في إطار تقرير بحثي استعرضه معهد التخطيط القومي التابع لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، تناولت الدكتورة فايدة عبد السلام، أستاذ الاقتصاد المتفرغ بمركز العلاقات الاقتصادية الدولية ورئيس معهد التخطيط القومي السابق، التطورات التي شهدها سعر الصرف للجنيه المصري مقابل الدولار خلال الفترة من يناير 2021 حتى يناير 2023، مشيرة إلى أن هذه الفترة تزامنت مع تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية التي كان لها انعكاسات كبيرة على الاقتصاد العالمي، وكذلك على الأوضاع الاقتصادية في مصر.
تأثيرات الحرب على سعر الصرف
وقالت الدكتورة فايدة: “لقد شهدت فترة يناير 2021 حتى يناير 2023 تطورات هامة في سعر الصرف المصري، حيث تزامنت مع التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى التأثيرات الناتجة عن جائحة كورونا، من خلال تتبع تطور سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري مقابل الدولار، وجدنا أن سعر صرف الجنيه شهد استقرارًا نسبيًا في الفترة من يناير 2021 وحتى فبراير 2022 عند مستوى 15.65 جنيه للدولار، وهو ما يمكن تبريره بقدرة البنك المركزي المصري على الحفاظ على استقرار سعر العملة في ظل تحديات عديدة، رغم الخروج الكبير للأموال الساخنة من الأسواق المصرية خلال عامي 2021 و2022”.
صافى الأصول الأجنبية
وأضافت: “عند النظر إلى تطور سعر الصرف الحقيقي الفعال، نجد أن تحرير سعر الجنيه المصري أمام الدولار كان له تأثيرات كبيرة على صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي، نتيجة لعدة عوامل أساسية، من أبرزها ارتفاع قيمة الدولار مقابل عملات شركاء مصر التجاريين، وكذلك زيادة فروق التضخم، وفي المقابل، شهدت بعض القطاعات الاقتصادية تراجعًا في الإنتاجية والاستثمار، وهو ما أثر سلبًا على قدرة الاقتصاد على تحقيق توازن مستدام في سعر الصرف”.
أزمة الدين الخارجي وأعباء التمويل
وتطرقت الدكتورة فايدة إلى الوضع الخاص بالديون الخارجية قائلة: “في الوقت الذي استمرت فيه الحكومة المصرية في التعامل مع أزمة الدين الخارجي، فإن تكاليف التمويل ارتفعت بشكل ملحوظ نتيجة تذبذب قيمة الجنيه، ما أدى إلى زيادة الأعباء على الموازنة العامة، خاصة في ظل احتياج الحكومة إلى توفير المزيد من الموارد لسداد الديون الخارجية في أوقات الأزمات الاقتصادية العالمية.
وفيما يخص الإجراءات الحكومية لمواجهة هذه التحديات، أوضحت فايدة عبد السلام أن التقرير قدم توصيات عدة لتحسين استقرار سعر الصرف وتعزيز الاستدامة الاقتصادية في مصر، أبرز هذه التوصيات تشمل تحسين مستويات السيولة في الأسواق المالية، وزيادة دور القطاع الخاص في تنمية الموارد المالية عبر أدوات مبتكرة مثل السندات الخضراء وعمليات مبادلة الديون، إضافة إلى ضرورة مراجعة السياسات النقدية والمالية المتبعة لتحقيق التوازن بين الإنفاق الحكومي والعائدات من الديون.
واختتمت الدكتورة فايدة عبد السلام حديثها بالقول: “في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد العالمي، مثل جائحة كورونا وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، تبقى قدرة الاقتصاد المصري على التكيف مع هذه الأزمات أمرًا محوريًا، من خلال تحسين المناخ الاستثماري وتوسيع الخيارات التمويلية، فإن مصر قادرة على المحافظة على استقرار سعر الصرف في الأجلين المتوسط والطويل”.
0 تعليق