قالها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وقد صدق، تركيا هى اللاعب الرئيسى فى دمشق، فكل المؤشرات تؤكد أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان هو من سيقرر مصير سوريا، وليس كما يعتقد السوريون أنهم الذين سيقودون أنفسهم، فمن النفوذ الإيرانى الشيعى إلى النفوذ التركى الغربى يا قلبى لا تحزن، سوريا وقعت فى الفخ.
وبعد أن كانت تركيا تمارس الضغوط من خلف الستار، صارت تلعب علنًا وتمضى لشرعنة «الشرع» وتغيير جلده وعقله وتجهيزه رئيسًا عقب انتهاء الفترة الانتقالية، وإعلان دستور جديد للبلاد فى مارس المقبل، وإن كنت أشك فى هذا الموعد؛ وسط كل هذا الغموض وتلك التربيطات الخفية بين كل من يريدون تفتيت سوريا دويلات.
تحركات تركية سريعة، برًا وجوًا شرق نهر الفرات؛ لفرض حدود جديدة للانتقام من الأكراد، وقتال قوات سوريا الديمقراطيةـ المدعومة من أمريكاـ فى (بمبج وعين العرب وكوبانى)؛ تمهيدًا لاغتصاب القرى والأراضى المتاخمة للحدود التركية، وهو ما تفعله تمامًا إسرائيل فى منطقة «القنيطرة» جنوب سوريا وإرغام سكانها على النزوح.
هكذا لا تختلف كثيرًا أطماع أردوغان عن نتنياهو؛ فالهدف واحد والطريقة مكشوفة، الأول عينه على النفط والقضاء على الشعب الكردى واستعادة مجد الأجداد، والثانى يستولى على المزيد من الأراضى خلف الجولان المحتل؛ للسيطرة على مصادر المياه؛ ولتصبح الجولان شيئًا من الماضى القديم، لا ينبغى الحديث عن عودتها للوطن الأم سوريا، ويكون أى تفاوض مستقبلى على الخروج من جبل الشيخ وريف حماة وغيرهما من الأراضى التى احتلها الكيان عنوة بعد سقوط نظام بشار الأسد فى 8 ديسمبر الماضى.
ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس التركى فى إكمال السيناريو المرسوم سلفًا، ويضمن عدم تمرد أو انشقاق أى فصيل إذا وجد نفسه خارج التشكيل؟ وهل ستستجيب حركة سوريا الديمقراطية لنداء «الشرع» وتسلم السلاح وتفرط فى كل ما أنفقته فى صراعها مع تركيا وقتال الدواعش، «وتخرج من المولد بلا حمص»؟! وهل ستصمت الأقليات المسيحية والدرزية والعلوية على ممارسات فصائل هيئة تحرير الشام، ومنها حرق شجرة عيد الميلاد قرب ريف حماة وتفجير إحدى الكنائس وتفخيخ السيارات وغيرها من أساليب الاضطهاد وتقييد الحريات العامة والمعتقدات من قبل المقاتلين الأجانب والعناصر المتطرفة ذات التاريخ العدائى الطويل للمسيحيين؟
الصورة ضبابية، رغم كل المحاولات التى يبذلها أردوغان لتجميل وجه «الشرع» وجماعته، ونحن لسنا ضد هذا التجميل بشرط ألا يقود الشعب السورى إلى حرب أهلية بسبب اضطهاد الأقليات وعدم ضم وجوه مدنية سياسية فى الحكومة والجيش، والإصرار على أن يكون للميليشيات والفصائل بعد توحيدهاـ دون غيرهم- السيطرة على الوزارات السيادية ومقاليد الحكم فى البلاد، وهو ما رأيناه بالفعل فى اختيار مرهف أبو قصرة القائد العام للجناح العسكرى بهيئة تحرير الشام وزيرًا للدفاع، وتولى أسعد الشيبانى وزارة الخارجية.
باختصار.. نريد إخراج سوريا من الفخ؛ لتبقى عربية قادة وشعبًا، لا تتحول دمية فى يد الأتراك والأكراد ولا تقودها «القاعدة» و«الدواعش» وغيرهم ممن يغيرون الجلد والوجه، نريد سوريا بعيدة عن قبضة «أردوغان» الذى حاول إضعاف مصر بإنقاق المليارات لدعم المشروع الإخوانى، وعندما فشل اتجه إلى ليبيا فسيطر على غربها، ويحاول فى السودان والصومال، قبل أن يتجه بأموال الشعب التركى لتحقيق حلم إعادة الإمبراطورية العثمانية من الأرض السورية، بصمت مدفوع الثمن من قبل أمريكا وروسيا وإسرائيل والحلفاء.
0 تعليق