شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم التي خصها الله تعالى بعظيم الفضل والمكانة، كما ذكر في القرآن الكريم في قوله: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّہِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّہِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ» (التوبة: 36)، ورجب هو أحد هذه الأشهر التي تتميز بالتحريص على تعظيمها وتفضيل العبادة فيها، لكن ما هو سبب تسمية شهر رجب بهذا الاسم؟
سبب التسمية
تعود تسمية شهر رجب إلى العديد من التفسيرات والآراء التاريخية. يُقال إن الاسم جاء من "رجب" بمعنى "تعظيم" أو "إجلال"، كما ذكر ابن منظور في "لسان العرب"، حيث اعتقد أن رجب كان شهرًا يتميز بعظمة خاصة في قلوب الناس. البعض يرى أن التسمية تعود إلى ممارسة القبائل في الجاهلية، حيث كانت قبيلة مضر تعظم هذا الشهر بشكل خاص فارتبط باسمها، فصار يُسمى "رجب مضر".
كما يذكر الجوهري في "الصحاح" أن رجب كان يُسمى "الأصم" في الجاهلية لأنه كان شهرًا لا تُسمع فيه أصوات القتال أو المعارك، نظرًا لأن العرب كانوا يتجنبون القتال في هذا الشهر باعتباره من الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال. أيضًا، هناك تسمية أخرى تُنسب إلى الشياطين، حيث يُقال إن الشياطين كانت تُرجم في هذا الشهر.
الأعمال المستحبة في شهر رجب
يعد شهر رجب من أفضل الأشهر التي يمكن للمرء فيها أن يضاعف من طاعاته وأعماله الصالحة. وقد نصح مركز الأزهر العالمي للفتوى بضرورة الاهتمام بزيادة الأعمال الصالحة في هذا الشهر، مثل الصلاة والصدقة والعمرة. كما يُستحب الإكثار من الدعاء وذكر الله، وكذلك الابتعاد عن المعاصي وكل ما قد يُضر بالإنسان في الدنيا والآخرة.
حكم صيام شهر رجب
بخصوص صيام شهر رجب بشكل كامل أو بعض أيامه، فقد أكدت دار الإفتاء أنه لا حرج في الصيام في هذا الشهر.
يجوز للمسلم أن يصوم أي يوم من أيام رجب، سواء في أوله أو في أي يوم آخر منه، حيث لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يمنع من الصيام في رجب. وقد ذكر حديث أبي قلابة رضي الله عنه في "شعب الإيمان" أن هناك قصرًا في الجنة خاصًا لصوام رجب، مما يعكس عظمة هذا الشهر وأهمية العبادة فيه.
ومع ذلك، يُنبه العلماء إلى أن شهر رجب ليس شهرًا خاصًا بالصيام، بمعنى أنه لا يوجد نص شرعي يخص هذا الشهر بالصيام دون غيره، بل هو جزء من تعظيم الأشهر الحرم.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن الأعمال الصالحة في هذه الأشهر تُضاعف، وأن صيام التطوع من أفضل الأعمال التي يمكن للمرء أن يؤديها في هذا الوقت.
فضل صيام شهر رجب
للصيام في شهر رجب فضل عظيم. ففي الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، مما يدل على عظمة هذه العبادة وأجرها عند الله.
كما ورد أن للصائم فرحتين، فرحة عند إفطاره وفرحة عندما يلقى ربه، وتُعتبر ريح فم الصائم يوم القيامة أطيب عند الله من ريح المسك.
شهر رجب هو شهر عظيم ومبارك في الشريعة الإسلامية، يحمل مكانة خاصة كأحد الأشهر الحرم التي يجب على المسلم تعظيمها والإكثار فيها من العبادة والطاعات.
يعتبر صيام هذا الشهر جائزًا ومستحبًا، ويمكن للمسلم أن يكثر من العمل الصالح فيه كما في سائر الأشهر الحرم، سواء بالصيام أو بالصدقة أو بالذكر والدعاء.
0 تعليق