور صندوق النقد الدولي بالإصلاحات الاقتصادية؟
- دور الصندوق متنوع: المراقبة الاقتصادية، التشاور والتعاون المالي، الدعم التقني، والتمويل عند الحاجة. الإصلاحات قد تكون مؤلمة لكنها ضرورية. دور الصندوق هو تسهيل هذه العمليات وليس فرضها قسراً.
• ما حجم التمويل المطلوب للنهوض بلبنان؟
- لن أدخل بتفاصيل ذلك، لكن من الواضح أن النهوض في لبنان يتطلب دعماً مالياً ضخماً واستقراراً سياسياً.
حاجة لتبنّي سياسات تحوطية
قال أزعور، إن صندوق النقد يتابع التطورات المتسارعة للتصعيد التجاري بين الصين والولايات المتحدة، ويقيّم انعكاساتها على دول المنطقة.
وأضاف أن تأثير الحرب التجارية لا يقتصر على التجارة فقط، بل يمتدّ إلى حركة رؤوس الأموال، التمويل، والاستقرار الاقتصادي العام، مبيناً أن هناك حاجة لتبني سياسات تحوطية وفرصاً للاستفادة من هذه التحولات.
0 تعليق