شر البلية ما يضحك، فهذه المرة الاولى تحتفل جماعات بالهزيمة، والخسارة الكبيرة، وتعتبرها نصراً، لذا نعيد العبارة نفسها التي يطلقها اللبنانيون على فعل مشين "يا عيب الشوم".
اقولها بغصة فما جرى طوال 14 شهراً في لبنان، لم يكن سوى خسارة كبيرة، لا قبل للشعب اللبناني على تحملها، خصوصا في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها منذ خمس سنوات.
صحيح نرحب، كعرب، بوقف اطلاق النار، لكن على اللبنانيين، ان يعرفوا من الذي دفع بلدهم الى هذه الحرب، وما هي الضريبة التي يجب عليهم دفعها، ومن اجل من، فهذا الشعب ليس طرفاً في حرب تدميرية، ولا هو قادر على دفع اي اثمان، خصوصا ان لا ناقة له فيها ولا جمل، بل هو ضحية.
لقد قدم هذا الشعب تضحيات كبيرة، فمنذ نحو 32 سنة وهو يعاني من اثار ما تركتها الحرب الاهلية التي فرضت عليه، وتدمرت البنية التحتية كلها، وتعطلت المؤسسات والسلطات، فاذا كانت رئاسة الجهمورية معطلة منذ نحو 30 شهرا، فإن الانكي ان البرلمان شبه معطل، او بالاحرى معطل، فيما الحكومة كل يغني على ليلاه.
الشباب اللبناني اما عاطل عن العمل، او انه يتحين الفرصة كي يفر من بلده، بهجرة ابدية، او انه ينتمي الى احد الاحزاب كي يعيش، فيما تفرق الشعب شيعا وعشائر، وطوائف، وكل منهم على سلاحه، لان هناك من اوهمه ان الدفاع عن هذه المكونات، اياً كانت تسميتها، هو طريق الخلاص، بينما هي طريق الانتحار.
الحرب الاخيرة الشرسة والتدميرية أزهقت فيها الكثير من الارواح، والى اليوم هناك الكثير من المفقودين، الذين لا يزالون تحت انقاض بيوتهم، وفي الوقت نفسه، هناك من يرفع رايات مستفزة، ويحتفل باطلاق الرصاص بكثافة احتفالا بالنصر، فاي نصر هذا الذي كلفته اكبر بكثير من طاقة الشعب اللبناني؟
اللبنانيون، اعتادوا على الفرح، ولهذا رغم الالام يحاولون الاحتيال على جراحهم ووجعهم من اجل الاحتفال، ولهذا كان محظوظا هذا الشعب ان الحرب وقفت في هذه الاثناء، ولم تستمر ابعد من ذلك، اذ كان الدمار والقتل اكبر بكثير.
اليوم، لا بد ان يقف اللبنانيون وقفة تأمل، كي يدركوا حجم الخسائر البشرية والاقتصادية، والمالية، ويفعلوا مؤسساتهم كافة، من البنك المركزي، الى البرلمان، الى رئاسة الجمهورية، والتفتيش المركزي، وديوان المحاسبة المعطل منذ سنوات، كي يحاسب المخطئ والفاسد، وان يبدأوا العمل على بناء دولة حقيقية، ليست مجرد دويلات طائفية وعشائرية، ويعملوا على لم شتاتهم، ولا يدخلوا بلادهم في متاهات، ويحلوا مشكلاتهم الحياتية.
اليوم لديهم 60 يوماً، كي يعملوا على بناء اولى المؤسسات الدستورية، رئاسة الجمهورية، والا ينجروا الى عمل صبياني مستفز، او ينفذوا اجندة هذه الدولة او تلك، او اي استخبارات تسعى الى تحقيق اهدافها في بلدهم، فلبنان يزدحم بالطوابير الخامسة، وكلها تسعى الى اعادة دوران عجلة الحرب مرة اخرى، لذا على كل لبناني ان يكون غفيراً، وحكيماً، فلا يسقط بفخ عملية استفزاز إسرائيلية، ولا تأخذه سكرة وهم الانتصار، فيما هو مجروح بعمق، فهل يدرك اللبنانيون صعوبة الامتحان، ام انهم سيبقون يعيشون بوهم الانجازات؟
0 تعليق