أكدت دار الإفتاء المصرية أنه لا يجوز إخراج الفدية عن الصلوات الفائتة عن الميت، موضحة أن الصلاة هي عبادة بدنية لا تقبل النيابة سواءً في الحياة أو بعد الممات، جاء هذا الرد في إطار توضيح حكم قضاء الصلاة عن الميت أو إخراج الفدية نيابة عنه.
أهمية الصلاة في الإسلام
حث الإسلام على الاهتمام بالصلاة كركن أساسي من أركان الدين، حيث أمر الله تعالى المسلمين بأداء الصلاة في أوقاتها بشكل دائم. قال الله في القرآن الكريم: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" [النساء: 103]، مما يبرز أهمية التزام المسلم بمواقيت الصلاة وأدائها بانتظام.
وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على أداء الصلاة في وقتها، مثل قوله سبحانه وتعالى: "إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا... إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ" [المعارج: 19-23]. كما يحذر الله من التهاون في الصلاة، مشيرًا إلى أن من أضاع الصلاة سيواجه عواقب وخيمة في الآخرة، كما جاء في قوله: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59].
حكم قضاء الصلاة الفائتة
إن قضاء الصلاة الفائتة عن المسلم إذا كانت قد فاتت لعذرٍ أو نسيانٍ هو أمر واجب، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ" (رواه الشيخان). بمعنى أنه إذا نسي المسلم صلاةً، عليه أن يقضيها فور تذكرها، ولا تجب كفارة أخرى.
كما أن من واجب المسلم أن يقضي ما فات من صلوات، حتى وإن كانت كثيرة. ففي حالة تعدد الصلوات الفائتة، يجب أن يقضي ما عليه من صلوات حتى يبرئ ذمته. وإذا كان لا يعرف عدد الصلوات الفائتة، عليه أن يعيد ما يستطيع حتى يتأكد من براءته.
حكم إخراج الفدية عن الميت
أما عن إخراج الفدية للصلوات الفائتة عن الميت، فقد ذهب جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة إلى أنه لا يجوز إخراج فدية للصلوات الفائتة عن الميت. الصلاة هي عبادة بدنية لا تقبل النيابة، وبالتالي لا يمكن أداء الصلاة عن الميت سواء كانت فرضًا أو نذرًا. هذا الرأي مستند إلى النصوص الشرعية التي تؤكد أن الصلاة لا تجوز النيابة فيها، ولا يجوز لأحد أن يؤديها عن الميت.
قال العلَّامة الشُّرُنْبُلَالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 170): "ولا يصح أن يصلي أحد عن الميت". كما جاء في "مواهب الجليل" للإمام الحطاب المالكي (2/ 544): "أنَّ الصلاةَ لا تقبل النيابة على المعروف من المذهب".
عدم جواز فدية الصلاة عن الميت وفق المذاهب
بالنسبة لما ذكره العلماء في المذاهب الأربعة، نجد أن المذاهب الحنفية، المالكية، الشافعية، والحنابلة في رواية أكدوا جميعًا أن الصلاة لا تقبل النيابة عنها سواء في الحياة أو بعد الممات. فعن الإمام النووي في "المجموع" (6/ 372): "لا يقضي عنه وليه الصلاة، ولا يسقط عنه بالفدية". كما ذكر الإمام ابن قدامة في "الكافي" (4/ 220): "في الصلاة روايتان: الأولى لا تقضى لأنها لا تدخلها نيابة ولا كفارة".
الأضرار المحتملة من إخراج الفدية
من الممكن أن يؤدي القول بجواز إخراج الفدية عن الصلوات الفائتة عن الميت إلى فتح باب الاجتهادات الخاطئة التي قد تساهم في تهاون بعض المسلمين في أداء الصلاة. الشريعة الإسلامية تدعو إلى الالتزام التام بالصلاة وأدائها في أوقاتها، ومن ثم فإن القول بإخراج الفدية عن الصلاة الفائتة قد يكون بابًا لتسهيل التهاون في أداء الصلاة.
كما أن القول بذلك قد يؤدي إلى فتح باب الشكوك والتهم في نية المسلم وإلى تبريرات غير صحيحة قد تضر المجتمع المسلم. ففي الحديث الشريف: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ" (رواه مسلم). فمن الأهمية أن يتحرى المسلم في أداء عباداته ولا يتساهل في أدائها.
بناءً على ما ورد في فتوى دار الإفتاء المصرية، يتضح أن الصلاة هي عبادة بدنية لا يمكن أن يقوم بها أحد نيابة عن الميت، سواء في حياته أو بعد موته. كما أن إخراج الفدية عن الصلاة الفائتة للميت لا يجوز، لأن الصلاة لا تقبل النيابة في أي حال من الأحوال. ومن ثم يجب على المسلم أن يحرص على أداء الصلاة في أوقاتها وألا يتهاون في ذلك.
0 تعليق