11 عاما مرت على وفاة الشاعر أحمد فؤاد نجم، الذي رحل عن عالمنا في 3 ديسمبر لعام 2013، بعد أن ترك بصمة واضحة في عالم الفن والشعر العربي، وأصبح أحد أهم شعراء العامية في مصر، كما أنه صاحب مبدأ "الشعر موقف.. الفن موقف.. الإنسان موقف"، فقد كان "الفاجومى المصري"- وهو اللقب الذي أطلق عليه-، مشغولا بالناس، ولم يتعامل يوما مع نفسه على أنه شاعر، وكل ما كان يرغب به أن يستطيع التعبير عن رأيه بالكلمة الشاعرة للتعبير عن نفسه من خلال قضيته الحقيقية وهي الشعب المصري، فقد عاش وسط طبقات الشعب الفقيرة، وتفاعل مع همومهم وآمالهم، فكان شعره بمثابة صرخة ضد الظلم الاجتماعي والسياسي.
استخدم أحمد فؤاد نجم الشعر كأداة لنقل معاناة المهمشين، فكان من أبرز من نقلوا الواقع القاسي للفقراء والعاطلين، مُسجلًا عبر قصائده تفاصيل الحياة اليومية الصعبة لأولئك الذين يعانون من التهميش الاقتصادي والاجتماعي، فقد عرف بقدرته على التعبير عن لغة الشارع البسيطة، فكان يستخدم الألفاظ التي تتناسب مع ثقافة الناس في الأحياء الشعبية.
بدايات أحمد فؤاد نجم
وفي تقرير نظر بمجلة "الإتحاف" بعددها الصادر بتاريخ 1 مايو 2014، سلط الضوء على بدايات الشاعر أحمد فؤاد نجم، موضحا: أنه ولد في إحدى القرى المصرية عام 1929 وعرف اليتم منذ طفولته، واكتشف الظلم لمّا حرم أعمامه الأثرياء أمّه من حقها في الميراث ليجد نفسه يعمل في حقل أحد أولئك الأعمام يهينه ويسيء معاملته.
واستطرد: في القاهرة مارس عدّة مهن بسيطة، وعاش قصة حب فاشلة لَمّا وقع في غرام فتاة ثريّة وجوبه طلبه الزواج منها بالرفض بسبب فقره، وأدرك مرّة أخرى مرارة الواقع الاجتماعي الذي يداس فيه الفقراء والضعفاء ويسيطر فيه الأغنياء وأصحاب الجاه الذين يكدّسون القروات باستنزاف جهود أولئك العمال والفقراء واستغلال كدّهم وعرقهم لمزيد الإثراء على حسابهم.
شعر أحمد فؤاد نجم
وأدرك منذ ذلك الوقت أن مصر مصران؛ "مصر العشة ومصر القصر" مصر الفقراء والمستضعفين بأزقتها الداكنة الوسخة وبؤسها المدقع ومصر الأغنياء وأصحاب النفوذ بشوارعها الفسيحة وقصورها الغناء وسياراتها الفخمة وانتهى به المطاف إلى السجن بسبب قضايا عامة، حيث اختلط ببعض المساجين السياسيين ومساجين الرّأي ساهموا في تعميق الوعي السياسي لديه وتزامن ذلك مع مطالعاته لأزجال بيرم التونسي وما تحويه من مواقف سياسية وكشف ألاعيب الساسة والمسؤولين واستغلالهم لحقوق الشعب، ففهم أنّه عليه أن يكتب شعرا مغايرا بعد أن كان ينظم قصائد غرامية ومقطوعات شعرية تتعلق بكرة القدم وتعكس التنافس الشديد بين ناديي الأهلي والزمالك.
فهم أحمد فؤاد نجم أنّ للفنّ عموما وللشعر خصوصا دورا خطيرا في توعية الشعب المصري الذي كان غارقا في الأمية وتسيطر على ذهنه ثقافة خرافية بسيطة سهلت على الأثرياء والإقطاعيين استغلال أفراده واستنزاف جهودهم وأكل حقوقهم ما داموا يجدون في تلك الطبقات الكادحة والفقيرة كثيرا من الاستسلام والسذاجة والإذعان لذلك المصير الذي وهموا أنه حتمي لا مناص منه، وقرر الشاعر أن يصبح صوت أولئك المسحوقين المعبر عن آلامهم ومآسيهم وقرّر فضح قوى الاستغلال وكشف زيفها والتنديد بجبروتها واضطهادها.
0 تعليق