عام 2024.. حصاد عام مليء بالمآسي والتحديات للفلسطينيين

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أيام قليلة تفصلنا عن العام الجديد، والعام الثاني لحرب غزة، وتحديدا 500 يوم على حرب الإبادة في غزة، شهد عام 2024 أحداثا مروعة في قطاع غزة بداية من الأوضاع الإنسانية الكارثية وشدة القصف الإسرائيلي وحرق المواطنين أحياء جراء القصف العشوائي، وصولا لوفاة الأطفال الرضع بسبب شدة البرد القارص والجوع وانتشار المجاعة وسوء التغذية نتيجة شدة الحصار.

 

ونرصد من خلال التقرير التالي من خلال مجموعة من الخبراء والباحثيين السياسيين كيف يخطط الاحتلال الإسرائيلي لتدمير غزة ومحاولاته المستمرة لتصفية القضية الفلسطينية.

في هذا السياق، قدم الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ناصر الصوير، قراءة شاملة للأحداث التي رسمت ملامح هذا العام، حيث وصفه بعام "الإبادة والخيبات الكبرى"، مسلطًا الضوء على التحديات والمآسي التي عصفت بغزة والمنطقة.

 

قال الصوير في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، مع اقتراب العام 2024 من نهايته، شهد هذا العام سلسلة من الأحداث الجسيمة التي طالت الفلسطينيين ومحور المقاومة، وأدت إلى تغييرات جذرية في المشهد السياسي والميداني في المنطقة. 

وأضاف الصوير، أن غزة شهدت خلال عام 2024 حربًا متواصلة وصفها الصوير بـ"الإبادة الشاملة"، حيث واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي سياسة التدمير الممنهج لكل مقومات الحياة في القطاع.

 

وأكد الصوير، أن الأرقام والإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 75% من الحياة في غزة قد دُمرت بالكامل، بما في ذلك البشر، الأشجار، المباني، المؤسسات، والبنى التحتية والفوقية.

 

وفقًا للصوير، تجاوز عدد الشهداء والمفقودين المائة ألف شخص، بينهم ستين ألف شهيد وقرابة خمسين ألف مفقود، معظمهم تحولوا إلى ركام تحت الأنقاض أو إلى أشلاء التهمتها الطيور والحيوانات في الشوارع، مشددا على أن هذه الأرقام تمثل مأساة غير مسبوقة، حيث يعيش القطاع أزمة إنسانية خانقة وسط صمت دولي شبه كامل، يقتصر على بيانات استنكار وشجب لا تحمل أي تأثير عملي على الأرض.

جهود مصرية ومحاولات التهدئة

من بين المحاولات البارزة لوقف النزيف المستمر في غزة، أشار الصوير إلى الدور المصري الكبير في التوسط عبر وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة لتحقيق هدنة، لكنه أكد أن تعنت رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتصلب مواقفه أفشل كل هذه المساعي، ما أدى إلى استمرار الحرب وتصعيدها حتى نهاية العام.

عام 2024 كان شاهدًا على انهيار كامل لما يسمى بـ"محور المقاومة"، حسب تعبير الصوير، فقد تعرضت إيران لضربات قوية، وتم تدمير حزب الله بشكل كبير، وفقدت لبنان أجزاءً كبيرة من أراضيها لصالح إسرائيل، التي توغلت مسافة 26 كيلومترًا داخل الأراضي السورية، كما شهد هذا العام سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة الميليشيات المسلحة على أجزاء واسعة من سوريا، مما أدى إلى قطع شريان الدعم العسكري لحزب الله.

وأضاف الصوير، أن إيران بدت وكأنها تخلت عن حلفائها في المنطقة، بما في ذلك حماس وحزب الله، بهدف الحفاظ على مصالحها الخاصة، متوقعًا أن تستمر إيران في التخلي عن مزيد من الأطراف، بما في ذلك الحوثيين في اليمن.

 

أعلن نتنياهو خلال هذا العام عن رؤية إسرائيل للتوسع الجغرافي في المنطقة، مؤكدًا أن الدولة بحاجة إلى رقعة أكبر لتعزيز مكانتها الإقليمية، هذا الإعلان الذي أيده الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، رسم ملامح "شرق أوسط جديد" تقوده إسرائيل، حسب الصوير.

في هذا السياق، واصلت إسرائيل تنفيذ سياسة فرض الأمر الواقع في لبنان والضفة الغربية. وفي الضفة، هددت إسرائيل السلطة الوطنية الفلسطينية بضرورة القضاء على المسلحين المنتشرين في مدن مثل جنين ونابلس، أو مواجهة الإعلان عن المستوطنات كأراضٍ إسرائيلية كاملة، مما قد يؤدي إلى حل السلطة وترحيل السكان الفلسطينيين إلى الأردن.

كما أكد الصوير أن عام 2024 شهد ارتفاعًا غير مسبوق في معاناة الشعب الفلسطيني، حيث يعيش أكثر من مليوني نازح في ظروف كارثية بمناطق ضيقة ومخيمات تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة. ووسط البرد القارس والحر القائظ، يعاني الفلسطينيون من غياب الدعم الدولي الفعلي، في وقت يكتفي فيه العالم بالتفرج على مأساتهم.

وأشار الصوير، إلى أن هذا العام كشف عن ضعف وتفكك الدول العربية، التي وصفها بأنها غير موحدة وتفتقر إلى القدرة على اتخاذ موقف مشترك لمواجهة التحديات التي تهدد الأمة، مشددا على أن السياسات الفردية للدول العربية تجعلها عاجزة عن الوقوف أمام المخططات الإسرائيلية والأزمات الإقليمية.

وتابع الصوير: “رغم الظروف الصعبة، أثبتت المقاومة الفلسطينية في غزة قدرة تحمل هائلة، حيث استمرت في القتال لأكثر من 15 شهرًا دون أن يصلها دعم بالسلاح أو الإمدادات، مؤكدا أن المقاومين باتوا يعتمدون على أسلحة محلية الصنع وحتى الأسلحة البيضاء، في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية التي تتلقى دعمًا جويًا وبحريًا مستمرًا”.

وحذر الصوير، من أن استمرار هذه الظروف قد يؤدي إلى تقوقع المقاومة وتراجع قدرتها على الصمود على المدى الطويل.

اختتم الصوير حديثه بوصف عام 2024 بأنه عام "الهزائم والانتكاسات"، مؤكدًا أن جميع الأطراف الفاعلة في محور المقاومة تعرضت لخيبات كبيرة، مشيرا إلى أهمية الاعتراف بقدرة الفلسطينيين على الصمود في وجه آلة الحرب، داعيًا إلى ضرورة التكاتف العربي والإسلامي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في ظل التحديات المقبلة.

ومع نهاية عام 2024 وفي ظل أعياد الميلاد المجيد التي يعيشها الفلسطينيون بمكونيهم الإسلامي والمسيحي، يلخص الباحث السياسي صلاح عبدالعاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين “حشد”، المشهد المأساوي لهذا العام الذي تميز بجرائم حرب وإبادة جماعية متواصلة ضد الشعب الفلسطيني، خصوصًا في غزة والضفة الغربية.

ووصف عبدالعاطي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، هذا العام بأنه "حصاد مر" لأحداث كارثية شملت الدمار، القتل، التهجير، والاعتداءات المتكررة، في ظل صمت دولي ومواقف متخاذلة، بينما يتواصل الدعم الغربي غير المسبوق لدولة الاحتلال.

ووفقًا لعبدالعاطي، استمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة للشهر الخامس عشر على التوالي، مخلفًا أرقامًا صادمة من الضحايا والدمار، فقد تجاوز عدد الشهداء والمفقودين في القطاع ستين ألفًا، إضافة إلى ما يزيد عن 108 آلاف جريح، و8500 أسير فلسطيني، لافتا إلى أن الاحتلال لم يكتفِ بالقتل فقط، بل دمر المنازل والمنشآت الحيوية، بما في ذلك المستشفيات، الجامعات، المرافق الحكومية، ودور العبادة، مما جعل القطاع شبه خالٍ من مقومات الحياة.

وأضاف عبدالعاطي أن الاحتلال ألقى أكثر من 100 ألف طن من المتفجرات على غزة، مما أدى إلى تدمير 86% من المنازل والمرافق العامة، وارتكاب قرابة 10 آلاف مجزرة أبادت عائلات كاملة من السجل المدني، مؤكدا أن هذا التدمير المنهجي يهدف، إلى جعل القطاع منطقة غير صالحة للحياة، ودفع سكانه للهجرة القسرية في ظل أوضاع إنسانية كارثية.

وأكد عبدالعاطي أن سكان غزة يعيشون جحيمًا إنسانيًا في ظل البرد القارس وانعدام الخدمات الأساسية، ووفقًا للتقارير، يعاني القطاع من نقص كامل في الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والمواد الغذائية والأدوية، بينما أُغلقت المستشفيات ومنعت السلطات الإسرائيلية الجرحى والمرضى من السفر لتلقي العلاج. 

وشدد عبدالعاطي على أن هذه الظروف أدت إلى وفاة العديد من الأطفال وكبار السن نتيجة البرد، سوء التغذية، وانتشار الأمراض.

كما أشار إلى أن ما يزيد عن 10% من سكان القطاع قد أُبيدوا بين شهيد ومفقود وجريح، ويتوقع أن تزداد هذه الأرقام مع استمرار سياسة التجويع ومنع دخول المساعدات الإنسانية، ما يعرض آلاف الفلسطينيين للهلاك.

وتابع عبدالعاطي: "لم تقتصر جرائم الاحتلال على غزة، بل امتدت إلى الضفة الغربية والقدس، حيث بلغ عدد الشهداء في الضفة الغربية 838 شهيدًا وأكثر من 6020 جريحًا، إلى جانب 1900 أسير، مؤكدا أن قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين ارتكبوا انتهاكات متواصلة بحق الفلسطينيين، شملت الاعتداء على المدنيين، اقتحام المنازل، وتدمير الممتلكات.

في القدس، تتواصل مساعي الاحتلال لتهويد المدينة وفرض سيطرته على المسجد الأقصى من خلال الاقتحامات اليومية ومنع المصلين المسلمين من الوصول إليه، إضافة إلى عرقلة وصول المسيحيين إلى كنيسة القيامة، هذه الانتهاكات تهدف إلى فرض تقسيم زماني ومكاني في الأقصى، بينما تستمر سياسة التضييق على الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين على حد سواء.

ولفت عبدالعاطي إلى أن الاحتلال يسعى لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر التحريض على وكالة الأونروا واتهامها بالإرهاب، ومن ثم منعها من العمل في الأراضي الفلسطينية، هذه السياسات تهدف إلى إنهاء دور الوكالة كشاهد على النكبة، في إطار مخطط أوسع لتصفية القضية الفلسطينية وفرض واقع جديد يعزز الهيمنة الإسرائيلية على الأرض.

الدعم الدولي للاحتلال وتخاذل المجتمع الدولي

وأشار عبدالعاطي، إلى أنه رغم القرارات الدولية المتتالية التي أدانت جرائم الحرب الإسرائيلية ودعمت الحقوق الفلسطينية، إلا أن الاحتلال مستمر في عدوانه دون اكتراث، مشيرا إلى أن محكمة الجنايات الدولية أصدرت مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين، من بينهم بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، كمجرمي حرب، إلا أن الدعم الأمريكي غير المحدود لدولة الاحتلال حال دون تنفيذ هذه القرارات.

وأكد الباحث، أن هذا الدعم الأمريكي، إلى جانب التواطؤ الأوروبي، جعل الاحتلال يتصرف كدولة مارقة تتجاهل القوانين الدولية وتواصل تنفيذ مخططاتها التوسعية في الضفة الغربية وغزة. هذا الواقع يعكس فشل النظام الدولي في حماية الشعب الفلسطيني وضمان تطبيق القانون الدولي.

أهداف الاحتلال: تفريغ غزة والسيطرة الكاملة على القدس

وحذر عبدالعاطي من أن الاحتلال يهدف إلى تفريغ غزة من سكانها عبر الضغط العسكري والإنساني لإجبارهم على الهجرة القسرية، وفي الضفة الغربية، يسعى الاحتلال إلى ضم الأراضي دون سكان، بينما تستمر مشاريع التهويد والسيطرة على القدس والمسجد الأقصى.

كما أشار إلى أن هذه السياسات تمثل جزءًا من خطة إسرائيلية أوسع لتصفية القضية الفلسطينية، تشمل منع حرية الحركة، التضييق على المؤسسات الفلسطينية، وفرض الأمر الواقع بالقوة.

ومع قرب حلول العام الجديد، وجه عبدالعاطي رسالة إلى المجتمع الدولي، داعيًا إلى ضرورة التحرك الجاد لوقف العدوان الإسرائيلي وضمان تدفق المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، كما طالب بإلزام الاحتلال بقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وضمان محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب.

واختتم الباحث السياسي حديثه بتأكيد أن الشعب الفلسطيني، رغم كل المعاناة، سيواصل نضاله من أجل حقوقه المشروعة، داعيًا إلى سلام قائم على العدالة وقرارات الشرعية الدولية، بما يضمن للفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم التي انتهكت بوضوح وفظاعة على مرأى ومسمع من العالم.

فيما قال الدكتور عماد عمر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن العام 2024 كان كارثيا على الشعب الفلسطيني وقضيته لما شهده من مجازر إبادة جماعية راح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين 70‎% منهم من النساء والأطفال إلى جانب إصابة ما يزيد عن 106 آلاف فلسطيني ما بين إصابات البتر في الأطراف وغيرها من الإصابات التي يصعب التعامل معها طبيا في غزة وهي بحاجة إلى مراكز طبية متقدمة.

وأضاف عمر في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الاحتلال دمر كل شيء في قطاع غزة من مساكن وبني تحتية وشوارع ومؤسسات ناهيك عن تدمير في شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والإنترنت، ناهيك عن تدمير القطاع الصحي من خلال اقتحام المستشفيات وحرقها وقصفها إلى جانب تدمير قطاع التعليم من خلال استهداف المدارس والجامعات حتى رياض الاطفال لم تنجو من عمليات القصف والاستهداف.

وأشار عمر، إلى أن الاحتلال سعى من خلال المجازر وحرب الإبادة إلى إنهاء القضية الفلسطينية من خلال عمليات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء الأمر الذي تم مواجهته من قبل القيادة المصرية بكل صرامة لإفشال هذا المخطط الذى يهدف لتصفية القضية الفلسطينية.

وأوضح عمر أن الاحتلال بعد فشله في تمرير مشروع تهجير الفلسطينيين بسبب الموقف المصري وصمود أهالي محافظة غزة والشمال، يسعى لخلق واقع جديد في قطاع غزة غير قابل للحياة يفرض على سكانه الهجرة الطوعية.

واستطرد عمر: “إسرائيل مارست حرب تطهير عرقي وإبادة جماعية ومارست سياسة العقاب الجماعي من سياسة تجويع ومنع دخول المساعدات الإغاثية والمساعدات الطبية وانتهكت خلال هذه الحرب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ووثقتها المؤسسات الحقوقية والدولية ويجب ملاحقتها قانونيا في كل المحاكم الدولية لمحاسبة قادة حكومة الاحتلال وقادة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين مارسو كل أشكال الانتهاكات والجرائم ضد الأطفال والنساء”.

وأشار إلى أن سياسة القتل والمجازر لم ترهب الشعب الفلسطيني وتجبره على الرحيل بل إن شعبنا سيبقى متمسكا بأرضه صامدا ومرابطا عليها وإن هذه السياسة لم تجلب لدولة الاحتلال الا مزيدا من الدمار وأنه لا بديل عن الحل السياسي الا عبر المفاوضات والانسحاب وعودة الأمور إلى ما قبل السابع من أكتوبر من ثم البدء بدعوة المجتمع الدولي والدول المانحة لتوفير الدعم والتمويل لاعادة اعمار قطاع غزة.

وتوقع عمر أن يشهد العام 2025 مشروعا احتلاليا جديدا على الضفة المحتلة تتفيذا لتطلعات اليمين المتطرف في إسرائيل الذي يقف على رأسه الوزيران بتسئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير اللذان يناديان بضرورة إقامة المستوطنات وضمها للسيادة الإسرائيلية وإنهاء دور السلطة الفلسطينية هناك

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق