مساحة للوقت
المشهد السوري اليوم اصبح مرصوداً بدقة، ورغم ما شهدناه يوم الجمعة الماضي في أول ظهور ابتهاجاً بانتصار الشعب وثورته السلمية، واختفاء كل المظاهر العسكرية، وإطلاق المفرقعات والالعاب النارية بديلاً عن الرصاص.
والتحام كل طوائف الشعب السوري بكل المحافظات والمدن والبلدات والقرى والأرياف بالقطر السوري الشقيق فرحاً، وتلاحماً مع بعضه بعضاً، يستدعي أن نقول لكم: إن سورية وشعبها العظيم أدرى بشعابها، لذلك علينا أن ننتظر ما ستقدم عليه الحكومة السورية الجديدة الموقتة من برنامج حكومي لتصحيح الأوضاع، السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وبعد ثلاثة أشهر علينا رسم خارطة للموقف السياسي للمستقبل الذي بات اليوم بيد رئيس الوزراء الجديد، وحكومته.
رغم الضغوط الكبيرة نحن نأمل نجاح جهود الأشقاء السوريين للنهوض ببلادهم من جديد، فاليوم اتضحت لنا وجهة كل الدول العربية اتجاه استقرار الأوضاع السورية، ومد جسور التواصل والتعاون مع الحكومة الموقتة ومساعدتها على إنهاء مشكلاتها المتراكمة، نتيجة لحكم عسكري طائفي دموي دام 54 عاماً.
نحن بالتأكيد نعرف إمكانات هذا الشعب الراقي، والمتمكن بقدراته البشرية من خبرات عديدة ومتنوعة، لرجال ونساء ذوي قدرات ومهارات وكفاءات مختلفة في كل المجالات، ومن الممكن الاستفادة منها، وتوظيفها بشكل صحيح لعودة الحياة الطبيعية لهذا الوطن والمجتمع الذي عانى الظلم والتشرد طوال 54 عاماً.
نعم، سورية أدرى بشعابها لذلك علينا دعمها من دون تدخل بشؤونها الداخلية، ونتركها لتقرير ما تراه مناسباً لمستقبلها السياسي، وعلاقاتها العربية والدولية، بعد أن تحقق آمالنا بعودتها للحضن العربي والإسلامي والدولي، وتصحيح مسار علاقاتها السياسية والديبلوماسية بالاتجاه الصحيح، والمعاكس لما كانت عليه في العهد السابق، الذي تلاشى وسقط بأعجوبة أمام إصرار هذا الشعب المعروف بنضاله الوطني طيلة تاريخه وكفاحه الطويل، الذي سطره شهداء واحرار سورية العظيمة.
نعم، اتركوا سورية لأنها أدرى بشعابها، وتاريخها العريق شاهداً على كفاحها المدون في سجلات وصفحات التاريخ.
كل الأمنيات لسورية الباسلة بتحقيق أمنيات شعبها، المقهور والمكلوم، في مستقبل واعد راق لا تشوبه شائبة، وتحية لتكاتف كل السوريين، بأعراقهم وطوائفهم، وإنسانيتهم الراقية التي ارتقت على الجراح والآلام... والله ولي التوفيق.
كاتب كويتي
0 تعليق