د. سيف الحجري: الطقس مشمس معظم السنة.. وشوط كبير في الطاقة النظيفة
م. حسن محمد علي: رخيصة التكلفة وأكثر أماناً من الطاقات المنتجة الأخرى
د. فيرونيكا بيرموديز: استخدام هذه الطاقة يرفع كفاءة استخدام الأراضي 70 %
أكد خبراء مختصون أن تطبيقات الزراعة الحديثة ساهمت في رفع الانتاج الزراعي المحلي بجودة وكفاءة عالية، وصولا إلى تحقيق معادلة «الحد الأدنى» من الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، منوهين بقدرة التقنيات الحديثة في زيادة إنتاج المزارع القطرية وتقليل كمية الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية المستخدمة، مع تحقيق نفس الكفاءة في انتاج أنواع متعددة من الخضر والفاكهة بما فيها المحاصيل الورقية.
وأشاد الخبراء عبر «العرب» بتجربة استخدام الطاقة الشمسية في أنظمة ري المزروعات التي أعلنتها، وزارة البلدية، ممثلة ببلدية الريان، دعماً لمبادرة تشجير المناطق الخارجية، وذلك بهدف تحسين إدارة الموارد المائية ومكافحة التصحر ودعم جهود التشجير.
وأشاروا إلى أن المبادرة تهدف إلى تعزيز الاستدامة تحقيقاً لرؤية قطر الوطنية 2030، وتحسين إدارة الموارد المائية من خلال إنشاء وتطوير شبكة ري حديثة ومستدامة، وزيادة الكفاءة التشغيلية وتحسين كفاءة عمليات الري وتقليل الأثر البيئي والتكاليف، وتعزيز الوعي البيئي ونشر ثقافة الاستدامة من خلال مبادرات مبتكرة ومتكاملة ومكافحة التصحر وتحسين جودة الهواء وتعزيز التنوع البيولوجي، وايجاد حلول مبتكرة لتشغيل مضخات الري وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة.
المشاريع الزراعية
وفي هذا السياق، أكد الدكتور سيف الحجري، المختص في مجال البيئة، أن هناك وعيا في قطر بضرورة التوجه نحو استخدام الطاقة البديلة في عدد من المشاريع، بما فيها الزراعية، بالإضافة إلى توجه الأفراد في قطر إلى إنجاز محطات فردية لإنتاج الطاقة الشمسية في قطاعي الزراعة والصناعة والمنازل.
وأشار الحجري إلى ما يشهده القطاع الزراعي القطري في السنوات الأخيرة من توسع كبير، بعد تبنيه تقنيات مستدامة وذكية تضمنت مزارع حديثة مدعومة بالتكنولوجيا، وأنظمة ري آلي، وممارسات زراعة متجددة ساهمت في زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية المحلية المتنوعة في مواسم مختلفة.
وأوضح أن دولة قطر تتجه الآن إلى مصادر الطاقات البديلة من خلال بعض المبادرات والمشاريع التي يجري تنفيذها حالياً، والزامها بتحقيق التنمية المستدامة انسجاماً مع رؤية قطر 2030.
وأشار إلى أن اتفاقية مؤتمر تغير المناخ شجعت جميع الدول وحثتهم على الانتقال إلى الطاقات المتجددة وذلك حفاظا على البيئة، كما أن هناك اتجاهات كبيرة على الصعيد العالمي، من جانب الشعوب والحكومات في الحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، والطاقة الشمسية بدورها توفر وسيلة فعالة للقيام بذلك، لأن الطاقة الشمسية مستدامة وتحافظ على البيئة.
ولفت د. الحجري إلى أن قطر انتبهت لهذا الأمر بالفعل واتجهت نحو استغلال الطاقة الشمسية، خاصة أن الطقس مشمس معظم أيام السنة، وقطعت شوطا كبيرا في استخدام الطاقة النظيفة والأبحاث بدأت تتطور وتدخل حيز التنفيذ، بدليل أن هناك بعض الحدائق التي أصبحت تضاء بالطاقة الشمسية، معربا عن أمله في أن يصبح استخدام الطاقة الشمسية أكثر توسعا وأن يتم استخدامها في الإنتاج الزراعي بما يساهم في تحسين إدارة الموارد المائية وزيادة الكفاءة التشغيلية وتحسين كفاءة عمليات الري وتقليل الأثر البيئي والتكاليف.
الطاقة البديلة
من جانبه قال المهندس، حسن محمد علي، خبير زراعي، إن استثمار الطاقة الشمسية في الزراعة أصبح من الواجبات البيئية لتنويع مصادر توليد الطاقة البديلة، مع انخفاض تكلفتها وإمكان استخدامها لأغراض زراعية بما فيها تشغيل مضخات الري بالمزارع وتقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية. وأكد أن الطاقة الشمسية تتميز بأنها رخيصة التكلفة وأكثر أماناً من الطاقات المنتجة الاخرى، بالإضافة إلى استمراريتها دون انقطاع، كما أنها اقل تكلفة من الكهرباء، وليس لها مضار على البيئة فلا تنتج عنها آثار سالبة من ضوضاء أو مخلفات ومحروقات، كما أن الطاقة المنتجة يمكن أن تخزن لفترات طويلة قد تصل لخمسة أو ستة أشهر.. كما أن عمرها الافتراضي يصل إلى 25 عاما و52 ألف ساعة تشغيل بالنسبة للبطارية. وأشار إلى ان المزارع القطرية تستخدم أنظمة زراعية حديثة مثل «الأكوابونيك» و»الهيدروبونيك» لزيادة الإنتاج في وحدة المساحة وقلة العمالة المطلوبة مع الاستغناء عن العمليات المكلفة مثل الحرث والتعقيم والتسميد وإزالة الحشائش والبعد عن أمراض التربة وملوثاتها وآفاتها.. وكذلك الحصول على محصول مبكر وسريع الإنتاج، ما أتاح القيام بعدد أكبر من الزراعات في الموسم الواحد مع تحكم أفضل في الري والتسميد.
المناطق القاحلة
من جهتها، أكدت الدكتورة فيرونيكا بيرموديز، مدير بحوث أول في مركز الطاقة بمعهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، أهمية استخدام الخلايا الكهروضوئية الزراعية في المناطق القاحلة، مما يساهم في زيادة بنسبة 70٪ في كفاءة استخدام الأراضي، منوهة باستخدام هذه النظم في المناطق القاحلة وتعزيز زراعة المحاصيل التي تتحمل أشعة الشمس والكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية.
طريقة ثورية لإنتاج الغذاء والطاقة
كان التوسع في استخدام الطاقة الشمسية في الزراعة محور ورقة بحثية أصدرتها مؤسسة العطية للطاقة، حول تقنيات ما يعرف باسم «الزراعة الشمسية»، أو Agrivoltaics وتختصر عادة بـ «Agri-PV» والتي تدعم بطريقة ثورية إنتاج الغذاء والطاقة في بعض أكثر المناطق تضرراً بالتغير المناخي بما فيها منطقة الشرق الأوسط، التي تعد الدوحة واحدة من أهم أجزائها.
ويتم تطبيق تقنية الزراعة الشمسية من خلال تطوير مساحة من الأرض للزراعة وإنتاج الكهرباء باستخدام الخلايا الكهروضوئية في نفس الوقت، وتتضمن تلك الممارسة، المعروفة أيضًا باسم «الطاقة الشمسية مزدوجة الاستخدام»، ضبط ارتفاع الألواح الشمسية إلى ما يصل إلى 14 قدمًا، بالإضافة إلى ضبط المسافة بين الألواح لتتسع للمعدات والعمال والمحاصيل وحيوانات المزرعة. وتتيح المسافة وزاوية الألواح الشمسية وصول الضوء إلى النباتات الموجودة تحتها، كما توفر فائدة إضافية تكمن بحماية تلك المحاصيل من درجات الحرارة المرتفعة.
نقل الكهرباء
وعادةً ما يتم نقل الكهرباء التي تنتج في المزرعة إلى الشبكة الكهربائية من خلال محطات الطاقة الكهربائية القريبة. وعلى الرغم من أن بعض الكهرباء قد تستهلك في المزرعة المضيفة، إلا أن تلك المشاريع مصممة لتوفير الطاقة للاستخدام العام وتوفير مصدر بديل للدخل لأصحاب الأراضي الزراعية.
وتمت تطبيق تلك الفكرة لأول مرة في ألمانيا عام 1981، إلا أنها حظيت بزخم عالمي مؤخرًا نتيجة الاهتمام المتزايد بالاستثمارات المستدامة، والطلب على الطاقة المتجددة، وانخفاض تكاليف تقنيات الطاقة الشمسية.
وقد زادت القدرة الاجمالية لأنظمة الزراعة الشمسية في جميع أنحاء العالم من 5 ميغاوات في عام 2012 إلى أكثر من 14,000 في عام 2020، علاوة على وجود برامج تمويل وطنية لهذه المشاريع في الصين وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
الإمكانات التقنية
وتبين من خلال التعاون البحثي بين جامعة شيفيلد والزراعة العالمية، ومركز «World Agroforestry»، ومعهد ريادة الأعمال الزراعية في مقاطعة كاجيادو شبه الصحراوية، التي تقع على بعد حوالي 100 كم جنوب العاصمة الكينية نيروبي، الإمكانات الكبيرة لتلك التقنية في ظل ظروف مناخية قاسية وأجواء حارة جداً.
وفي الموقع الذي تمت فيه إقامة المشروع التجريبي، تميزت النباتات المزروعة تحت ألواح الطاقة الشمسية، مثل الكرنب، بحجم أكبر بمقدار الثلث، مقارنة بتلك المزروعة في ظروف مشابهة من حيث الأسمدة والماء. كما أظهرت محاصيل أخرى مثل الباذنجان والخس نتائج مماثلة، علاوة على أن الذرة المزروعة تحت الألواح كانت أطول وأكثر نضجا.
وتحمي الألواح الشمسية المزروعات من الشمس والأشعة فوق البنفسجية (UV) وتولد طاقة كهربائية أعلى، كما تقلل كمية المياه المطلوبة للري بنسبة 47 في المائة. وتعد هذه التقنية ذات أهمية خاصة في بلدان مثل كينيا، حيث يؤثر الجفاف الناجم عن الاحتباس الحراري على الأمن الغذائي والمائي بشكل كبير، كما أن شراء الكهرباء من الشبكة الوطنية هناك يزيد كاهل المزارعين بأعباء مالية كبيرة.
0 تعليق