اتجاه
الجمعة 27/ديسمبر/2024 - 08:44 م 12/27/2024 8:44:26 PM
انظروا إلى الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وهو يحقق لبلاده مكاسب مجانية، على حساب انهيار النظام فى سوريا، أكثر مما يحصل عليه السوريون أنفسهم، فى ظل حالة الفوضى وعدم الاستقرار، الذى هو نتيجة طبيعية، تأتى فى أعقاب الثورات أو الاستيلاء على السلطة، هذا الرجل- أردوغان- لا يضيع فرصة، ولو كانت غير منظورة، إلا وتكون قيمة مضافة، فى رصيد تحركاته وما يخطط له، منذ اتفاقيات «أستانا»2017، بخصوص مناطق خفض التصعيد مع سوريا، الذى أراد أن يستثمر فيه مصلحة تركيا، بتعيين منطقة حدودية عازلة، تضمن للجيش التركى حرية الحركة، ضد حزب العمال الكردستانى، وما يزعم من التهديدات الإرهابية فى الجنوب.
** الرئيس التركى لم يهدر الوقت، وكان أول من يقفز على مكتسبات التغيير فى سوريا، عبر حوارات مكثفة مع الإدارة السورية الجديدة، التى طالما كان يرعاها بالمال والسلاح، فى إطار التكتلات المعارضة لنظام بشار الأسد، وتوالى الوفود التركية على العاصمة «دمشق»- استخباراتية وعسكرية وسياسية- وكان على رأس القائمة، وزير الخارجية هاكان فيدان، الذى حرص على تعزيز التربيطات، مع رئيس هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولانى، وهو يتولى مسئولية تسيير الأعمال، تحت اسم «أحمد الشرع»، نحو شراكة استراتيجية، تكتسب تركيا بموجبها، مساحة واسعة من التحرك قى الشمال السورى، واستغلال قوات المعارضة، لمساعدتها فى الحرب ضد القوات الكردية.
< ربما عند الرئيس «أردوغان» بعض الحق، فيما تحدث تالياّ لسقوط النظام السورى، عن أخطاء الرئيس «بشار»، فى عدم التفاعل مع دعوته للقاء مصالحة، برعاية من الرئيس الروسى، فيلاديمير بوتين، وكانت تعكس رغبة «أنقرة» فى تطبيع العلاقات مع «دمشق»، وبهذا الاستعراض «الشامت»، أراد أن يكسب مواقف كل الأطراف، فى الداخل السورى بمكوناته، من ناحية، والمزايدة على أصحاب المصالح والأدوار، الإقليميين والدوليين من ناحية أخرى، حتى يتحكم فى مصير سوريا، ويرسم مسارات وتوجهات السلطة الجديدة هناك، ما يُمكن «أنقرة» من مواصلة دورها فى رعاية «هيئة تحرير الشام» وهى فى السلطة، امتداداً لرعايتها وقت أن كانت «إرهابية» معارضة.
< مظاهر الهيمنة التركية تجرى علناّ، تحت غطاء الوقوف إلى جانب الشعب السورى، ومساعدة سوريا فى النهوض الاقتصادى والسياسى، وحتى الكلام عن التنمية وإعادة الإعمار، ما قد ينتهى لقناعة محلية، بجدية تركيا فى القيام بدور إصلاحى، فى حين أن أهدافها، تتجه إلى تحقيق مكاسب استراتيجية، أقلها تأمين الحدود فى الجنوب، ثم ولاء السلطة فى ترسيم المياه الاقتصادية، والأهم عند «أردوغان»، التقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية، للاتفاق على حدود ومناطق النفوذ فى سوريا الجديدة، وما قد ينتج عنه، استئناف برنامج صناعة الطائرة «إف-35»، الذى أوقفه الرئيس الأمريكى جو بايدن، بسبب شراء «أنقرة» منظومة «إس-400» الصاروخية من روسيا.
< هكذا.. على كل المستويات، وفى كل الأوقات والتحركات، يسعى الرئيس «أردوغان»، لأن يحصل على عوائد جديدة، وهو كما التاجر الشاطر، نجح فى استثمار كل الظروف لإنعاش اقتصاد بلاده، بأن استغل قضية اللاجئين السوريين، وساوم المجتمع الدولى، بنفس الطريقة التى أدارها مع الاتحاد الأوروبى، فى مسألة تدفق المهاجرين، ثم كانت العوائد الأكبر، باستغلال الحرب الروسية- الأوكرنية، مرة باستضافة مفاوضات بين البلدين، وأخرى بإنشاء مركز عالمى لتصدير الحبوب الروسية، بمشاركة من الأمم المتحدة، وباحترافية «أردوغان» فى استثمار الأزمات الدولية، تظل الحالة السورية الأكثر فائدة، باعتبار أنها المسار الآمن لمستقبله السياسى.
[email protected]
0 تعليق