مختصر مفيد
كان الملك فيصل الأول، ملك العراق في العام 1921، أحد أفضل الساسة العرب، فقد ضرب مثالاً رائعاً على الوحدة الوطنية، فبطانة الملك كانت من العرب والأكراد، مسلمين ومسيحيين، سّنة وشيعة، قبليين وحضر.
وكان الملك يزور المزارات الشيعية مع انه ينتمي الى الطائفة السّنية، فكسب قلوب الأقليات في العراق، مثل المسيحيين واليهود، وأفسح في المجال لجميع الفئات العراقية المذكورة لتولي الوظائف الحكومية، وبطريقة عادلة.
كما احترم حكم القانون، وقرارات المحاكم والقضاة، وكانت هناك حالات خسر الملك فيها، أو المسؤولون، القضايا أمام المحاكم، وتقبل الملك قرارات القضاء بصدر رحب.
لم يكن يجمع ثروة شخصية له، أو عقارا على حساب عامة الشعب، وكان ما لدى الملك من مال موضع تدقيق البرلمان، من وقتٍ لآخر، ومن تواضعه انه كان يجوب أنحاء العراق، ويلتقي عامة الشعب، ولم يكن يعتكف في قصره، كما اهتم بالتعليم وبالتنمية الاقتصادية، وفي عهده ظهر جيل بارز من المعلمين، والأطباء، والمهندسين، والمعماريين، والإداريين، وأقام روابط جيدة مع الدول المجاورة للعراق ومع القوى العظمى.
ورأى أن التحالف مع بريطانيا هو أمر ضروري لأمن وتنمية العراق، وبنى جيشاً جيداً ذا كفاءة.
إذن كان العراقيون، بكل فئاتهم ومعتقداتهم الدينية، يدا واحدة في ذلك الزمان، فانتعش العراق وتطور بكل المجالات، وسادت في انحاء البلاد المحبة بين فئات الشعب.
هذا درس مهم جدا للاخوة السوريين، بل وللعرب، فبالأمس، وخلال ابتهاج السوريين بالشوارع، نُصبت شجرة عيد الميلاد، فهاج بعضهم وأشعل النار فيها، الأمر ليس هيناً، فقد تُثار نوازع طائفية بين حين وآخر فتهدد أمن البلد.
أيها الاخوة: تسامحوا، وعيشوا في بلد واحد متآلفين، بكل طوائفكم الدينية، ولا يفرقكم شيء، كفى، بعد معاناة 54 عاما من الحكم المستبد، الذي عشتم في ظله الخوف والمعاناة، وفرقكم، وأثار النزعة الطائفية.
الأكراد يحتلون ثلث مساحة سورية، في الشمال الشرقي، واحذروا ان توافقوا على منحهم الحكم الذاتي، فعندئذ سيطالب العلويون بدويلة، وكذلك الدروز، وغيرهم، وهذا خطر على سورية، وفقا لتحليل العسكريين.
ان حكومة تصريف الأعمال برئاسة احمد الشرع في دمشق تسير بشكل جيد، ولو ألقت الفصائل العسكرية الأخرى السلاح، وتشكلت حكومة وطنية تنهض بالبلاد، وهدأت اوضاع سورية، فانها ستكون من أفضل البلدان العربية، فعدد السكان قليل نسبياً، ومساحة البلد كبيرة، وتطل على بحر، وقريبة من أوروبا، وصالحة للزراعة، وفيها أيد عاملة جيدة، والشعب العربي طيب ومضياف، وقد تجذب السياح الأوروبيين.
وبالإمكان الدفع بالفنادق والمنتجعات بعملة اليورو أو الدولار، ولن تتخلى عنكم الدول العربية، بالقروض، وإعادة بناء الدولة.
فيا أيها السوريون كونوا على يد واحدة، كفى انكم عشتم 54 عاما في ظل حكم قمعي، يقيد حرية المواطن، وتراقبه مخابرات الدولة، مع قسوة الحياة، وتردي الوضع الداخلي.
إن عراق الملك فيصل درس للسوريين، بل وللعرب جميعهم.
0 تعليق