ﻧــــﻮاﻗﺺ اﻷدوﻳـــــﺔ.. ﻣﻌــــﺎﻧـــﺎة ﻳﻮﻣﻴــــﺔ

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أدوية القلب والضغط والسكر غائبة عن الصيدليات وحاضرة بأسعار خيالية فى السوق السوداء

تحركات برلمانية لمكافحة أزمة نقص الدواء وارتفاع الأسعار ومطالبات بتشديد الرقابة

حملات التفتيش تُسقط صيدليات غير مرخصة وأدوية مهربة بقيمة 60 مليون جنيه

 

رغم الجهود الحكومية المستمرة لضخ كميات إضافية من الأدوية فى السوق لتخفيف حدة الأزمة، إلا أن معاناة المرضى ما زالت مستمرة،  حيث يواجه المواطنون تحديات مزدوجة تتمثل فى نقص فى الأصناف الدوائية الأساسية وارتفاع أسعار البدائل إلى مستويات تفوق قدراتهم المالية وأصبح الحصول على الأدوية مهمة شاقة تحمل معها ضغوطًا صحية واقتصادية. يضطر العديد من المرضى للجوء إلى السوق السوداء التى تبيع الأدوية بأسعار مرتفعة للغاية ما يفاقم الأزمة. 

وأغلب الأدوية الناقصة خاصة بأمراض القلب والسكر والضغط ومن أبرزها، جليبوفين دواء سكر، كوراسور نقط دواء ضغط، ميدودرين أقراص للضغط العالى، كولشيسين أقراص دواء للنقرص، مرهم فيوسيدين مضاد حيوي، فضلاً عن ارتفاع أسعار معظم أدوية المضاد الحيوى للضعف مثل الأجمنتين، ونقص أدوية الغدة مثل التروكسين،  بالإضافة إلى عدم توافر أدوية الضغط المنخفض.

 بعض المرضى يشيرون إلى أن الوعود الحكومية بتحسن الوضع لم تنعكس بشكل ملموس، حيث لا يزال الحصول على الأدوية الأساسية مهمة شبه مستحيلة.

«الوفد» تواصلت مع عدد من المرضى فتقول سعاد، مريضة سكرى تبلغ من العمر 56 عامًا: «لا أستطيع الاستغناء عن الأنسولين، ولكننى أضطر لدفع أضعاف سعره فى السوق السوداء لأن الصيدليات خالية. وأشعر بالعجز والخوف من المستقبل»، أما أحمد، والد طفل مصاب بحساسية مزمنة، فيشكو من أن الدواء الذى كان يحصل عليه بسعر معقول أصبح يباع بأربعة أضعاف سعره، ما يعرض صحة طفله للخطر إن لم يتمكن من شرائه.

فى جانب آخر، يعانى محمد، أحد المرضى المصابين بمرض مزمن، من البحث المتواصل فى أكثر من خمس صيدليات يوميًا. وفى حال عثر على الدواء فى السوق السوداء، يجد أن سعره غير معقول. ويصف هذا الوضع قائلاً: «أشعر أن العلاج أصبح حلمًا بعيد المنال»، أما أم أحمد، وهى والدة لطفل يعانى من حساسية شديدة، فتجد نفسها مضطرة لاستخدام بدائل ليست فعالة مثل الأدوية الأصلية بسبب غياب الخيارات الأخرى.

ويضيف علي، الذى يبحث عن دواء لزوجته المصابة بمرض مناعى نادر، أن البحث يوميًا فى أكثر من 10 صيدليات لم يعد يجدى نفعًا، وأن البدائل المتاحة مرتفعة الثمن ولا تناسب حالتها، ما يجبره على الاستدانة لتأمين العلاج.

وتواصل مريم، مريضة بالسكري: «كلما ذهبت إلى الصيدلية أجد الأرفف فارغة، وعندما أتمكن من إيجاد الدواء فى السوق السوداء، أضطر لدفع أضعاف سعره. ليس لدى خيار آخر، ولكن كل هذه التكاليف تثقل كاهلي».

أما مصطفى، مريض يعانى من مرض مزمن يحتاج إلى أدوية يومية، فيقول: «البدائل الموجودة ليست فعالة مثل الأدوية الأصلية التى كنت أستخدمها. وإن وجدت البدائل، فإن أسعارها ترتفع بشكل جنوني. وأحيانًا، أجد نفسى مضطرًا لشراء دواء لا أضمن جودته، لكن لا أستطيع المخاطرة بصحتي».

جروبات مواقع التواصل الاجتماعى مليئة بعشرات المرضى الذين يبحثون يومياً عن الدواء، فتقول  ريم يحيى: «حد يوصل صوتى للمسئولين. أنا من أصحاب الأمراض المزمنة، وكل الأدوية ناقصة. أين أبسط الحقوق مثل الأكل والشرب والعلاج؟ الأسعار فى ارتفاع مستمر، والأدوية غير متوفرة. دخلنا لا يكفى لتغطية أبسط احتياجاتنا».

تحرك برلمانى

فى هذا السياق، طالب الدكتور إيهاب رمزي، عضو مجلس النواب وأستاذ القانون الجنائي، الحكومة بالتحرك السريع لمكافحة السوق السوداء التى تهيمن على أدوية السرطان والحقن المجهرى والهرمونات، مشيرًا إلى أن أسعار هذه الأدوية تضاعفت بشكل غير معقول فى الأسواق الموازية، حيث تُباع بأسعار تتجاوز أضعاف الأسعار الرسمية فى الصيدليات.

وفى سؤال وجهه إلى المستشار الدكتور حنفى جبالي، رئيس مجلس النواب، تساءل رمزى عن السبب فى صمت الحكومة تجاه بيع أدوية السرطان فى السوق السوداء بأسعار تصل إلى 5000 جنيه، بينما لا يتجاوز سعرها الرسمى 417 جنيهًا. كما تساءل عن دور الأجهزة الرقابية بوزارة الصحة فى مواجهة هذه الظاهرة.

وأكد رمزى أن نقص الأدوية أصبح أزمة حقيقية، خاصة بعد تحرير سعر الصرف فى مارس الماضي، ما أدى إلى زيادة كبيرة فى تكاليف إنتاج الأدوية بنسبة 40% إلى 50%. وأشار إلى أن بعض الأدوية، مثل أدوية الأورام والحقن المجهري، ما زالت مفقودة بشكل كبير فى الأسواق، ما دفع بعض التجار للاستفادة من هذا النقص لبيع الأدوية بأسعار غير رسمية. على سبيل المثال، يُباع دواء (جونيابيور) فى السوق السوداء بسعر 2000 جنيه بدلاً من 395 جنيهًا فى الصيدليات الرسمية.

وطالب رمزى وزارة الصحة بزيادة التوعية الإعلامية للمواطنين لتجنب الوقوع فى فخ السوق السوداء، مشددًا على ضرورة تحرك الحكومة السريع لوقف هذه الممارسات التى تضر بصحة المواطنين وتساهم فى تكديس الثروات على حساب معاناتهم.

تشديد الرقابة

النائب محمود قاسم، عضو مجلس النواب، شدد على ضرورة تشديد الرقابة على الصيدليات لمنع التلاعب بالأدوية واحتكارها، مشيراً إلى نجاح الأجهزة الأمنية فى القبض على مالك صيدلية بمحافظة الإسكندرية لتخزينه أقراص أدوية طبية بقصد حجبها عن التداول لرفع أسعارها والتلاعب فى الأدوية الخاصة بمنظومة التأمين الصحى، مطالباً بتكثيف الرقابة وشن حملات تفتيشية واسعة على مختلف الصيدليات على مستوى الجمهورية لمواجهة مختلف أنواع الفساد والمخالفات بداخلها.

 

وتساءل قاسم فى طلب إحاطة تقدم به للمستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء والدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، عن أسباب وجود سعرين للدواء الواحد داخل الصيدليات فى نفس اليوم؟ ولماذا عندما تكون هناك أدوية قديمة ويتم رفع الأسعار فتقوم الغالبية الكاسحة من الصيدليات ببيع الأدوية بالأسعار الجديدة، رغم أنها كانت من الأدوية القديمة وبالأسعار القديمة؟ مؤكداً أن سوق الدواء المصرى يتطلب سياسات جديدة وحاسمة تضمن القضاء نهائياً على مختلف أنواع الفساد والمخالفات داخل الصيدليات والقطاع الدوائي.

كما طالب بحظر بيع أى أدوية داخل الصيدليات إلا من خلال الحاصلين على كليات الصيدلية والمقيدين بنقابة الصيادلة، وعدم وجود أى أشخاص غير مؤهلين للعمل داخل جميع الصيدليات وعدم صرف أى نوع من الأدوية إلا من خلال روشتة من أطباء متخصصين لخطورة ذلك على صحة المواطنين.

مكافحة التهريب

أكد الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، أن تهريب الدواء المصرى إلى الخارج ليس وليد اليوم، لكنه دائمًا ما كان يتم تهريبه وليس فقط للسودان وليبيا، ولكن يتم تهريبه لدول الخليج، إلا أنه خلال الفترة الحالية هناك رقابة على المنافذ لمنع التهريب.

وأضاف الدكتور على عوف أن الأدوية التى تباع على الأرصفة فى دول السودان أو ليبيا من الممكن أن تكون غير مهربة من مصر، ولكن من الممكن أن تكون مغشوشة.

وأوضح: أن صناعة الدواء لها ضوابط وتحت رقابة هيئة الدواء بداية من المادة الخام وحتى الدواء وتوصيله للصيدليات، مشددًا على أن تهريب الأدوية إلى الخارج لن يؤثر على مخزون الدواء فى مصر، كما أنه ليس هناك نقص فى أدوية الأورام.

وأكد أن التفتيش الصيدلى هو درع هيئة الدواء المصرية فى مواجهة الخارجين عن قواعد ضبط سوق الدواء المصري، مشيراً إلى أن الهيئة تدعم مسيرة التفتيش الصيدلي، وتسعى دوماً إلى تطوير أدواته وإمكانياته.

وأشار إلى أن التفتيش الصيدلى هو حصن الأمان لدواء المصريين، وأنه الضمانة الحقيقية لاستمرار جودة وفاعلية وأمان المستحضرات الدوائية المصرية، مؤكداً أن الهيئة لديها استراتيجية محكمة لحوكمة القطاع بهدف تأمين دواء المصريين. مضيفاً أنه يتم التواصل مع جميع الأطراف لمواجهة الأدوية المهربة ومجهولة المصدر.

وتابع: نستهدف تطبيق التتبع الدوائى كإحدى أدوات مواجهة الأدوية المجهولة المصدر أو المهربة، مشيراً إلى  أن عملية تشغيل التتبع الدوائى إنما هى ضمانة حقيقية لتوفير سوق خالٍ من أى أدوية مهولة المصدر، بالإضافة إلى تتبع صرف الأدوية حتى وصولها للمريض المستحق للعلاج.

حملات تفتيشية

شنت هيئة الدواء المصرية وفروعها بالمحافظات بالتنسيق مع الجهات الرقابية والأمنية المختلفة، حملات تفتيش موسعة، خلال الأيام الماضية، على المؤسسات الصيدلية بجميع أنحاء الجمهورية؛ حيث شمل التفتيش المرور على ما يزيد على 26 ألف مؤسسة صيدلية من الصيدليات العامة والخاصة بالمستشفيات، ومخازن الأدوية وشركات التوزيع ومصانع الأدوية.

وأكدت الهيئة أنه تم تنفيذ ما يقارب 470 حملة تفتيشية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، وتم ضبط العديد من المخالفات؛ تنوعت ما بين ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بهيئة الدواء المصرية، وعدم تواجد المدير الصيدلى المسئول أو من ينوب عنه، ومزاولة مهنة بدون ترخيص وأماكن غير مرخصة.

جاء أبرزها بناءً على المعلومات الواردة إلى هيئة الدواء المصرية، حيث تم ضبط 78 مؤسسة غير مرخصة، وذلك عقب تقنين الإجراءات، لقيامهم بتخزين كميات من الأدوية وحجبها عن التداول، بمحافظات الفيوم والقاهرة والجيزة والشرقية والدقهلية والإسكندرية والمنوفية والغربية وبنى سويف، بالإضافة إلى ضبط عدد من الأماكن غير المرخصة تدار كصيدليات بدون ترخيص.

وأعلنت عن أنه تم ضبط 5 أماكن تصنيع غير المرخصة بمحافظات المنوفية والجيزة والشرقية، تقوم بتصنيع مستلزمات طبية معقمة وماء مقطر للاستخدام بالمضادات الحيوية وأدوية ومكملات غذائية ومطهرات، وذلك قبل تداولها بالأسواق، وتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية؛ حيث بلغت القيمة التقديرية للمضبوطات أكثر من 60 مليون جنيه مصري.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق