يجب أن يحصل تنبيه ديني في خطب الجمعة والدروس على خطأ رمي الناس بالتهم الميتافيزيقية، بخاصة من قبل الرقاة، والتوعية بعواقبها السلبية على الضحايا وعلى كامل الأسرة التي تتمزق أواصرها وتحصل فيها قطيعة رحم وتحل العداوات والخصومات والشحناء مكان المودة، ولو كان هناك من يعلم الغيب ويعلم من قام بالسحر لعرفه النبي عليه الصلاة والسلام عندما تعرض للسحر، لكن النبي عليه الصلاة والسلام لم يعرف ذلك ولم يعرف الساحر حتى جاءه الوحي بذلك، فهل يدعي هؤلاء الرقاة أن لديهم قدرة لم تكن لدى النبي عليه الصلاة والسلام؟ فزعم الرقاة أنهم يمكنهم معرفة الإصابة بالسحر او العين أو تسلط الجن، هو رجم بالغيب والرقاة لهم مصلحة مالية في إقناع الناس أنهم متعرضون لتلك الأحوال التي لا يمكن إثبات حقيقتها، وكثير ممن أدمنوا مراجعة الرقاة صاروا يعانون من وسواس قهري بسبب اتهامات الرقاة للأقارب بالمسؤولية عن حالتهم لضمان استمرارية الزبون بمراجعتهم، مع العلم أنه في الطب هناك ما يسمى تأثير "نوسيبو" وهو تأثير الإيحاء السلبي، ويتمثل في أن يتضرر الإنسان من شيء غير ضار لاعتقاده بأنه ضار، وتحصل آثار عضوية لهذا الاعتقاد، وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية تلزم شركات الأدوية بإجراء تجارب على عقاقيرها تتضمن اختبار تأثير نوسيبو وبلاسيبو، وهو تأثير الإيحاء الإيجابي، وغالبا تكون النتائج متقاربة بين المجموعة التي أخذت العقار الحقيقي وبين المجموعة التي أخذت العقار الزائف الذي لا يحتوي على أي مادة فاعلة، أي أن مجرد اعتقاد المتطوعين أن العقار سيضرهم أو ينفعهم يؤدي لحدوث الضرر أو النفع.
لمواجهة وباء الاتهامات الميتافيزيقية الهدامة يجب نشر التفسيرات العلمية بدل الهوس بإيجاد تفسيرات ميتافيزيقية لأحداث عادية تماما تكون من قبيل ما يسمى الانحياز المعرفي، أي إن الذي لديه معرفة وقناعة مسبقة سيفسر كل الأحداث وفق تلك القناعة، وهناك فارق بين التزامن وبين السببية، حيث إن البعض يربطون بين تزامن أحداث بالصدفة مثل تعرضهم لعارض صحي مع لقائهم بشخص كما ولو أن هذا الشخص هو المتسبب بذلك العارض بشكل ميتافيزيقي، ويجب الامتناع عن صب الزيت على النار بالبرامج والتغطيات الصحفية التي تهدف للإثارة بالترويج لهذا الهوس بالسحر والعين وتسلط الجن، وفي الغرب لم يتجاوزوا هوسهم بهذا المجال سوى بالعلم، وكانت السلطات السياسية والدينية تتولى قضايا السحر والجن، وهناك إحصائية تقول إن الغرب أحرق حوالي مليون امرأة في قضايا ملاحقة الساحرات، وهناك بلدة ألمانية لم تبق فيها امرأة واحدة بسبب إحراق جميع نسائها بتهمة السحر، وكانت كل الأعراض النفسية والجسدية تنسب للسحر والشياطين، ومن يلقي التهم على النساء هم الرقاة الرسميون للكنائس، وهو اختصاص ما زال موجودا في الكنيسة الكاثوليكية، لكن تم تقييده بجعل الرقية هي الخيار الثاني بعد كشف فريق من الأطباء على الحالة وتأكيد أنه ليس هناك سبب عضوي لها، وربما يمكن الاقتداء بهذا التقنين للرقية لمكافحة الممارسات الشعبية الضارة والهدامة لكثير من الرقاة.
0 تعليق