أظهرت دراسة أجرتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن الأسر اليهود الحريديم تستهلك حصة أكبر بكثير من الموارد الحكومية مقارنة بالفئات الأخرى.
فكل أسرة حريدية تكلف الخزينة الإسرائيلية 10,300 شيكل شهريًا أكثر من الأسرة العربية. هذا الكشف يزيد الضغوط على الحكومة لإيجاد حلول لمعضلة التهرب من الخدمة العسكرية بين الحريديم.
ويأتي هذا الكشف في وقت حساس تشهد فيه إسرائيل نقاشات حادة حول كيفية التعامل مع قضية تهرب الحريديم من الخدمة العسكرية، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا أمام الحكومة في ظل الأعباء الاقتصادية والأمنية المتزايدة.
عبء اقتصادي أكبر من الأسر العربية
توضح الوثيقة التي أعدها مفوض الميزانيات في وزارة المالية، يوغيف جيردوس، أن العجز الذي تُسببه الأسر الحريدية في الدولة هو ضعف العجز الناتج عن الأسر العربية.
حيث تشير الوثيقة إلى أن الأسرة العربية تسببت في عجز شهري يبلغ 5000 شيكل فقط، بينما يصل العجز الناتج عن الأسرة الحريدية إلى 10,300 شيكل.
هذه الفجوة الكبيرة تظهر حجم التكلفة الاقتصادية التي تترتب على الإعفاءات الضريبية والإعانات الاجتماعية التي يحصل عليها الحريديم مقابل إعفائهم من الخدمة العسكرية والعمل بدوام كامل.
وفي المقابل، تستفيد الدولة من الأسر اليهودية غير الحريدية التي تساهم بشكل إيجابي في خزينة الدولة، حيث تُسهم هذه الأسر بما يصل إلى 1350 شيكل شهريًا بعد خصم التكاليف، وهو ما يعكس التفاوت الكبير في عبء الأسر المختلفة على الاقتصاد الوطني.
التكلفة المتزايدة لنظام الاحتياط العسكري
يُظهر التقرير أن الحكومة الإسرائيلية تواجه تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة بسبب تهرب الحريديم من الخدمة العسكرية. وفيما يتعلق بنظام الاحتياط العسكري، يتوقع التقرير أن تصل تكلفته إلى 30 مليار شيكل بحلول عام 2025، مما يُشكل عبئًا إضافيًا على الدولة في ظل العجز المتزايد في ميزانية الدفاع.
كما يحذر التقرير من التداعيات الأمنية التي قد تنتج عن هذا التهرب المستمر، حيث يُضاعف ذلك من الضغوط على الجيش الإسرائيلي الذي يعاني من نقص في أعداد المجندين، خاصة مع تصاعد التهديدات الأمنية في المنطقة.
عقوبات اقتصادية تهدف إلى تعزيز التجنيد
في إطار محاولات الحكومة الإسرائيلية لمعالجة هذه الأزمة، يقترح التقرير مجموعة من الإجراءات الاقتصادية التي تهدف إلى دفع الحريديم للانخراط في الخدمة العسكرية.
أحد هذه الاقتراحات هو فرض عقوبات اقتصادية شخصية على الأفراد الحريديم الذين يتهربون من التجنيد، بدلاً من فرض العقوبات على المؤسسات التعليمية الدينية التي تروج للتهرب.
وتشمل هذه العقوبات حرمان المتهربين من العديد من المزايا الاجتماعية التي تقدمها الدولة، مثل دعم الرعاية النهارية، والخصومات الضريبية، ودعم الإسكان.
كما يتضمن الاقتراح إلغاء مخصصات الشيخوخة والخصومات المقدمة لطلاب المدارس الدينية في التأمين الوطني، وهي خطوة تهدف إلى زيادة الضغط على الأفراد للحوافز للانخراط في الخدمة العسكرية أو في سوق العمل.
التجنيد مقابل الدعم: ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة
وزارة المالية ترى أن فرض العقوبات الاقتصادية على الأفراد سيكون أكثر فعالية من فرض عقوبات على المؤسسات التعليمية الدينية، حيث إن هذه العقوبات مباشرة وتؤثر على الأفراد بشكل ملحوظ.
كما تُعتبر هذه الإجراءات بمثابة خطوة نحو ربط الدعم الاجتماعي الذي تقدمه الدولة، مثل الإعانات والخصومات، بمشاركة الأفراد في الخدمة العسكرية أو في سوق العمل. وبالتالي، فإن الحكومة ترى أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات حاسمة تربط الدعم الاقتصادي بالانخراط في الحياة العسكرية أو المهنية.
أهمية التقرير في السياق الحالي
يعتبر هذا التقرير ذا أهمية بالغة في ظل الوضع الراهن في إسرائيل، حيث يُتيح النظام الحالي للحريديم التهرب من الخدمة العسكرية والعمل مع استمرارهم في الاستفادة من الدعم الاقتصادي الذي تقدمه الدولة.
ويؤكد التقرير على أن استمرار هذه الوضعية سيؤدي إلى تفاقم التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها الدولة، مما يستدعي إجراءات فعّالة لتصحيح هذا الوضع.
ومن المتوقع أن تحظى هذه التوصيات باهتمام كبير من قبل صناع القرار الإسرائيليين في الفترة المقبلة، في ظل استمرار التوترات الأمنية وتزايد الضغوط على الجيش الإسرائيلي.
0 تعليق