الاستجابة لله (عز وجل) صفة من صفات الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقربين، والمؤمنين الصادقين، وهى دليل على صدق الإيمان، وقوة اليقين، يقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»، ويقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ».
والاستجابة لله ورسوله حياة للقلوب، إذ يقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ».
واستجابة المؤمنين لله ورسوله تكون استجابة تامة بسرعة الامتثال، والتسليم لأمر الله ورسوله، فى المكره والمنشط، واليسر والعسر، وبذلك يكون جزاؤهم عند الله عظيما، إذ يقول سبحانه: «الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ».
وأهل الاستجابة لله ورسوله هم أهل الإجابة، فمن استجاب لأوامر الله (عز وجل) ونواهيه فامتثل لما أمره الله به، وانتهى عما نهاه الله عنه، كان من عباد الله المخلصين الذين إذا دعوه أجابهم، وإذا سألوه أعطاهم، ولهم منه سبحانه وتعالى الحسنى وزيادة، إذ يقول الحق سبحانه: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ».
ويقول سبحانه: «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»، ويقول سبحانه: «لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ».
وقد تحدث القرآن الكريم عن استجابة ربِّ العرش العظيم لأنبيائه ورسله وعباده الصالحين، إذ يقول سبحانه فى شأن نوح (عليه السلام): «وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ»، وفى شأن أيوب (عليه السلام): «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ».
وفى شأن يونس (عليه السلام)، يقول: «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِى الْمُؤْمِنِينَ»، وفى شأن زكريا (عليه السلام): «وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِى فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ»، وفى شأن عباد الله الصالحين يقول سبحانه: «وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ».
على أن إجابة الدعاء والاستجابة له مقرونة بطاعة الله (عز وجل)، وأكل الحلال، إذ لما سأل سعد بن أبى وقاص (رضى الله عنه) سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «يا رسول الله ادع الله أن يجعلنى مُستجاب الدعوة، فقال له النبى (صلى الله عليه وسلم): «يَا سَعْدُ أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ».
وختاما نؤكد: أجب تُجب، استجب يُستجب لك، أعرض يُعرض عنك، فمن تعرف على الله (عز وجل) فى الرخاء كان الله فى عونه فى الرخاء، وعند الشدائد.
الأستاذ بجامعة الأزهر
0 تعليق