نواف الأحمد... رمز لا ينسى

الكويت 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فور تسلم الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد مقاليد الحكم في البلاد، تعهّد سموه، طيب الله ثراه، بالسير على نهج الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، يرحمه الله، من خلال الحفاظ على الوحدة الوطنية ورفعة الكويت وعزتها وحماية أمنها واستقرارها وضمان كرامة شعبها ورفاهيته.

واستهل سموه عهده الميمون بإكمال مسيرة الوساطة الكويتية التي بدأها الأمير الراحل للم الشمل الخليجي وتعزيز الحوار والتضامن بين دول مجلس التعاون.

وعلى الصعيد الداخلي، حرص سموه على المحافظة على سلامة البلاد ودفع عملية التنمية فيها في ضوء التحديات التي كانت تعيشها في تلك المرحلة، لاسيما انتشار جائحة فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط.

وكان رحمه الله خير خلف لخير سلف، بعد ملازمته الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد 14 عاماً قضاها ولياً لعهده بكل إخلاص وتفانٍ، بعد أن صدر الأمر الأميري في 7 فبراير عام 2006 بذلك، ومبايعة سموه بإجماع أعضاء مجلس الأمة وأدائه اليمين الدستورية حينها ولياً للعهد في 20 فبراير من العام ذاته.

ولد سموه في 25 يونيو 1937 في مدينة الكويت بفريج الشيوخ، وهو الابن السادس لحاكم الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الذي حكم البلاد في الفترة بين عامي 1921 و1950، وقد نشأ وترعرع في بيوت الحكم منذ ولادته، وهي بيوت تعتبر مدارس في التربية والتعليم والالتزام والانضباط وإعداد حكام المستقبل وتأهيلهم، وتلقى تعليمه في مدارس حمادة وشرق والنقرة، ثم في المدرسة الشرقية، فالمدرسة المباركية، وواصل دراساته في أماكن مختلفة من الكويت حيث تميز بالحرص على مواصلة تحصيله العلمي، وظلت هذه الصفة تلازمه طوال حياته، وتجلت بتشجيع سموه لطلبة العلم في مختلف مراحل التعليم انطلاقاً من إيمانه بأهمية التحصيل العلمي الذي يعتبر أساس تقدم المجتمعات ورقيها. تزوج سموه من الشيخة شريفة الجاسم، وله من الأبناء أربعة أولاد وبنت، وهم: الشيخة شيخة والشيوخ فيصل وأحمد وعبدالله وسالم.

تعامل بحزم مع حوادث الإرهابيين مطلع 2005 وقاد بنفسه المواجهة لاستئصالهم

وتميّز سموه منذ شبابه بشخصية هادئة وحازمة ومتزنة محبة للعمل والإنجاز، وأسهم في تحقيق النجاح في جميع المناصب التي تولاها خلال مسيرته في مختلف الجهات التي امتدت نحو 6 عقود بذل خلالها جهوداً جبارة في تطوير العمل فيها، إضافة إلى تعزيز مكانة الكويت إقليمياً ودولياً.

وعلى مستوى العلاقات الإنسانية حظي سموه باحترام ومحبة الجميع، إذ تعايش دائماً مع المواطنين بكل بساطة وتواضع ومحبة، مشاركاً إياهم أفراحهم ومعزياً لهم في فواجعهم ومصائبهم، ومتلمساً لحاجاتهم ومتطلباتهم.

وتزخر مسيرة عطاء الأمير الراحل بالعديد من المناصب استهلها في 21 فبراير عام 1961 حين تولى أول منصب له محافظاً لحولي في عهد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، واستمر به حتى 19 مارس عام 1978.

فعمل، يرحمه الله، على تغيير معالم منطقة حولي بتحويلها من قرية صغيرة إلى مدينة حضارية كبيرة مليئة بالعمران، ومركز يتوهج في أرجائها وبقية مناطق المحافظة النشاط التجاري والاستثماري، كما تمكّن سموه، يرحمه الله، من فرض الأمن والأمان من خلال تسيير الدوريات الأمنية في الشوارع والمناطق، بهدف بث الطمأنينة والأمن لدى سكان المحافظة، ولم تغِب روح الأبوة عن سموه عبر تدخّله في كثير من الأحيان وبصفة شخصية لحل الكثير من المشاكل الأسرية والحفاظ على خصوصيتها، مما جعل الطمأنينة تدخل في نفوس السكان من مواطنين ومقيمين، واستمر، يرحمه الله، يحمل على كاهله مسؤولية المحافظة طوال ستة عشر عاماً.

قراراته الإنسانية في «الشؤون» أكدت أنه خير نصير للطفل والمرأة والأرملة والمسن والعامل

تطوير «الداخلية»

وتبوأ بعدها منصباً أكبر حين ولّاه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وزارة الداخلية، التي استمر فيها على مدى فترتين، الأولى من مارس 1978 إلى يناير 1988 والثانية من 2003 إلى فبراير 2006. ونجح خلالها في التغلب على كل مظاهر الإرهاب التي عصفت بالمنطقة آنذاك، كما استقطب الشباب للانخراط في سلك الشرطة، مخرّجاً دفعات من الضباط المنوط بهم حماية الأمن والأمان في البلاد.

كانت «الداخلية» هي الوزارة الأولى لسموه، يرحمه الله، ويمكن اعتبار الأمير الراحل بمنزلة الأب الروحي لرجال الأمن، والمؤسس الحقيقي لـ «الداخلية» بشكلها الحديث وإداراتها المختلفة، وحين أسندت إلى سموه حقيبة «الداخلية»، كان الهاجس الرئيسي له هو حفظ الأمن والاستقرار للوطن والمواطنين، وحرص على مجاراة العصر ومواكبة التقدم العلمي في مجال الأمن، إذ عمل على تطوير وتحديث كل القطاعات الأمنية والشرطية، وتوفير الإمكانات المادية للنهوض بالمستوى الأمني وإدخال الأجهزة الأمنية الحديثة، ورسم استراتيجية منظومة أمنية متكاملة لمكافحة الجريمة وضرب أوكارها في مختلف مناطق الكويت وحدودها، وحرص سموه على الاستفادة من الثورة المعلوماتية في العالم، من خلال توظيف تطبيقاتها التكنولوجية المتقدمة في عمل الأجهزة الأمنية المختلفة، مثلما فعل بكل الوزارات التي تولّى مسؤوليتها.

كما وضع سموه، يرحمه الله، استراتيجية أمنية دقيقة لمنظومة شاملة تحمي الحدود براً وبحراً، إذ ترصد المنظومة الإدارية كل شبر من أرض الوطن، في وقت تغطي القواعد البحرية المياه الإقليمية والجزر، أما المراكز الحدودية فتغلق الطرق أمام المتسللين وتضبط كل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد واستقرارها.

كما أنشأ سموه إدارة لشؤون المختارين كي تعينهم على شؤونهم الوظيفية، وترصد أعمالهم ومستوى الخدمات التي تقدّم للمواطنين، إلى جانب الاهتمام برعايتهم في مناطق سكنهم، كما أنشأ إدارة أخرى للمؤتمرات.

وجسّد إيمانه العميق بسياسة الأبواب المفتوحة حثّه كبار قيادات «الداخلية» على اتباعها وتسهيل الإجراءات أمام المواطنين والمقيمين.

وأولى الشيخ نواف، طيّب الله ثراه، اهتمامه بالعملية الانتخابية التي تجرى لانتخاب أعضاء مجلس الأمة والمجلس البلدي، فقام بإنشاء إدارة الانتخابات لتتولى الإعداد والتحضير للعملية الانتخابية للمجلسين.

وعمل سموه على ترغيب الشباب الكويتيين في الانخراط بسلك الشرطة والعمل الإداري بالوزارة بهدف تطوير العمل، والإفادة من الكفاءات العلمية بالوزارة.

وتطبيقاً لسياسة الإحلال، أفسح سموه المجال للخبرات الشابة من الكويتيين لإحلالهم محل كبار السن، وضخّ الدماء الجديدة بالوزارة، والاستفادة من طاقات الشباب.

وقام سموه بإعداد هيكل تنظيمي جديد لـ «الداخلية» بشقيها المدني والعسكري يواكب معدلات النمو والتطور السريع التي شهدتها البلاد آنذاك، وفتح المجال واسعاً أمام العاملين بالوزارة من مدنيين وعسكريين لمواصلة تحصيلهم العلمي بإيفادهم في بعثات دراسية. وقام سموه بجهد بارز ودور كبير في دعم وبناء التكامل الأمني الخليجي والعربي من خلال مشاركته الفاعلة في اجتماعات وزراء الداخلية على المستويين الخليجي والعربي.

«الدفاع» ومواجهة الغزو

ومثلما حقق سموه نقلة نوعية في أداء «الداخلية»، قام سموه، يرحمه الله، بعد توليه حقيبة الدفاع عام 1988 بتطوير العمل بشقيه العسكري والمدني، وعمل على تحديث وتطوير معسكرات الوزارة ومدّها بالأسلحة والآليات الحديثة لتقوم بواجبها الوطني في الدفاع عن الكويت وحمايتها من المخاطر الخارجية.

واهتم سموه بإيفاد البعثات إلى الدول الصناعية العسكرية للتدرب على قيادة الطائرات العسكرية والحربية وكل أنواع الأسلحة والمدرعات والمدافع التي يستخدمها الجيش الكويتي، وحرص سموه على تضمين عقود شراء الأسلحة بنوداً تنصّ على تدريب العسكريين الكويتيين على استخدامها وصيانتها، كما فتح المجال واسعاً لانخراط أبناء الكويت في السلك العسكري وإعطائهم الكثير من الامتيازات، لينالوا شرف الدفاع عن وطنهم، إلى جانب قيامه بزيارات دورية لمعسكرات الجيش والاطمئنان على جاهزيتها بنفسه وتوفير كل احتياجاتها العسكرية.

وفي الغزو العراقي لدولة الكويت في الثاني من أغسطس 1990، الذي استمر نحو 7 أشهر، تجلّى الدور الكبير لسموه، إذ عمل على تجنيد كل الطاقات العسكرية والمدنية من أجل تحرير البلاد، وأدى دوراً بارزاً في قيادة المقاومة وتأمين وصول القيادة الكويتية الشرعية إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة إلى جانب قيادته للجيش.

وواجه الشيخ نواف، يرحمه الله، الكثير من المحطات الصعبة في مسيرته، لعل أصعبها محنة الغزو العراقي، وكان سموه صلباً قوياً كعادته، قادراً على أن يعين إخوانه الأمراء الشيخ جابر الأحمد، وسعد العبدالله، ورفيق دربه الشيخ صباح الأحمد، كما ساهم في القرارات الحاسمة لمواجهة الاحتلال، وجنّد كل الطاقات العسكرية والمدنية من أجل تحرير وطنه الكويت، وأدى دوراً في قيادة المقاومة وتأمين وصول الشرعية للمملكة العربية السعودية الشقيقة، إلى جانب قيادته للجيش، وقد أصدر، يرحمه الله، إبان فترة الغزو بياناً دعا فيه الشباب الكويتيين للتطوع وحمل السلاح لتحرير الكويت والدفاع عنها.

وعند تشكيل أول حكومة بعد حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي الآثم في 26 فبراير 1991 تولّى حينها سموه حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 20 أبريل 1991، واستمر فيها حتى 17 أكتوبر 1992، وفي هذا الإطار كان لسموه تلك الكلمات الخالدة: «أنا جندي أقبل العمل في أي مكان يضعني فيه سمو أمير البلاد».

وفور مباشرة العمل وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل، سارع سمو الوزير الإنسان إلى اتخاذ قرارات إنسانية لرعاية الأرامل والأيتام والمسنين، وقد برهنت أعماله على أنه خير نصير للطفل والمرأة والأرملة والمسنّ والعامل.

«الحرس الوطني» ومواجهة الإرهاب

وفي 16 أكتوبر 1994 تولى سموه منصب نائب رئيس الحرس الوطني وقضى فيه 9 أعوام متتالية حتى 13 يوليو 2003 أسهم خلالها في تطوير أداء فرق الحرس الوطني من خلال تدريبها على أحدث أساليب الأمن والوقاية وتعزيز الأمن والأمان في البلاد، ليترك سموه بصمات واضحة لإعادة ترتيب الحرس وتنظيمه، وتحقيق التوافق والتوازن بين الجندي والإنسان، وقد بذل سموه جهوداً مضنية على مدى 9 سنوات لتحقيق هدفه الأسمى، وهو الوصول إلى أرقى المستويات والمعدلات في المؤسسات الأمنية المماثلة في أكثر دول العالم تطوراً، وعمل سموه على تطوير المنظومة العسكرية للحرس وجعله الذراع اليمنى للقوات المسلحة.

وأرسى سموه خطط التطوير في الحرس الوطني التي تعتمد على عدة محاور، أولها التنمية البشرية التي تتحقق بدءاً من حسن اختيار الموارد البشرية، وثانيها التدريب الجاد المستمر والتحصيل العلمي؛ سواء في المجال العسكري القتالي أو في النواحي التخصصية الفنية والإدارية، وآخرها الارتقاء بمستوى الفرد ورعايته صحياً ورفع روحه المعنوية.

وقام سموه بإرسال العديد من منتسبي الحرس الوطني للخارج في بعثات ودورات عسكرية متطورة، كما عمل على ترغيب الشباب الكويتيين في الانخراط بسلك الحرس الوطني. ودائماً ما أكد سموه ضرورة الإخلاص في أداء المهام والتسلح بالإيمان بالله وبالثقة في القيادة العليا وحكمتها، وأن خدمة الوطن هي الهدف الذي يهون في سبيل تحقيقه كل جهد ومشقة، وأنها الغاية التي نسأل المولى سبحانه وتعالى أن يبلغنا إياها بتوفيقه ورضوانه عز وجلّ.

وتعامل، يرحمه الله، بشكل حازم مع الحوادث الإرهابية التي حدثت في أماكن متفرقة من البلاد شهري يناير وفبراير من عام 2005، حيث قاد سموه بنفسه المواجهة ضد الإرهابيين، وكان موجوداً في مواقع تلك الأحداث لاستئصال آفة الإرهاب في البلاد من جذورها.

ولاية العهد

ولم يكن الـ 20 من فبراير عام 2006 يوماً عادياً في تاريخ الكويت، إذ بايع مجلس الأمة سمو الشيخ نواف الأحمد، يرحمه الله، بالإجماع في جلسة خاصة، بعدما أدى سموه اليمين الدستورية ولياً للعهد أمام المجلس، وخلال تلك الجلسة أكد سموه أن تاريخ الكويت يشهد على أن هذه الدولة الصغيرة تمكنت من تجاوز العقبات مهما تعاظمت، بفضل من الله، ثم وحدة شعبها خلف قياداته المتعاقبة.

وكان سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيّب الله ثراه، أصدر أمراً أميرياً في السابع من الشهر ذاته بتزكية سمو الشيخ نواف الأحمد لولاية العهد عضداً وسنداً لاستكمال مسيرة البناء والنهضة، نظراً لما عهد في سموه من صلاح وجدارة وكفاءة تؤهله لتولي هذا المنصب، فضلاً عن توافر الشروط المنصوص عليها في الدستور وأحكام قانون توارث الإمارة لديه.

وعكس اختيار سمو الشيخ نواف الأحمد لولاية العهد وقتئذ حكمة وحنكة الشيخ صباح ورؤيته الثاقبة وبصيرته النافذة، إذ إن بصمات نواف الأحمد الواضحة في وزارات الدفاع والداخلية والشؤون والحرس الوطني وإنجازاته الكثيرة بها أهلته لأن يكون مسؤولاً ناجحاً وقائداً بارزاً، ولعل الإجماع الشعبي والبرلماني والسياسي على مبايعة سموه ولياً للعهد جاء من معرفة أبناء الكويت بشخص سموه ومعايشته لهم في جميع أمورهم، واهتمامه البالغ بمشاكلهم، إذ أضاء ذلك مسيرته بنور الحب والوفاء والولاء من أهل الكويت.

كما كان إجماعهم على مبايعة سموه ولياً للعهد، تتويجاً لحب سموه لكل أهل الكويت، وحبهم لسموه وذاته التي تتصف بأخلاق إنسانية تميزها الرحمة والتواضع والعدل بين الناس وعمل الخير داخل الكويت وخارجها، فقد عُرف عن سموه أنه يضع أهل الكويت في قلبه وينزلهم منزلة عالية في نفسه، وكان يحرص على أن تكون جهوده رافداً من روافد مصالحهم، ولا يتوانى في دعم تطلعاتهم وطموحاتهم نحو المستقبل الزاهر.

وتعكس ثقة القيادة السياسية بسموه وجدارته بالإدارة، نجاحاته التي حققها في مختلف المناصب التي تقلدها والتي أثبتت أنه رجل دولة من الطراز الأول.

مسند الإمارة

وبعد مسيرة حافلة بالإنجازات ومحطات متميزة من المناصب الرسمية والمواقف الوطنية المشرفة بايعت الكويت في 29 سبتمبر 2020 سمو الشيخ نواف الأحمد أميراً للبلاد، وقائداً لمسيرتها خلفاً للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه.

وفي ذلك اليوم نودي بسمو الشيخ نواف الأحمد ليكون الحاكم السادس عشر للكويت في ظل إجراءات سلسة لعملية انتقال مسند الإمارة كما عهدتها البلاد عند تولي حكام الكويت الإمارة خلفاً لأسلافهم الكرام.

واجتمع مجلس الوزراء في ذلك اليوم ونادى بسموه أميراً للبلاد باعتباره ولياً للعهد ووفقاً لأحكام الدستور الكويتي والمادة الرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن أحكام توارث الإمارة بما عرف عن سموه من حكمة وعفة وإخلاص وتفانٍ لكل ما فيه رفعة الكويت ومصلحتها وأمنها وازدهارها، فضلاً عن الشروط المنصوص عليها في الدستور وقانون توارث الإمارة.

وهكذا توج سموه أميراً للبلاد بعد نحو 58 عاماً من العطاء في مناصب عدة خدم خلالها الكويت في عهد عدد من أمرائها الكرام ونال تزكيتهم وثقتهم جميعاً، وبدأها بتعيينه محافظاً لحولي ثم وزيراً للداخلية ثم «الدفاع» فوزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل ثم نائباً لرئيس الحرس الوطني، ونائباً لرئيس مجلس الوزراء فوزيراً للداخلية.

واختارت الكويت سموه بيقين العقل وعاطفة القلب، اللذين تمثلا في عمق الصفات الحسنة التي يتمتع بها سموه، الذي عُرف عنه طيبة القلب والخصال الحميدة والرأفة والرحمة التي قلما تجتمع في شخص.

تفانى في خدمة الكويت وتعزيز الفضائل والقيم والحرص على وحدة المواطنين وتكاتفهم

وبدأت البلاد في عهد سموه مرحلة تاريخية في مسيرة البناء والعطاء إكمالاً للمراحل التي بدأها أسلافه، كما بدأت خططاً جديدة تعتمد فيها على معطيات الحاضر لبناء مستقبل زاهر تواكب فيه مستجدات العصر وتطوراته وتتبوأ المكانة التي تستحقها إقليمياً وعالمياً.

ومنذ أداء سموه القسم أمام مجلس الأمة، ليصبح الأمير السادس عشر للكويت، بعث برسائل مطمئنة لأبنائه المواطنين، وداعمة لأشقائه الخليجيين، ومعززة لجهود استتباب الأمن لجيرانه الإقليميين، عبر خطابات سامية في عدد من المناسبات، كما أجرى سموه لقاءات داخلية وزيارات متعددة لمؤسسات الدولة، أطلق خلالها إشارة البدء لبذل المزيد من الجهد والعمل الدؤوب من أجل رفعة الكويت وأهلها.

واتسمت الحقبة التي تولى فيها سموه المسؤولية الأولى للبلاد بالحراك المحموم على أكثر من صعيد، داخلياً وخارجياً، لترسيخ المبادئ التي قامت عليها دولة الكويت وسارت في ركابها سنين عديدة، مقتفياً أثر رفيق دربه سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، مولياً قضايا الوحدة الوطنية جل اهتمامه، ومشدداً على ضرورة دعم عجلة التنمية في البلاد لخلق روافد لتنويع مصادر الدخل، وخلق بيئة اقتصادية تنافسية تعلي من شأن القطاع الخاص.

وشغلت القضايا المحلية الاهتمام الأكبر لدى سموه خلال عهده الميمون نظراً لما عرف عنه من اهتمام بالغ بالتفاصيل التي تتعلق بشؤون الوطن وأمور المواطنين، فضلاً عن الظروف الطارئة التي شهدها العالم والناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد والتي استدعت من سموه توجيه الجهات المعنية إلى بذل جهودها الحثيثة للحد من تداعياتها على البلاد.

وجاءت السنة الأولى من حكم الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد بإنجاز كبير على مستوى السياسة الخارجية وتحديداً في منطقة الخليج العربي، إذ نجحت الجهود الكويتية التي بدأها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد في حل الأزمة الخليجية وإنهاء الحصار المفروض على قطر، واستكملها الشيخ نواف الأحمد حتى توقيع اتفاق العلا مطلع عام 2021.

وفي الجانب الاقتصادي، كان سموه يزود الجهات المعنية بالعمل على كل ما يساهم في تحفيز القطاعات الاقتصادية وتطوير منتجاتها وخدماتها وخلق فرص استثمارية تنافسية، فضلاً عن الاهتمام بالقطاعين الصناعي والزراعي وتطوير منتجاتهما وصادراتهما. كما شدد في خطاباته السامية على أهمية العمل المتواصل لدعم عجلة التنمية في الدولة، وتأسيس بيئة اقتصادية تنافسية تعزز مكانة الكويت اقتصادياً، توازياً مع دور القطاع الخاص الحيوي في تعزيز روافد الاقتصاد الوطني.

وأولى سموه، رحمه الله، فئة الشباب اهتماماً بالغاً، ووجه إلى العمل على رعايتهم وفتح آفاق المستقبل أمامهم من خلال تأهيلهم بأفضل الوسائل العلمية والأكاديمية وغرس القيم الكويتية الأصيلة في نفوسهم ليشاركوا في مسيرة التنمية والبناء باعتبارهم مستقبل الوطن وثروته الحقيقية، كما حرص سموه على لقاء شباب الوطن في مناسبات عديدة، مشيداً بإسهاماتهم وعطائهم وإنجازاتهم، وحاضاً إياهم على الاستمرار في تجسيد روح مجتمعنا المتكافل المجبول على العطاء، منوهاً بقدرة شبابنا الرياضيين على تحدي الصعاب، والحصول على مراتب عالية مشرفة.

وعلى الصعيد الإعلامي كان سموه يؤكد أهمية المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق المؤسسات الإعلامية في التعبير عن قضايا البلاد وهموم المواطنين وفق ما تمليه عليها ضمائرها وخشية الله في وطنها وشعبها.

ويعتبر سمو الشيخ نواف الأحمد، رحمه الله، أحد مؤسسي الكويت الحديثة الذين ساهموا في إرساء دعائم الدولة، وشاركوا في عمليات النهضة والبناء التي شهدتها عقب الاستقلال مطلع الستينيات، وحصل سمو أمير البلاد رعاه الله على احترام ومحبة وثقة العالم، لكونه رجل دولة من الطراز الرفيع، ففي 23 مايو 2008 قلّدت إسبانيا سموه «وسام طوق الاستحقاق المدني»، كما قلده الرئيس الفلسطيني محمود عباس «قلادة الكنعانيين الكبرى» عام 2018، وفي 1 أغسطس 2011 قلدت الأرجنتين سموه «وسام المحرر الجنرال سان مارتين».

من مضامين الخطاب السامي بافتتاح الانعقاد التكميليفي 20 أكتوبر 2020

• ضرورة التمسك بثوابتنا الراسخة وفي مقدمتها وحدتنا الوطنية وتضافرنا وتكاتفنا وتعاوننا كأسرة واحدة

• وحدتنا الوطنية أثبتت على مر السنين أنها بحق سلاحنا الأقوى في مواجهة كل التحديات والأزمات

• نؤكد التزامنا بالديموقراطية منهجاً وبالدستور مبدأ وبدولة القانون والمؤسسات نظاماً

• أدعوكم إلى أن تكون فزعتكم وولاؤكم للكويت... وثقتي كاملة بأن تبقى دار عز وأمان ورخاء

مقتطفات من النطق السامي بعد أداء سموه اليمين الدستورية أميراً للبلاد في 30 سبتمبر 2020

• الكویت تعرضت خلال تاریخها الطویل إلى تحدیات جادة ومحن قاسیة نجحنا بتجاوزها متعاونین متكاتفین وعبرنا بسفینة الكویت إلى بر الأمان.

• وطننا العزیز یواجه ظروفاً دقیقة وتحدیات خطیرة لا سبیل لتجاوزها والنجاة من عواقبها إلا بوحدة الصف والعمل الجاد وتضافر جهودنا جمیعاً مخلصین لخیر ورفعة الكویت وأهلها الأوفیاء.

• نؤكد اعتزازنا بدستورنا ونهجنا الدیموقراطي ونفتخر بكویتنا دولة القانون والمؤسسات وحرصنا على تجسید روح الأسرة الواحدة التي عرف بها مجتمعنـا الكویتي والتزامنا بثوابتنا المبدئیة الراسخة.

• أعاهد الله وشعب الكویت أن أبذل غایة جهدي وكل ما في وسعي حفاظاً على رفعة الكویت وعزتها وحمایة لأمنها واستقرارها وضمانة لكرامة ورفاه شعبها متسلحاً بدعم ومساندة أهل الكویت المخلصین.

قطوف من كلمة سموه بمناسبة العشر الأواخر من رمضان في 5 مايو 2021

• الكويت أمانة في أعناقنا ولن نسمح لكائن من كان أن يزعزع أمنها واستقرارها من خلال نشر دعوات مغرضة هدفها المس بوحدتنا الوطنية.

• عشنا جميعاً طوال أكثر من عام ظروفاً استثنائية استدعت الحيطة والحذر جراء تفشي وباء كورونا الذي اجتاح العالم وأثر على كل الصعد مما يتطلب المزيد من التفهم والصبر وضرورة الالتزام بالاحترازات الصحية.

• أسجل بالغ الإشادة بإخواني وأبنائي العاملين في الصفوف الأمامية والمتطوعين من المواطنين والمقيمين فلقد حملوا على كاهلهم طوال هذه الفترة مهمة التصدي لوباء كورونا في البلاد معرضين أنفسهم وحياتهم للخطر في سبيل مواجهة هذه الجائحة.

• سنظل بإذن الله تعالى صفاً واحداً ندافع عن حقوق ومكتسبات هذا الوطن وحماية مقدراته.

• جميعنا مطالبون بالوقوف في وجه الإشاعات التي تبث في منصات التواصل الاجتماعي وتحري الدقة لمعرفة الحقيقة كاملة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق