علماء «ندوة الإفتاء الدولية» يتحدثون لـ«الدستور»

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

استضافت دار الإفتاء المصرية، أمس وأمس الأول، ندوة دولية تحت عنوان «دور الفتوى وتحقيق الأمن الفكرى»، بمشاركة واسعة من علماء ومفتين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى عدد من الوزراء وعلماء الأزهر الشريف.

جاءت هذه الندوة فى إطار الجهود المستمرة التى تبذلها دار الإفتاء لنشر الفكر الوسطى، وتعزيز قيم الاعتدال والتعايش بين مختلف الثقافات والأديان، بما يسهم فى مكافحة الفكر المتطرف، وتعزيز دور المؤسسات الدينية فى نشر الأمن الفكرى على مستوى العالم، من خلال مشاركة علماء من مختلف دول العالم الإسلامى، فضلًا عن وزراء وكبار مسئولين من مصر.

«الدستور» أجرت لقاءات مع عدد من علماء العالم الإسلامى المشاركين فى الندوة، حول أهمية الفتوى فى صناعة وتحقيق الأمن الفكرى، والدور الذى تلعبه فى بناء المجتمعات المستقرة.

إبراهيم ليتوس: «الأمن الفكرى» ضرورة لمواجهة التطرف والأفكار الشاذة.. والفتاوى المستوردة «خطر»

أكد الدكتور إبراهيم ليتوس، مدير الأكاديمية الأوروبية للتنمية والبحث فى بلجيكا، الحاجة إلى الفتوى الصحيحة للتعامل مع القضايا اليومية، والنوازل التى تواجهها المجتمعات المسلمة فى أوروبا.

وقال «ليتوس»: «لا يمكن أن ننكر أن الفتوى لها تأثير ظاهر على الأفراد والدول والمجتمعات، وأنه من الخطأ تجاهل العلاقة الجدلية القائمة بين السلطة العلمية الدينية، والسلطة السياسية أو المسئولة عن إنفاذ القانون على الجميع».

وأضاف: «عندما ننظر إلى حالة الإفتاء فى العالم الإسلامى، خلال الفترات الأولى للدين، نجد أن تلك العلاقة الجدلية كانت حاضرة، فضلًا عن أن الفتوى لها دور حساس فى التفاعل مع القوانين الوطنية والمجتمعات المحلية».

ونبه «ليتوس» إلى وجود فارق بين الفتوى فى المجتمع الإسلامى بأوروبا، والفتوى فى المجتمع الإسلامى داخل البلدان المسلمة نفسها، فى ظل تغليب «التدين الفردى» فى أوروبا، وهو غير مقيد بمذهب فقهى أو مدرسة فكرية معينة.

وواصل: «ينبغى كذلك مراعاة طبيعة وحدود المؤسسات الدينية نفسها، نظرًا لوضعيتها القانونية المحدودة، واشتغالها فى فضاء ذى طابع علمانى، يفصل بين الدينى والدنيوى، أو بين الدين والدولة».

وشدد على أن الفتوى آلية مهمة لضبط العمل الإسلامى، على مستوى التوجيه والإرشاد، وكذلك لتعزيز الأمن الفكرى لدى المسلمين والشباب. كما أنها من الأمور المهمة لمعالجة الأفكار الشاذة والمضللة، خاصة فى ظل انتشار التيارات العابرة للقارات، وتفاقم نشاط الجماعات الإسلامية المتطرفة والعنيفة فى عصر «الرقمنة» والإعلام الجديد.

ورأى «ليتوس» أن الأمن الفكرى الذى تشرف عليه الهيئات الإفتائية السديدة، مثل الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، بمقرها الموجود فى مصر، يعتبر من أهم المرجعيات الإسلامية على المستوى العالمى دون منازع، معتبرًا أن برامجها وما تصدره من فتاوى عصرية وبحوث رصينة فى غاية الأهمية، وداعمة للأمن الفكرى والروحى للمسلمين، وضامنة لحاملى فكر الوسطية والاعتدال فى العالم.

وقال مدير الأكاديمية الأوروبية للتنمية والبحث فى بلجيكا إن قضية الأمن الفكرى اليوم من أهم الأبعاد الاستراتيجية للأمنين القومى والوطنى، وإحدى الوسائل المهمة للحفاظ على السلم الاجتماعى، ومستقبل التنمية الشاملة واستمرارها، لذا يعتبر مسألة جوهرية وأساسية فى تصحيح الأفكار، والتفريق بين الصحيح والسقيم والغث والسمين.

وأشاد بحسن اختيار عنوان ندوة «الإفتاء»: «الفتوى وتحقيق الأمن الفكرى»، مضيفًا: «بفضل هذه المجالس والهيئات يمكن الإسهام فى تحقيق الأمن والسلام بين مكونات المجتمعات الأوروبية، والحد من مخاطر التطرف الفكرى والإيديولوجى، معتمدة فى ذلك على المنحى العلمى، من أجل بلورة فتاوى متزنة».

وواصل «ليتوس»: «كما يمكن من خلالها بلورة فتاوى مناسبة للمجتمع الأوروبى، شريطة أن تكون محلية الصنع، لصياغة رؤى واقتراحات لحلول هادفة للكثير من الظواهر المنتشرة، والتنبيه على خطورة الفتاوى المستوردة، وما قد تحمل فى طياتها من أضرار وأخطاء فى تحقيق مناطات الحكم، أو قد تكون فى كثير من الأحيان مسيَّسة ومؤدلجة وغير صادرة من جهات ذات مصداقية ومشهود لها بالعِلمية والاقتدار».

وأكمل: «يمكن صناعة الأمن الفكرى من خلال تحصين فكر الإنسان من أى انحراف يظهر فى سلوكه، الذى يعد على المدى البعيد خطرًا على أمن المجتمع واستقراره، والعمل على تطوير المناهج التعليمية فى المرحلتين الثانوية والجامعية، اللتين تعدان أخطر المراحل فى عمر الشباب، وأحد الأساليب الوقائية القوية التى تقف حاجزًا منيعًا أمام أى اختراقات فكرية، وتعطى الشباب فرصة لتكوين وتشكيل أمن فكرى ذاتى والتسلح به، بما يصنع منهم جيلًا منفتحًا ومتسامحًا، من خلال الالتزام بمبادئ التسامح والعدل والوسطية».

محمد الياقوتى: نقدر دور القاهرة فى مكافحة الإرهاب والدفاع عن القضايا العربية 

وجه الدكتور محمد الياقوتى، وزير الأوقاف والشئون الإسلامية السودانى الأسبق، الشكر والامتنان إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، على دعمه ورعايته الندوة الدولية لدار الإفتاء المصرية، مؤكدًا أن هذا يعكس اهتمام القيادة المصرية بدعم القضايا الإسلامية والإنسانية الكبرى. وأعرب عن تقدير الوفود المشاركة لمصر، أرض الكنانة، والدور الذى تقوم به فى خدمة الإسلام والمسلمين، مشيرًا إلى المكانة الفريدة التى تحتلها مصر فى قلوب المسلمين، مضيفًا أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أثنى على جيشها، واصفًا إياه بأنه «خير أجناد الأرض». وأوضح أن مصر ليست مجرد دولة، بل هى رمز للحضارة الإسلامية والتاريخ العريق، مشيدًا بدورها المحورى فى الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وأعرب «الياقوتى»، خلال كلمته، عن دعم الوفود المشاركة مصر فى مواجهة كل التحديات، مؤكدًا رفضهم القاطع مخططات الإرهاب التى تستهدف تقسيم الدول وإثارة الفتن، ومشددًا على أن وحدة واستقرار الدول العربية والإسلامية أمر لا يقبل المساومة. كما دعا إلى تعزيز الجهود الإفتائية فى مواجهة الفكر المتطرف، مشيرًا إلى أهمية دور المؤسسات الإفتائية فى ترسيخ الأمن الفكرى والاستقرار المجتمعى.

ولفت إلى أن المشاركين فى الندوة لمسوا رغبة حقيقية من ممثلى هيئات ومؤسسات الإفتاء، ومن علماء الفكر والدين، فى مواجهة التحديات الفكرية التى تحيط بعالمنا المتسارع، معربًا عن تفاؤله الكبير بما طرحته الندوة من أفكار وحلول قابلة للتطبيق، تسهم فى مواجهة المشكلات المعاصرة.

وأشاد بدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، واصفًا إياها بأنها نموذج يحتذى به فى تقديم رؤى فقهية عميقة ومستبصرة بقضايا الأمة، وأعرب عن أمله فى استمرار هذه الجهود المثمرة، مؤكدًا أهمية تنظيم مثل هذه الندوات بشكل دورى لما تقدمه من مخرجات تخدم الإنسانية.

ودعا «الياقوتى» إلى أن يحفظ الله مصر وشعبها وقائدها الرئيس السيسى من كل سوء، وأن يبارك فى جهودها لخدمة الإسلام والمسلمين.

مصطفى تيسيرتش: ميثاق الفتوى إضافة لمسيرة أمانة دور الإفتاء

اعتبر الشيخ الدكتور مصطفى تيسيرتش، المفتى السابق للبوسنة والهرسك، أن مشاركته فى الندوة الدولية الأولى التى تنظمها دار الإفتاء المصرية تمثل فرصة ثمينة للتأكيد على دور العلماء فى تعزيز الأمنين الفكرى والاجتماعى فى مواجهة التحديات الراهنة، مشيرًا إلى أن «ميثاق دور الفتوى فى تحقيق الأمن الفكرى» يمثل إنجازًا نوعيًّا وإضافة مهمة لمسيرة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم.

وأكَّد «تيسيرتش» أن الأمة الإسلامية تعيش فى وقت يشهد تغيرات متسارعة وغير مسبوقة، ما يضع على عاتق العلماء مسئولية كبيرة فى بيان صحيح الدين، وهداية الناس إلى الأمن والسلام، بعيدًا عن الشكوى من صعوبات العصر. 

وأوضح أن الأزهر الشريف علَّم العلماء ضرورة مواجهة التحديات بروح الإيمان الصادق والعقل السليم، والسعى لتحقيق الأمن والسلام المستديمين.

وأشار إلى ميثاق دور الفتوى الصادر فى ٢٠١٥ وأهميته التى تنبع من طبيعة المرحلة الراهنة المليئة بالصراعات الفكرية والاجتماعية، ما يتطلب من العلماء والمفتين أداء دورهم فى تحقيق الاستقرارين الفكرى والاجتماعى.

وقال «تيسيرتش» إن بنود الميثاق صِيغت بعناية فائقة، مستندة إلى قيم ومبادئ إسلامية وإنسانية، وركزت على ضرورة تحقيق التوازن بين النصوص الشرعية ومتغيرات الواقع، مشيرًا إلى أن هذا التوازن يمثل خطوة أساسية لضمان قيام الفتوى بدورها الفعال فى معالجة القضايا الراهنة وتوجيه المجتمع نحو الاستقرار الفكرى.

ولفت إلى أبرز التحديات الفكرية التى تناولها الميثاق، ومنها: الإلحاد، والسيولة الأخلاقية، والتطرف الفكرى، والفوضى فى إصدار الفتاوى، مبينًا أن الميثاق يسعى إلى تقديم خطاب شرعى مستنير يتسم بالعقلانية والوسطية، مع تعزيز الوحدة الوطنية والقيم المشتركة بين أفراد المجتمع، بما يسهم فى التنمية الشاملة.

وأثنى على حزمة الإجراءات التى اقترحها الميثاق لضمان تطبيقه العملى، مثل إنشاء منصات رقمية رسمية للفتوى، وتنظيم دورات تدريبية للمفتين، وتعزيز التعاون مع المؤسسات التعليمية والحكومية، وإطلاق مبادرات دولية لتفعيل دور الفتوى فى مواجهة الأزمات الفكرية.

ووجَّه مفتى البوسنة الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى على دعمه المستمر العلم والعلماء، وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، على جهودها الكبيرة فى مواجهة الأزمات الفكرية والأخلاقية.

كما هنَّأ الدكتور نظير عياد بمناسبة تعيينه مفتيًا لجمهورية مصر العربية، متمنيًا له التوفيق فى مهمته الجليلة، مؤكدًا أهمية الحفاظ على وحدة الأمة، مع التشديد على ضرورة دعم حقوق الشعب الفلسطينى، معتبرًا أن تحقيق الأمن والسلام العالميين يبدأ بضمان الأمن والسلام لفلسطين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق