يعد قانون التحكيم من الأدوات القانونية الحيوية في العصر الحديث، فهو يوفر آلية بديلة عن التقاضي التقليدي، مما يجعله: خياراً مفضلاً في العديد من المجالات، خصوصا التجارية والاستثمارية، وتكمن أهميته في جوانب أساسية عدة:
سرعة الفصل في المنازعات، تتميز إجراءات التحكيم بالمرونة والسرعة مقارنة بالقضاء العادي، الذي قد يستغرق سنوات لحسم النزاعات، فيمكن للأطراف تحديد الجدول الزمني للإجراءات بما يتناسب مع ظروفهم، مما يقلل من التعطيلات التي تحدث في المحاكم، والخبرة والتخصص في التحكيم، يمكن للأطراف اختیار محكمین متخصصين في المجال موضوع النزاع (التحكيم التجاري، الانشائي، التقني المالي)،, يضمن ذلك فهما دقيقاً للقضايا المعقدة، بعكس القضاء العادي الذي قد لا يمتلك القضاة خلفية متخصصة في كل مجال.
السرية وخصوصية النزاع في جلسات التحكيم، وأحكامه تكون سرية في معظم الحالات، مما يحمي سمعة الأطراف، وخصوصية معلوماتهم.
هذه الميزة مهمة جدا في المنازعات التجارية التي تتضمن اسرارا صناعية، أو بيانات حساسية. المرونة في الإجراءات: يمكن للأطراف الاتفاق على قواعد وإجراءات التحكيم بما يناسب طبيعة النزاع، يعكس الإجراءات الفضائية الصارمة، ومن بعض قوانين التحكيم (مثل قانون الإنسيترال النموذجي)، تسمح بتكييف الإجراءات وفقا لرغبة الأطراف.
تنفيذ الأحكام دوليا بموجب اتفاقية نيويورك 1958 للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها، يمكن تنفيذ أحكام التحكيم في أكثر من 170 دولة، هذه الميزة تجعل التحكيم الخيار الأمثل في المنازعات الدولية، حيث يصعب تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة من دولة في أخرى، وتشجيع الاستثمار والثقة في المعاملات التجارية يوجد نظام تحكيم عادل وفعال، يعزز ثقة المستثمرين الأجانب، فهو يوفر لهم ضمانة لحل النزاعات بحيادية، فالعديد من الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقيات الاستثمار الثنائية (تشترط اللجوء إلى التحكيم في حالة النزاع بين المستثمر والدولة). تقليل العبء على المحاكم يساهم التحكيم في تخفيف الضغط عن القضاء النظامي، مما يسمح للمحاكم بالتركيز على القضايا الأكثر أهمية في بعض الدول، يتم تشجيع الأطراف على اللجوء للتحكيم قبل رفع الدعاوى القضائية الحد من التوتر بين الأطراف نظرا لطبيعة التحكيم الاتفاقية، كذلك يساعد على الحفاظ على العلاقات التجارية بين الأطراف، خلافا للتقاضي الذي قد يودي إلي عداء دائم، كبعض من أنواع التحكيم (مثل التحكيم التوفيقي) تهدف إلى ايجاد حلول وسط ترضي جميع الأطراف.
واود ان اختم مقالتي بالتأكيد على ان قانون التحكيم يمثل أداة حيوية في النظام القانوني الحديث، فهو يجمع بين السرعة والكفاءة والمرونة، مما يجعله الخيار الأمثل في العديد من المنازعات خاصة التجارية والدولية، ومع تطور الاقتصاد العالمي، وزيادة التعاملات عبر الحدود تزداد أهمية التحكيم كوسيلة فعالة وموثوقة، لحل النزاعات بعيدا عن تعقيدات القضاء التقليدي.
مها مجهز شرار
كلية الدراسات التجارية، تخصص قانون
0 تعليق