بيت لحم من مهد السلام إلى ساحة معركة.. قصة مدينة تئن تحت وطأة الاحتلال والحرب

الفيروز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في قلب بيت لحم، حيث ولد المسيح، يعيش اليوم الآلاف من الفلسطينيين في ظلام دامس.

فبينما تزدان شوارع بيت لحم بأضواء خافتة تحاول أن تخفي مأساة أكبر، يقف العالم عاجزًا عن إنقاذ شعب بأكمله من براثن الحرب والاحتلال.

فرحة عيد الميلاد هذا العام تختلط بآهات الجرحى وأنين الأرامل والأيتام في غزة، لتتحول المدينة المقدسة إلى شاهد على مأساة إنسانية لا مثيل لها.

تخيل أنك تسير في شوارع بيت لحم، فتعبر ساحة المهد الخالية من الزوار، وتمر بمحلات الحرف اليدوية التي أغلقت أبوابها، وتشاهد وجوه الأطفال وهم يحملون همومًا تفوق أعمارهم.

بيت لحم من مهد السلام إلى ساحة معركة.. قصة مدينة تئن تحت وطأة الاحتلال والحرب

هذا هو الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون اليوم، فالحرب التي تشعل نيرانها في غزة، تلقي بظلالها الكئيبة على كل المدن الفلسطينية.

في ظل هذا الظلم والقهر، يتشبث الفلسطينيون بأمل ضئيل في مستقبل أفضل، ولكنهم يرفضون الاستسلام. فهم يواصلون نضالهم من أجل الحرية والاستقلال، ويؤكدون على حقهم في العيش بكرامة على أرضهم.

بيت لحم، المدينة التي كانت دائمًا رمزًا للسلام، تبدو اليوم غارقة في ظلال الحزن والألم.

وتحوّلت شوارعها المزدانة بألوان الأعياد وأنغام التراتيل إلى مشهد كئيب، حيث غابت مظاهر الفرح تحت وطأة أصوات الانفجارات القادمة من غزة وصرخات الأبرياء.

بيت لحم من مهد السلام إلى ساحة معركة.. قصة مدينة تئن تحت وطأة الاحتلال والحرب

وبينما كانت المدينة تتزين كل عام لاستقبال الحجاج والسياح، أصبحت اليوم شاهدًا على مأساة إنسانية عميقة أثقلت كاهل سكانها.

ركود اقتصادي غير مسبوق
في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وتصاعد العدوان منذ أكتوبر 2023، يعاني اقتصاد الضفة الغربية المحتلة بأكمله من تداعيات كارثية، وبيت لحم ليست استثناء. المدينة التي كانت السياحة تشكل عصبها الاقتصادي، شهدت انهيارًا شبه تام لهذا القطاع الحيوي.

ووفقًا لجمعية الفنادق المحلية، تراجعت معدلات إشغال الفنادق من نحو 80% إلى 3% فقط. الفنادق التي كانت تضج بالحياة أصبحت خاوية، والمحال التجارية والصناعات اليدوية التي اشتهرت بها المدينة توقفت بالكامل.

هجرة قسرية وأزمات متفاقمة
مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية، اضطر نحو 500 أسرة إلى مغادرة المدينة في الأشهر الأخيرة، وفقًا للسلطات المحلية.

بعض هذه الأسر هاجرت بتأشيرات سياحية مؤقتة، بحثًا عن فرص عمل في الخارج. وبينما يتناقص عدد سكان المدينة، يكافح الباقون من أجل البقاء وسط أجواء من الكآبة والركود.

بيت لحم من مهد السلام إلى ساحة معركة.. قصة مدينة تئن تحت وطأة الاحتلال والحرب

احتفالات باهتة تحمل رسالة تضامن
اتخذت بلدية بيت لحم قرارًا رمزيًا يعكس حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون، حيث تم تقليص الاحتفالات بعيد الميلاد لتقتصر على الصلوات والشعائر الدينية فقط. وألغت البلدية وضع شجرة الميلاد التقليدية في ساحة كنيسة المهد.

وصرّح رئيس البلدية أنطون سلمان: “بيت لحم ليست منفصلة عن غزة. أردنا أن نعبر عن وحدة الحال بين كل الفلسطينيين. العيد هذا العام هو صلاة لأجل أرواح الشهداء وأمل في أن ينتهي هذا الظلم”.

كنيسة المهد: منبع الأمل وسط الألم
حتى كنيسة المهد، التي تمثل رمزًا عالميًا للسلام والمحبة، تحوّلت من مكان احتفال إلى ملاذ للدعاء. عيسى مصلح، كاهن البطريركية الأرثوذكسية اليونانية في بيت لحم، قال: “نصلي بصمت هذا العام. رسالتنا للعالم هي إدانة شديدة لما يحدث في غزة. نأمل أن يحمل عيد الميلاد رسالة سلام تعم الجميع”.

بيت لحم من مهد السلام إلى ساحة معركة.. قصة مدينة تئن تحت وطأة الاحتلال والحرب

عدوان متواصل وأرقام مرعبة
الحرب على غزة، التي بدأت في أكتوبر 2023، خلفت آثارًا مدمرة على الفلسطينيين في القطاع والضفة الغربية على حد سواء. وفقًا للأمم المتحدة، استشهد أكثر من 45 ألف فلسطيني في غزة، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وأُصيب أكثر من 107 آلاف آخرين.

في الضفة الغربية، استشهد أكثر من 700 فلسطيني منذ بداية الحرب، بينما تواصل إسرائيل اعتداءاتها البرية والجوية والبحرية.

بيت لحم من مهد السلام إلى ساحة معركة.. قصة مدينة تئن تحت وطأة الاحتلال والحرب

رسالة سلام ومحبة رغم المعاناة
وزير السياحة والآثار الفلسطيني، هاني الحايك، أكد أن “بيت لحم تحمل رسالة سلام ومحبة، رغم الظروف الاستثنائية. نريد أن نظهر للعالم أن الفلسطينيين هم شعب محب للسلام، لكنهم يعانون من ظلم مستمر”.

بيت لحم، مدينة الميلاد، ترفع صوتها اليوم عاليًا، ليس بتراتيل العيد وأضواء الشجرة، بل برسالة إنسانية تدعو لإنهاء الظلم والمعاناة. بين أصوات الانفجارات القادمة من غزة وصلوات كنيسة المهد، يبقى الأمل هو العنوان الأبرز لهذه المدينة المقدسة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق