قال الباحث السياسي شوقي عبد العظيم إن الوضع الراهن الذي يعصف بالسودان يشير إلى أن أطراف الصراع لا تملك القدرة على تأمين سلاسل الإمداد الغذائي أو الموارد الضرورية للعمليات الحربية بشكل مستقل.
أضاف عبدالعظيم، لـ"الدستور"، أن هذه الأطراف سواء كانت القوات النظامية أو الجماعات المسلحة (الإرهابية)، تعاني من نقص حاد في الموارد الأساسية التي تمكّنها من تنفيذ العمليات الحربية دون الاعتماد على الآخرين، ولهذا السبب يسعى كل طرف للسيطرة على سلاسل الغذاء والإمداد، محولًا هذه الموارد إلى جزء من المجهود الحربي، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد.
عبد العظيم: السودانيون يعيشون أزمة غذاء غير مسبوقة
وتابع "نحن الآن في مرحلة حرجة، حيث يعيش السودانيون أزمة غذاء غير مسبوقة والتي أصبحت سلعة استراتيجية تستخدم كأداة ضغط وأحد مفاتيح الحرب، فالأزمة لا تقتصر على نقص المواد الغذائية فقط، بل تدهور الظروف المعيشية بشكل عام، حيث يتحول الغذاء إلى ساحة جديدة للصراع، والنتيجة هى أن المواطنين العاديين الذين يعانون من شدة الفقر والحصار أصبحوا رهائن في صراع مفتوح لا يرحم".
أشار إلى أن الجانب الأخطر في هذا الوضع أن أطراف الحرب باتت تعتمد على السيطرة على الموارد الغذائية كوسيلة لتمويل أو دعم جهودها الحربية، بمعنى أصبحت إدارة الغذاء بمثابة جزء من المجهود الحربي نفسه:"الوضع على الأرض يكشف عن تحول جذري في طبيعة الصراع، حيث بات الغذاء سلاحًا مسلطًا على المدنيين، بدلًا من أن يكون أداة للمساعدة الإنسانية."
وأوضح عبد العظيم أن التحدي الأكبر يكمن في أن أطراف الحرب تعتمد على تأمين إمدادات غذائية عبر فرض السيطرة على المناطق الإنتاجية أو عبر حصار المناطق الأخرى:"هذا الوضع يدفع المدنيين للتعاون مع إحدى الأطراف، وأحيانًا الاضطرار للعمل مع جهات القتال لتأمين الطعام والحاجات الأساسية، كما أن هذا التعاون القسري يزيد من تعقيد الأمور على صعيد الأمن والاستقرار الاجتماعي ويضطر المدنيون إلى اتخاذ قرارات صعبة للغاية تتعلق بالتحالفات والمواقف السياسية، ما يعرضهم لضغوطات هائلة."
وشدد عبد العظيم على أن المجتمع الدولي يظل عاجزًا عن التأثير بشكل كبير في مجريات الصراع، حيث تسير ميليشات الدعم السريع وفق قوانينها الخاصة التي تتجاهل تمامًا القوانين الدولية والإنسانية:"لا يمكن للمجتمع الدولي أن يحقق اختراقات حقيقية في الميدان إلا إذا توافقت الميليشيا على ذلك، الأمر الأهم هو أن هذه الأطراف لا تلتزم بأي من المعايير الأخلاقية أو القانونية التي تحكم الحروب والنزاعات المسلحة، ما يجعل المجتمع الدولي في موقف حرج".
وختم تصريحاته بالقول:"إذا استمر الوضع على هذا النحو، فإن أزمة الغذاء ستزداد تعقيدًا، وستسهم في إطالة أمد الصراع، ما يجعل فرص التوصل إلى حل سياسي مستدام أمر بعيد المنال، كما أن الحلول السريعة والمباغتة لن تنجح في ظل هذا الوضع المتأزم، بل يحتاج السودان إلى تدخل دولي فعال يتمثل في الضغط على الأطراف المتحاربة وتحقيق التوافق على مسار إنساني ينقذ الأرواح ويوفر الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للسكان."
وأكد عبد العظيم أن ما يواجهه السودان اليوم من تحديات هو أزمة مركبة تشمل الأمن والغذاء والسياسة ويجب أن يتعامل معها المجتمع الدولي بشكل أكثر تماسكًا وواقعية، مع إيلاء الأولوية لحقوق الإنسان وحماية المدنيين في هذا الصراع المفتوح.
0 تعليق