نظمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، الخميس الماضي، ندوة «حقوق الإنسان: مسار إلى الحلول» بالشراكة مع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ومركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية، للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان والذكرى السادسة والسبعين لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يحمل هذا العام شعار «حقوقنا، مستقبلنا، فوراً». وأوصت الندوة بتعزيز الحركة العالمية التي تدعم حقوق الإنسان ومنحها الحيّز المناسب للابتكار والتجديد، إضافة إلى ترسيخ حقوق الإنسان لمنع النزاعات وبناء السلام ووضع حدّ للنزاع، وتحويل الاقتصاد وترسيخ المساواة والاستدامة، وترسيخ حقوق الإنسان في العمل البيئي والعمل بشأن تغيّر المناخ.
كما أكدت أهمية تعزيز الحوكمة ومكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق المشاركة الكاملة، والارتقاء بالتكنولوجيا والعلوم وتمكين الجميع دون استثناء، تعزيز استخدام التكنولوجيا للشباب لنشر الوعي حول قضايا حقوق الإنسان. وتمكين الشباب اقتصاديًا لمعالجة قضية البطالة المرتفعة بين الشباب، وتعزيز نظام حقوق الإنسان.
كما أشارت إلى أهمية تعزيز المشاركة الشبابية على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية عن طريق منصات الحوار بين الشباب وصانعي السياسات لتبادل الآراء حول القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، وتحسين التعليم حول حقوق الإنسان من خلال المناهج الدراسية على جميع المستويات التعليمية، بما في ذلك التدريب المهني، لتمكين الشباب من ممارسة حقوقهم بشكل فعال والمساهمة في تعزيزها في مجتمعاتهم، ودعم المبادرات الشبابية من خلال توفير الدعم المالي والفني للمبادرات الشبابية التي تهدف إلى نشر الوعي بحقوق الإنسان.
وشددت الندوة على أهمية تعزيز الشراكات بين الشباب والمؤسسات الوطنية والدولية لتحقيق نتائج ملموسة في هذا المجال، ومواصلة بناء شبكات إقليمية لتطوير شبكات إقليمية ومنظمات شبابية تعمل على تعزيز التعاون بين الشباب في الدول العربية لنشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيز العدالة الاجتماعية في المنطقة. وإذكاء الوعي العام وبناء القدرات لأجيال جديدة لحركة حقوق الإنسان العربية.
كما نوهت بأهمية تعزيز سيادة دولة القانون واستقلال السلطة القضائية، وتعزيز العدالة الجنائية بما يشمل الحد من التطبيق المفرط لعقوبة الإعدام، وتشديد حظر التعذيب، وتحسين معاملة السجناء والمحتجزين، ووقف ممارسات التوقيف التحفظي، تعزيز آليات الإنصاف الوطنية ومعالجة شكاوى انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك العناية بقضايا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وأكدت الندوة ضرورة ضمان حرية تأسيس وعمل المنظمات غير الحكومية كداعم ومشارك في تعزيز حقوق الإنسان على المستوى الوطني والإقليمي، والعمل مع المجتمع المدني على الأصعدة المحلية، وإنشاء منصة للتشبيك الإقليمي والدولي بين الحكومات في إطار التزاماتها الدولية وآليات الرصد والمتابعة ذات العلاقة، وتعزيز التنمية المستدامة لتحقيق تطلعات المجتمعات المحلية دون اقصاء، ولضمان الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة دون إهدار، مع ضرورة مشاركة المجتمع المدني خلال إعادة رسم خطط التنمية الوطنية وتنفيذها، إضافة إلى حث الحكومات العربية والمجتمع الدولي للعمل على الحد من النزاعات والصراعات، والعمل الجاد إلى الوقف الفوري للعدوان على غزة ولبنان وسوريا.
قيم مشتركة
وقالت سعادة السيدة مريم بنت عبد الله العطية رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان: هذه مناسبة لتجديد التزامنا بمبادئ الإعلان التي تمثل قيماً مشتركة لجميع الشعوب والحضارات والثقافات، كما انها فرصة لتأكيد تصميمنا على المضي قُدماً من أجل احترام وإعمال وحماية حقوق الإنسان، وإذ نقدر المنجزات والتقدم الذي أُحرِزَ في مجال حقوق الإنسان على مستوى دولة قطر وفي العديد من دول العالم، فإننا ندرك – ايضاً – التحديات المرتبطة بالنزاعات المسلحة وبالتغيرات المناخية والتطورات الرقمية والتكنولوجية، واستمرار سياسة الإفلات من العقاب، وغيرها من التحديات العالمية.
وأوضحت أن هذه التحديات تُعوق التمتع الفعلي بحقوق الإنسان، والتي لا يمكن تجاوزها إلا من خلال نهج شامل يقوم على حقوق الإنسان، ويعترف بالكرامة الإنسانية وبمبادئ العالمية والشمولية والمساواة وعدم التمييز والترابط وعدم القابلية للتجزئة. وأضافت العطية: بصفتي رئيساً للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر وللتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، فإنني أؤكد دعمنا لحملة هذا العام تحت شعار « حقوقنا، مستقبلنا، فوراً»، ولرؤية المفوضية السامية لحقوق الإنسان تحت عنوان « حقوق الإنسان: مسارٌ إلى الحلول». وأشارت إلى أن مواجهة تحديات الحاضر والتخطيط للعبور للمستقبل يتطلب إصلاح شامل لجميع أجهزة الأمم المتحدة، بما يمكنها من لعب دورٍ فعّال في إنهاء الانتهاكات الجسيمة وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، كما يتطلبُ وفاء الدول بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك تعزيز استقلال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وتوفير بيئة حرة وتمكينية للمجتمع المدني، وإشراك جميع أصحاب المصلحة في عمليات تصميم وتقييم القرارات والسياسات ذات الصِلة بحقوق الإنسان.
وعقب الندوة وقعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مذكرة تفاهم مع صندوق دعم وتأمين العمال.
سلطان الجمالي: الآليات الدولية تحمي من الانتهاكات
أكد سعادة سلطان بن حسن الجمالي - الأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن الآليات الدولية لحقوق الإنسان أوجدت كأدوات تحمي من الانتهاكات والتجاوزات، وتضمن تحقيق المساءلة والعدالة، وذلك إعمالاً لشعار هذه الاحتفالية «حقوقنا ومستقبلنا فوراً»، لأنها أمر مُلح ولا يقبل التأجيل، فلا يمكن تأجيل وقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وقال الجمالي: المحاسبة والتعويض قد يُبَلسِمان ضمير الإنسانية ولكن لن يجبرا الضرر الذي وقع على من وقعت عليه جريمة الإبادة، لذلك علينا أن نتخذ خطوات فورية لحماية حقوق الإنسان في الأزمات ليكون هناك مستقبل يمكن المطالبة به. وهذا ما يتطلب إلى تكاتف الجهود وتوحيد المساعي من جميع الأطراف المعنية. وخصوصاً الحكومات، وكذلك المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، والمنظمات الإقليمية والدولية. مكررين مطالبة الدول بالوفاء بالتزاماتها كأطراف ثالثة بالقانون الدولي، بخصوص قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وكذلك بخصوص قرارات محكمة العدل الدولية بما يخص القضية الفلسطينية وغزة العزة على وجه الخصوص.
وشدد على أهمية تحسين أداء أدوات المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، لتمكينها من وقف الانتهاكات دون تمييز وبمعايير واحدة تطبق على الجميع، فلابد من الحد من التدخلات السياسية التي تعطل عمل الآليات الدولية وتحول دون اتخاذ قرارات فعالة، وتعزيز هذه الآليات بالموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ مهامها بشفافية، ولتحقيق ذلك لابد من مشاركة موظفين وخبراء في هذه الآليات من كافة دول العالم، بما يسهم في تحقيق التوازن بين دول الشمال والجنوب وتبادل الخبرات والمعارف وجعل العملية أكثر شفافية وعدالة بعيدة عن السياسة وتضارب المصالح، ونصرة الحقوق بأمانة وتجرد، بما يحقق الهدف والغاية؛ وهي الكرامة الإنسانية.
د. عبير خريشة: تذكير بأهمية احترام حقوق الإنسان
أكدت د. عبير جمال الخريشة، مُدير مركز الأمم المُتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية، أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يمثل أهم وثيقة حقوقية عززت مفهومي الكرامة وعدم التمييز، وما يرتبط بهما من قيم كالمساواة والعدالة وسيادة حكم القانون. وأشارت إلى أن الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، يسهم في التذكير بأهمية احترام حقوق الإنسان، ويؤكد على استمرار العمل من أجل بناء عالم يعزز ويحترم ويحمي حقوق الإنسان، وأن هذا اليوم، يذكر بعالمية حقوق الإنسان، وشموليتها وترابطها، وبعدم قابليتها للتجزئة.
سمر الحاج حسن: العالم يواجه أزمات وانتهاكات مستمرة
قالت سمر الحاج حسن رئيسة الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان: في العاشر من ديسمبر من كل عام، يُحيي العالم ذكرى واحدة من أبرز المحطات في تاريخ الإنسانية، وهي إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يحمل هذا العام شعار «حقوقنا، مستقبلنا، فوراً». هذه الوثيقة التاريخية لم تكن مجرد إعلان مبادئ، بل كانت نقطة تحول كبرى أرست أسس الكرامة الإنسانية، الحرية، والمساواة. واليوم، ونحن نحتفل بمرور 76 عامًا على اعتمادها، نقف وقفة تأمل أمام التحديات التي واجهتها البشرية خلال هذه العقود، وما أحرزته من تقدم في مسيرة تعزيز حقوق الإنسان وترسيخ قيم العدالة والكرامة للجميع.
0 تعليق