شهد اليوم الثاني من فعاليات ندوة دار الإفتاء الدولية الأولى انعقاد الجلسة العلمية الثانية، تحت عنوان "حماية الأمن الفكري: التحديات وطرائق الفتوى في المواجهة"، بكلمة لرئيس الجلسة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والتي استهلَّها بتوجيه الشكر والتقدير لفضيلة الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية، على رعايته الكريمة للندوة، مثنيًا على الجهود الكبيرة التي تبذلها دار الإفتاء المصرية في التصدي لقضايا العصر وتعزيز الأمن الفكري.
وأشاد الدكتور شومان بالنجاح اللافت الذي حقَّقته الندوة في يومها الأول، والذي كان حافلًا بالأنشطة والنقاشات العلمية الثرية؛ مما يعكس مدى جِديَّة العلماء المشاركين وقدرتهم على الالتزام بالمواعيد المحددة لتقديم رؤاهم الفكرية بأسلوب علمي ومنهجي.
كما رحَّب بالحضور الكريم، مؤكدًا أهمية هذه اللقاءات العلمية في التصدِّي للتحديات الفكرية التي تواجه المجتمع.
وأكَّد أن هذه الندوة تمثِّل منصة علمية رائدة لتعزيز قيم الحوار والانفتاح الفكري، بما يسهم في تقديم طرائق فتوى فعالة لمواجهة القضايا الملحَّة في مجتمعاتنا.
وقدم الدكتور إبراهيم ليتوس، مدير الأكاديمية الأوروبية للتنمية والبحث في بلجيكا، مداخلة في الجلسة العلمية الثانية استعرض فيها بحثه بعنوان "الفتوى في المجتمع الأوروبي: ما لها وما عليها - بلجيكا أنموذجًا" وبيَّن العديد من القضايا الهامة المتعلقة بتحديات الفتوى وتأثيرها على الأمن الفكري.
وأكد د. ليتوس أنَّ "تزايد أعداد المسلمين في أوروبا يعكس الحاجة الملحة إلى فتاوى صحيحة تساعد المجتمعات المسلمة في التعامل مع القضايا اليومية والنوازل". مشددًا على أن "الفتوى داخل هذه المجتمعات تختلف تمامًا عن تلك الموجودة في العالم الإسلامي، حيث تعتبر الفتوى في السياق الأوروبي مؤسسة قائمة بذاتها ذات تأثير كبير على الأفراد والمجتمعات".
وأشار ليتوس إلى "العلاقة الجدلية بين السلطة العلمية الدينية والسلطة السياسية"، موضحًا أن "الفتوى لها دَور حسَّاس في كيفية التفاعل مع القوانين الوطنية والمجتمعات المحلية". كما تناول التحديات التي تواجه الفتوى في أوروبا، حيث أشار إلى "تغليب التدين الفردي" و"طبيعة المؤسسات الدينية في بيئة علمانية"، مؤكدًا على أهمية الفتوى كآلية لضبط العمل الإسلامي وتعزيز الأمن الفكري.
وأضاف د. إبراهيم ليتوس: "إن الأمن الفكري يعد من الأبعاد الاستراتيجية للأمن القومي والوطني، ويعتبر وسيلة مهمة للحفاظ على السلم الاجتماعي". وذكر أن "المجالس الإفتائية مسؤولة عن تعزيز هذا الأمن من خلال تقديم فتاوى عصرية وبحوث رصينة، تساهم في تقديم إجابات للمتدينين والناشئة وتساعد على ترسيخ ثقافة الحوار والتسامح".
كما أشار إلى ضرورة تزويد الفكر بالمعرفة الصحيحة كوسيلة لمواجهة التطرف، حيث قال: "الأمن الفكري يتطلب منا توفير معلومات دقيقة وصحيحة، فالجهل هو بيئة خصبة لتنامي الأفكار المتطرفة". وخلص إلى أن "تعزيز المناعة الفكرية يعد من أولويات دور وهيئات الإفتاء في إصلاح الخطاب الديني".
وفي ختام كلمته، ثمَّن مدير الأكاديمية الأوروبية للتنمية والبحث في بلجيكا جهودَ دار الإفتاء المصرية في تنظيم هذه الندوة، معبرًا عن اعتقاده بأنَّ مثل هذه الفعاليات تُسهم في تعزيز الفهم الصحيح للإسلام وتحقيق الأمن الفكري في المجتمعات الأوروبية.
0 تعليق