على إيران إدراك أن اللعبة انتهت

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بهدوء وبعيداً عن الشعارات الرنانة التي كان يطلقها النظام الإيراني، ومن لف لفه، نقول: إن التغيير الكبير الذي حدث في سورية، وما جرى لذراع طهران اللبناني ما يسمى "حزب الله"، لا بد أن يكون عبرة لمن لا يزالون يحملون لواء تغيير المنطقة وفق مفهوم "تصدير الثورة" الإيرانية، من خلال استبدال العقائد الطائفية، والسعي إلى حكم العالم العربي بروح مذهبية، وإحياء "مجد فارس" الذي أزيل بقوة الحق الإسلامي النقي غير الملوث بأي نفَس طائفي.

لهذا، عندما تباهى بعض المسؤولين الإيرانيين بحكم أربع عواصم عربية، لم يروا أن القمع الممنهج، والسخاء المالي على العصابات في العالم العربي، كان يرتد عليهم في إيران من شمالها إلى جنوبها، ولم يفهموا أن الوقائع على الأرض منفصلة تماماً عن الأوهام، وأن المليارات التي أنفقت على جماعات مذهبية، لن تفيدهم في شيء، بل كانت تجلب لهم المزيد من الانتكاسات والهزائم، والعزلة الدولية، وكذلك زيادة النقمة الداخلية.

لقد أظهرت الثورة السورية أنها قادرة، وفق التصورات التي وضعها قائد الدولة الانتقالية أحمد الشرع، حقيقة الشعب السوري الذي لا يمكن لأي قوة تغيير عقيدته الدينية، ولا تفكيك وحدتها رغم التنوع الطائفي، الذي كان ثروة لسورية قبل حكم "البعث"، فيما تبديل معالم بعض المساجد، لا يغير في الجوهر السوري العربي الواحد الموحد.

الدليل على ذلك، ضريح السيدة زينب (رضي الله عنها) الذي يؤمه سنة سورية قبل شيعتها، ويقومون على خدمته أيضاً، لأن أهل الشام جميعاً يرون في مظلوميتها، كأنها مظلوميتهم إذ ابتلوا طوال عقود بمغامرين يسعون إلى الحكم، إما على ظهر دبابة، أو انقلابات زادت من ظلمهم، وقد زادها القمع البعثي الذي استمر نحو 60 عاما عُتوّاً.

لذا، فإن قول نظام الفساد الإيراني إنه لن يقبل بـ"سبي زينب مرتين" كان يخدم الفتنة الطائفية التي عمل عليها بالتعاون مع نظام "البعث"، لكن كل ذلك سقط فجر الثامن من ديسمبر الذي كان فجراً للحقيقة السورية العربية النقية.

اليوم، بدأت تظهر بوادر التغيير الكبير في المحاولات العراقية للانعتاق من ربقة الهيمنة الفارسية على عاصمة العباسيين، ومكتبة العالم الإسلامي طوال ستمئة عام، وحاضرة العالم الإسلامي، مع بدء إزالة صورة قادة النظام الإيراني وبعض العملاء من شوارع بغداد.

صحيح أن التخلص من هذا الغزو الفارسي تطلب الكثير من الدم والدمار، والجوع والفقر، أكان في سورية أو العراق أو لبنان، ولم يتبق إلا صنعاء عاصمة الحكمة العربية الراضخة إلى اليوم تحت الأسر.

لكن وفقاً للعبة الدومينو، فإن الحجر الأول حين يسقط تتبعه الأحجار الأخرى إلى انتهاء الشوط، ولهذا ما يجري اليوم في اليمن يشير صراحة إلى أن "الحوثي" مقبل على مصير أسود بأيدي أهل اليمن، فما جرى للطغمة البعثية السورية الفاشية، لن يكون بعيداً عن اليمن، ومن أرض الشام يجب أن تكون العبرة لطهران التي تعيش اليوم على جمر تحت رماد المعاناة المستمرة منذ 45 عاماً، لأن ثمة مجموعة من قصار النظر، أرادوا تحويل المنطقة كلها تحت عباءة مغايرة للواقع، فيما الشعب الإيراني العظيم لا يزال حياً ينبض بالشباب والقدرة على الخلاص من حكم العصور الوسطى.

من سورية كما كانت تسمى منذ القدم "قلب العروبة النابض" بدأ المارد العربي يتحرك، وعلى نظام العبث الإيراني أن يقتنع أن اللعبة انتهت.

  • أحمد الجارالله
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق