ارتفاع أسعار المواد الخام وصعوبة التمويل يشرد آلاف العمال ويهدد الاقتصاد الوطنى
تشهد مصر فى السنوات الأخيرة ظاهرة مقلقة تتمثل فى إغلاق العديد من المصانع وتعثر قطاع الصناعات بشكل ملحوظ، ما يلقى بظلاله على الاقتصاد الوطنى وعلى حياة مئات الآلاف من العمال وأسرهم، بين ارتفاع تكاليف المواد الخام والطاقة، وصعوبة الحصول على التمويل، وضعف القدرة التنافسية فى الأسواق المحلية والدولية، تتعدد الأسباب التى أدت إلى هذه الأزمة.
وفى ظل هذه التحديات، يبقى السؤال: كيف يمكن إنقاذ قطاع الصناعة المصرى الذى يُعدّ حجر الأساس للاقتصاد الوطنى؟
تستعرض «الوفد» أبرز أسباب انهيار المصانع، وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية، مع إلقاء الضوء على المبادرات والحلول الممكنة لاستعادة عافية هذا القطاع الحيوى.
التمويل وسوء الإدارة وراء انهيار مصانع الغربية
شهدت محافظة الغربية فساداً ممنهجاً فى العديد من قلاعها الصناعية، على مدار السنوات الماضية ما أدى إلى انهيار المصانع وإجبار مئات العمال على الخروج «معاش مبكر»، وبيع كثير من أراضى وأملاك تلك المصانع، ومن بين القلاع الصناعية التى تعثَّرت خلال السنوات الأخيرة شركات مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، وطنطا للكتان والزيوت، وسمنود للنسيج والوبريات، بالإضافة إلى قرابة 2000 مصنع ما بين صغير ومتوسط بمدينة المحلة تعرضوا لإغلاق بسبب سوء الإدارة من ناحية وقلة التمويل من ناحية أخرى.
وصرح أصحاب المصانع بأن هنالك أسباباً عديدة وراء تعثر تلك المصانع أغلبها مشاكل فى التمويل والإدارة، وأكدوا أهمية إعادة تشغيل هذه المصانع لتوفير المزيد من فرص العمل من خلال حل التحديات التى تواجه إعادة التشغيل خاصة المتعلقة بتوفير تمويلات ميسرة مع التأكد من جدوى المشروع قبل إعادة تمويل تشغيل المصنع.
وأكد محمد الزفتاوى، صاحب مصنع ملابس، أن هناك أسباباً أخرى وراء تعثر عدد كبير من المصانع ما بين أخطاء فى دراسات جدوى المشروع الصناعى أو ارتفاع تكلفة التمويل بعد زيادة أسعار الفائدة، إلا أن سوء الإدارة من وجهة نظرة يحتل المركز الأول فى انخفاض الإيرادات وتحقيق المصنع خسائر ضخمة أدت إلى توقفه عن التشغيل»، معرباً عن تخوفه من مدى نجاح مبادرة الحكومة فى حل مشاكل المصانع المتعثرة، لافتاً إلى أن المصانع الكبيرة مشكلتها الأولى فى سوء الإدارة، فأغلب المصانع الكبرى بسمنود والمحلة بها كوادر بشرية وخبرات نادرة من العمالة وبها ماكينات حديثة، ولكن دائماً ما يتم الاستعانة برؤساء لتلك الشركات غير ملمين بأصول وقواعد العمل ولا يحسنون إدارة الموارد فيصبحون السبب فى إغراق تلك القلاع الصناعية فى الديون بعد أن كانت تحتل مراكز عالمية فى تصدير أجود المنتجات.
وشدد «الزفتاوى على ضرورة توفير تمويل للمصانع المتعثرة بفائدة ميسرة تتراوح لتتمكن من تحديث الماكينات والمعدات وشراء المواد الخام، جدولة مديونيات البنوك مع منح المصانع المتعثرة فترات سماح إضافية، إعادة النظر فى الخلافات الضريبية وإسقاط متأخرات الضرائب على المصانع المتعثرة ودراسة إلغاء الضريبة العقارية بصفة نهائية وبصفة خاصة للمصانع الصغيرة والشركات الناشئة.
وأتفق معه فى الرأى محمد سعد صاحب مصنع بلاستيك، مؤكداً أهمية مبادرات التمويل بفائدة ميسرة لتوفير تمويلات للمصانع المتعثرة مالياً لإعادة تشغيلها مرة ثانية، نظراً لارتفاع أسعار الفائدة بالبنوك فى الفترة الحالية مما يرفع تكلفة الاقتراض، مضيفاً أنه يجب استخدام القروض فى تمويل رأس المال العامل للمصانع المتعثرة حتى تعود للتشغيل، وتحقيق إيرادات يمكنها من سداد أقساط القروض، على أن يتم جدولة القروض القديمة، مؤكداً على ضرورة التأكد من دراسة جدوى المصانع قبل تمويلها لضمان تحقيقها عائد مجزى حتى لا تتكرر تعثرها مرة ثانية.
أوضح «سعد» أن هناك عدة أسباب للتعثر أولها أن تحرير سعر الصرف أدى لتأكل رأس المال العامل وبصفة خاصة للمصانع الصغيرة والمتوسطة، فضلًا عن إرتفاع تكلفة الأجور والخدمات والطاقة وزيادة الفائدة على القروض.
مشيراً إلى أن أهم أسباب التعثر أيضًا الارتفاع الكبير فى أسعار الخامات وعدم إجراء دراسات جدوى مناسبة وغياب مهارات التسويق وتراكم المنازعات الضريبية وتصاعد غرامات التأخير، فضلًا عن الضريبة العقارية التى تمثل الملف الأكبر لدى المصانع المتعثرة.
على الرغم من المحاولات الحكومية المتكررة، لم نرَ أى نتائج ملموسة منذ سنوات، بل الأوضاع تزداد سوءًا يومًا بعد يوم بهذه العبارة بدأ بها صاحب مصنع سيراميك رفض ذكر اسمه حديثه معنا، مضيفاً كنا نحقق أرباحًا جيدة حتى عام 2015، لكن بعد تعويم الجنيه، ارتفعت أسعار الخامات الأساسية بشكل كبير، ما أدى إلى زيادة الأعباء المالية على المصنع. ومع استمرار ارتفاع الأسعار، أصبحت الأمور أكثر صعوبة، بالإضافة إلى ذلك، تسببت التعديلات الإدارية والمالية التى اتبعتها الحكومة، مثل زيادة الفائدة على القروض وارتفاع الضرائب، فى تفاقم الأعباء، ما اضطرنى لتقليص عدد العمالة لمواجهة الضغوط المالية.
وتابع حديثه قائلاً شبح الإفلاس والإغلاق بيطاردنى مثلما حدث مع عشرات المصانع التى تعمل فى مجالى معرباً عن أمله أن تنجح مبادرة الحكومة الأخيرة فى حل مشاكل أصحاب المصانع المتعثرة.
آمال كبيرة يعلقها أصحاب المصانع، بمحافظة الغربية، عقب توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى وزارة صناعة بضرورة توفيق أوضاع المصانع المتعثرة ومنحها مهلة إضافية تصل إلى 18 شهرًا لاستخراج رخص البناء، وذلك وفق ضوابط محددة فى إطار دعم الصناعة المحلية وتخفيف الأعباء الإدارية عنها، مع ضمان الرقابة الشفافة والفعالة على العمليات الإنتاجية، فهل ستنجح مبادرة الحكومة فى إعادة تشغيل المصانع المتعثرة من خلال توفير تمويلات بفائدة ميسرة للمصانع المتعثرة مالياً أو تسهيل الإجراءات للمصانع المتعثرة لأمور فنية أو إيجارية؟
من جانبه، أشاد اللواء أشرف الجندى، محافظ الغربية، بتوجيهات الدولة، بوضع حلول غير تقليدية للمساعدة فى إعادة تشغيل المصانع المتعثرة حفاظًا على ما تم ضخه من استثمارات وحماية لحقوق العمال، خاصة أن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة يوفر تكاليف الإنشاء وغيرها من المصروفات ويمكن أن يبدأ الإنتاج فى نصف المدة التى يستغرقها بناء مصنع جديد.
وأكد محافظ الغربية أهمية مدينة المحلة الكبرى كمركز صناعى رائد، قائلاً المحلة الكبرى تعد من أعرق المدن الصناعية فى مصر، وهى قلب صناعة الغزل والنسيج، وفى ظل الدعم الكبير من القيادة السياسية، ستصبح المحلة مدينة صناعية من الطراز الأول.
وشركات الاسنكدرية..خرابات
فى الوقت الذى تعمل فيه الدولة على تسهيل إجراءات الاستثمار وحل مشكلات الصناعة المصرية بهدف دفع عجلة التصدير، ما زالت هناك شركات بالإسكندرية تحتاج إلى استغاثة لما حدث لها من انهيار، مثل شركة «ستياء وفستيا» للغزل والنسيج التى أغلقت وتحولت إلى أماكن مهجورة، بعد أن تبددت أحلام أصحابها، فمنهم من تلاحقه الديون ومنهم من يأمل تدخل الدولة لإيجاد حل.
وتسير بعض الشركات على نحو الانهيار، مثل شركة النحاس التى تعتبر من الشركات الهامة ورغم ذلك لم تجد اهتماماً بها قبل فوات الأوان، فى انتظار الأمل الذى أعاده لهم تصريحات الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، أن هناك استراتيجية وطنية للصناعة، ارتكزت على 7 محاور، الأول منها يشمل تعميق الصناعة من خلال إنشاء مصانع جديدة لتوفير جزء من احتياجات السوق المحلى ومستلزمات الإنتاج المستوردة، بهدف جذب مستثمرين وبجودة عالية وبأسعار منافسة للمُستورد.
وتواجه الصناعة أزمة كبيرة، وخير دليل على الأزمة، ما حدث لشركة النحاس المصرية التى تأسست عام 1935، وكان الغرض الرئيسى من الترخيص هو درفلة النحاس, والنحاس الأصفر إلى ألواح وأقراص لصناعة الأوانى المنزلية، ثم أضيف لنشاط الشركة لاحقا صناعة الألومنيوم وبعض الصناعات الحديدية، وكانت من أولى الشركات المنتجة لحديد التسليح والألومنيوم والمبخرات فى مصر، وتعد الشركة أحد الصروح الصناعية التى تدخل منتجاتها فى العديد من الصناعات، بما يسهم فى دعم الصناعة الوطنية وتلبية احتياجات السوق المحلى، ورغم أهميتها إلا أنها تعرضت خلال الفترات الماضية لخسائر كبيرة كادت أن تؤدى إلى تصفيتها.
وكشف محمد السعداوى، العضو المنتدب التنفيذى للشركة القابضة للصناعات المعدنية، إن صناعة النحاس تعد ضمن قطاع واعد خاصة فى إمكانية التوسع فى مبيعات التصدير وفتح أسواق جديدة، مشيراٌ إلى أن استخداماته وأهميته فى التحول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، لافتاً إلى أن الشركة كانت تحقق خسائر خلال الفترات الماضية، وبلغت مديونياتها نحو 1.2 مليار جنيه، إلا أنها بدأت خلال السنوات الثلاث الماضية العمل والتشغيل وتحقيق الأرباح، ومازالت الشركة فى التطوير، كما تم تشكيل لجنة لتحديد الكميات المستهدف إنتاجها.
طالب الحكومة بالإسراع فى تشكيل اللجنة المزمع إنشاؤها لتحديد الكميات المستهدف إنتاجها خلال الفترة القادمة مع بيان خطة تطوير الشركة وعمل زيارة ميدانية إلى الشركة بالإسكندرية للوقوف على أعمال التطوير بها.
قال السيد على أحد عمال بالشركة إن شركة النحاس لها تاريخ كبير يجب أن نحافظ عليه وأن الدولة تقف بجانب الشركة لأن الشركة تتعرض لتدهور والعمال مهددة بالتشرد مثلما حدث فى شركات اخرى، لذلك يلزم أن ننهض بالشركة وتطويرها لتواكب التطور العالمى مما يسهم فى النهوض بالصناعات المعدنية. لأن تعمل الشركة على تلبية احتياجات العملاء فى السوق المحلى والتصدير من منتجات الألومنيوم والنحاس الأصفر والأحمر، ومنتجات الصلب من الأسلاك والضفائر والحبال الصلب، إضافة إلى منتجات أخرى من المسبوكات.
لكن اتسعت الأزمة حتى التهمت شركة «ستيا» النصر للأصواف والمنسوجات الممتازة، لتصبح دمار، وبات موقع الشركة ذى المساحة الهائلة مرتعاً لمن يوصفون بـ«بلطجية الخردة»، وتلاشى ضجيج الآلات وأصوات العمال التى استمرت على مدار أكثر من خمسة وسبعين عاماً، لتحل محلّها دقّات أدوات هؤلاء، وكثير منهم مراهقون وبينهم أطفال، يحاولون استخراج قطع حديد أو أخشاب وكل ما تبقّى فى المبانى، يقفزون من السور فرادى ومجموعات.
ونتيجة للفساد وعدم الاهتمام تحولت واحدة من كبرى الشركات التابعة للدولة فى مجال الغزل والنسيج، والتى تأسست عام 1946 برأسمال 30.000 جنيه، وأبرز وحداتها وحدة غزل ونسيج وتجهيز الأقمشة الصوفية الممشطة، ووحدة غزل ونسيج وتجهيز الأقمشة القطنية، ووحدة غزل ونسيج وتجهيز الأقمشة الصوفية المسرحة، ووحدة غزل ونسيج وتجهيز البطاطين.
وقالت نعمة أحمد، إحدى العميلات بشركة سيتا قبل إغلاقها، كانت الآلات والماكينات ترج المنطقة بالشغل وفتحت بيوتاً كثيرة، لكن للأسف القائمون بالشركة استغلوها وتسببوا فى خسارتها وتشريد جميع العمال وبيوتنا اتخربت بسببهم، فهى كانت على مدار عقود وأجيال لا تنطفئ أنوارها ولا تكفّ آلاتها عن الدوران ليل نهار، وكان الآلاف من عمالها - وهو العدد الذى تناقص مع سياسات الخصخصة وتدهور الصناعة - يملأون الشارع والترام المقابل يومياً فى مواعيد خروج الورديات الثلاث التى يصاحبها إطلاق «سارينة»، وهو الاسم المتعارف عليه للصفارة وأصله الكلمة «المعرّبة» Sirène يعرف أهالى المنطقة صوتها جيداً، فى السابعة صباحاً (موعد خروج الوردية الليلية) والثالثة عصراً (الوردية الصباحية) والحادية عشرة مساء (الوردية المسائية).
وتابعت «نعمة» قائلة: «حالياً بات موقع الشركة ذو المساحة الهائلة والممتدة عبر شارعين مرتعاً لمن يوصفون بـ«بلطجية الخردة» وتلاشى ضجيج الآلات وأصوات العمال التى استمرت على مدار أكثر من خمسة وسبعين عاماً لتحل محلّها دقّات أدوات هؤلاء.
وأضاف أحد العاملين أن الشركة القابضة منعت عنهم القبض لمدة 4 شهور منذ بداية سنة 2021 كوسيلة ضغط للرضوخ لقرار البيع، ولم تفلح كل محاولاتهم للتظاهر والشكاوى، وتدخُّل برلمانيين، وفى النهاية تمت مساومتهم على صرف الرواتب المتأخرة مقابل ترك الشركة.
ولفت إلى أنهم منذ عامين تقريباَ يجلسون فى المنزل ويقبضون الراتب الأساسى فقط، وكذلك الحال مع عمال شركة «فستيا» وغيرها مع اختلاف المُدد، مشيراً إلى أنه يتقاضى راتباً حوالى 2000 جنيه بعد ما يقرب من عشرين عام عمل، وهو أقل من راتب نظرائه فى شركة ستيا، مطالباً بالمساواة فى الأجور بين جميع العاملين فى شركات الغزل والنسيج. وقال إن الوضع الحالى أثّر عليه مادياً ومعنوياً، بعد ترك العمل الذى كان يحبه ويشعر فيه بالإنجاز ويكسب منه من خلال الأرباح السنوية التى أوقفت من بعد «ثورة 2011»، وعمولات المعارض التى كانت تنظمها الشركة فى المحافظات وكانت حركة البيع فيها نشطة جداً، واتجه حالياً للعمل كسائق. وإن السوق وعملاء الشركة العديدين سوف يفتقدون «بدلة فستيا»، وإن الشركة كانت قادرة على التطور والتوسع ذاتياً ودون الحاجة لتمويل من أى جهة، ولكن لم يكن هناك نية حقيقية لذلك لدى قطاع الأعمال العام أو المستثمرين. وأنه لا يعتقد أنه بالإمكان بناء «صرح» مشابه لما تم هدمه.
تعد من أولى شركات الملابس الجاهزة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد معاناة من خسائر كبرى منذ عام 2013 حتى وصل الأمر إلى خروج المستثمرين المشاركين فى تلك الشركة وتحويلها إلى قطاع عام قبل أن تدفع الشركة القابضة بمستثمرين من الشركات التابعة لها مثل شركة المحلة وشركة دمياط للغزل والنسيج.
عاشت الشركة عدة شهور على أزمة عمال شركة «فستيا» بالإسكندرية، الذين تضرروا من توقف العمل ونقلهم إلى شركة «ستيا»، وهو القرار الذى تم الاعتراض عليه وترتب عليه تأخر رواتب العمال خلال تلك الفترة، لتتدخل وزارة القوى العاملة وتقر بتسليم مرتباتهم ومستحقاتهم حال انتقالهم للعمل لدى شركة النصر للملابس.
وقال منعم أحمد أحد العاملين، إن الشركة دمرت بسبب الديون وأخذوا أموالنا وتسببوا فى خراب بيوتنا بعد مرار معهم شهور طويلة اعتصامات نطالب بحقوقنا والجميع تجاهلنا ولم نجد أحد يقف بجوارنا حتى أننا فؤجئنا فى النهاية الشركة قامت بتسريح العمال وإغلاق الشركة.
توقف 24 مصنعاً بالإسماعيلية.. والمواشى والأبقار تتجول بين خطوط الإنتاج
تعد محافظة الإسماعيلية من المحافظات المشهورة بالمصانع والشركات، حيث يوجد بها 265 مصنعاً، منها 24 مصنعاً توقف عن العمل، 20 مصنعاً تحت الإنشاء، يعمل بالمصانع الباقية 12 ألف عامل يومية.
رصدت عدسة الوفد ما آلت اليه المنطقة الصناعية بالمحافظة، حيث أصبحت مرعى للأبقار والبهائم. رغم توجيهات القيادة السياسية بالاهتمام بالمصانع والشركات وبالعمالة اليومية والموسمية، لوضع قانون يحميها ويحافظ على حقوقها والبحث عن بدائل تضمن خضوعها لمنظومة التأمين الصحى الشامل، إلا أن ملايين العمال يعانون تعنت أصحاب المصانع وقراراتهم المفاجئة بغلق مشروعاتهم وتعثر البعض الآخر مما يؤثر سلباً على صرف مستحقات العاملين وتراكم المديونيات على صاحب المصنع مما يؤدى إلى تشريد الآلاف من العمالة الغير منتظمة وضياع حقوقهم المالية والاجتماعية والصحية.
ولا يختلف الأمر كثيراً على مستوى محافظة الاسماعيلية التى تضم منطقتين صناعيتين تضم ما يقرب من 83 مصنعاً منها 57 مصنعاً يعمل مجمعات حرفية صغيرة بالمنطقة الصناعية الأولى, وتحت الانشاء 13 مصنعاً، وهناك 13 مصنعاً متوقفاً عن العمل فى المنطقة الأولى.
أما فى المنطقة الصناعية الثانية وتقع على مساحة أكثر من 500 فدان، غرب مدينة الإسماعيلية على الطريق الرئيسى القاهرة - بورسعيد، وتضم كافة أنواع الصناعات من تصنيع بويات وأخشاب وأعمال معدنية وصناعة الألمونيوم والكرتون والبلاستيك والمنسوجات والملابس الجاهزة والمواد الغذائية، وحفظها ومواد البناء واللمبات والأجهزة الكهربائية وصناعة الأحذية، بها 182 مصنعاً، يعمل منها 164 وتحت الإنشاء 7، ومتوقفاً بها 11 مصنعاً تقريباً.
وأكبر المصانع التى توقفت عن العمل مصنع بسكو مصر التابع لبنك مصر ويمتلك 64 ألف متر مربع تقريبا وروزا اليوسف للطباعة وتمتلك 14 ألف متر ولا تعمل ومتوقف أرض فضاء ومصنع المهندس للمكرونة متوقف ويمتلك 40 ألف متر مربع تقريبا ومصنع الأسمنت المسلح على مساحة 150 ألف متر مربع تقريبا لتصنيع المبانى الجاهزة والمواد الخرسانية وهو أكبر مصنع فى المنطقة الصناعية ومتوقف
وقال أحد أصحاب المصانع - رفض ذكر اسمه - خوفاٌ من سحب الأرض منه، «سبب توقف مصنعنا، بعد وفاة الوالد ليس لدينا دراية بالتصنيع فقرر التوقف بدل من الخسارة والآن نبحث عن مستثمر لعمل شراكة معه ويدير المصنع وأيضا البنية التحتية متهالكة وغاب دور هيئة التنمية الصناعية وهى المنوطة بتذليل العقبات أمام المستثمرين».
وأشار أحمد محمد مستأجر مصنع أن سبب إغلاق بعض المصانع هو تعثر البعض وارتفاع أسعار خامات التصنيع ورغم حضور لجنة الصناعة للمنطقة الصناعية العام الماضى بحضور رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب وبعض أعضاء مجلس النواب عن المحافظة، وعرضنا كافة المشاكل، ولكن لم يتحرك أحد لإنقاذ أصحاب المصانع نحن لا ننكر دور لجنة الصناعة بمجلس النواب لكن هيئة التنمية الصناعية لا يوجد لها دور فى خدمة المنطقة.
وأضاف خليل محمد على أن بعض المصانع أغلقت أبوابها بالطوب الأحمر وتشرد عدد كبير من العمال ولابد من تحرك لجنة الصناعة والتنمية الصناعية لتشغيل 24 مصنعاً متوقفاً ومعرفة سبب التوقف وفتحها مرة أخرى.
وطالب محمد أحمد - مستأجر مصنع- بدعم المنطقة بمهندسين وفنيي مساحة لتسهيل أعمال المكتب ألفنى بالمنطقة مما يساعد على دفع عجلة العمل بالمنطقة ويسهل على المستثمرين وأصحاب المصانع والشركات انهاء أعمالهم ومصالحهم وأستصدر المحافظ قراراً بتشكيل لجنة للمرور على المصانع والمنشآت بصفة دورية برئاسة مدير عام المنطقة الصناعية تشمل جميع الأجهزة التنفيذية المعنية بالمناطق الصناعية والاستثمار ومنها الحماية المدنية والاسكان والبيئة والشئون القانونية والاستثمار والتنمية الصناعية والقوى العاملة والتموين والصحة والتفتيش المالى والإدارى للتفتيش عليها وكذا تسهيل وإزالة أى معوقات ادارية أو فنية لهذه المصانع والمنشآت وذلك من خلال نظام الشباك الواحد تيسيرا للمستثمرين وأصحاب المجمعات الصغيرة.
ومن جانبه، صرح مصدر مسئول بأن جمعية المستثمرين لديها أكثر من 45 مصنعاً تقريباً بين صناعات غذائية وهندسية وكيماوية وبويات وصباغة وأثاث وملابس جاهزة، تعمل فى التوزيع المحلى والتصدير، وتضم أكثر من 20 ألف عامل، ولدينا مشاكل عامة نسعى لحلها ويدخل فى ذلك المصانع الغير تابعة للجمعية وهى مشاكل يمكن القول بأنها تواجه الاستثمار بشكل عام، منها انخفاض ثقة الأسواق الخارجية فى السوق المصرى وليس المنتج، نتيجة الأحداث التى تمر بها مصر وزاد من ذلك التضخيم الإعلامى لبعض الأحداث والذى جعل الأمر يبدو كأن مصر غير آمنة أو فى حالة حرب وصراع دائم بالاضافة إلى عدم استقرار أسعار الخامات والمرافق، نظراً لارتفاع الدولار وأسعار الوقود والكهرباء، والذى تسبب فى عدم استقرار السوق وأصبح سعر المنتج غير ثابت، تلك أكبر المشاكل فى التسويق، بجانب نقص بعض الخامات الأساسية لصعوبة استيرادها حالياً ويتضرر من ذلك المستهلك والمنتِج، الذى لا يمكنه إضافة زيادة التكلفة بالكامل وبالتالى يضطر لتحمل جزء من الخسائر، مطالباً بعمل نقطة شرطة فى المنطقة الصناعية بالإسماعيلية للحفاظ على الممتلكات والتعامل مع الحالات القادمة على المنطقة وخاصة العمالة الوافدة من خارج المحافظة.
0 تعليق