على مدى 11 مقالا، تناولت بالتفصيل تاريخ العمل بنظام المجالس المحلية الشعبية فى مصر، وأهدافها وطريقة تشكيلها ونظام انتخابها واختصاصاتها المنقوصة وعدم تمكنها من تطبيق أو استخدام كل أدواتها الرقابية، وخاصة استجواب المحافظ وكبار التنفيذيين، وعرضت التحديات والمشكلات والعقبات التى تقف امام انطلاقها للقيام بدورها فى الرقابة الشعبية على أداء السلطة التنفيذية المحلية المتمثلة فى المحافظ ورؤساء الأحياء والوحدات المحلية والقروية.
ولنجاح تطبيق قانون المجالس الشعبية الجديد والمزمع صدوره؛ وحتى يؤتى ثماره، أنصح الحكومة بقرارات مهمة يجب أن تتخذ أولا ومنها: إجراء تعديل قانونى لإعادة التقسيم الإدارى للمحافظات، حيث لا يتناسب الإطار القانونى الحالى، والمتمثل فى القانون رقم 43 لسنة 1979 مع الرغبة والتوجه إلى اللامركزية، المنصوص عليها فى المادة 176 من دستور 2014.
كما يجب تفعيل النصوص القانونية بقانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة 59/ 1979 بنقل تبعية المدن الجديدة فور اكتمال بنيتها الأساسية للمحليات، لتخضع جميع المدن المصرية وبالتدريج لمنظومة واحدة ووزارة واحدة، وبالتالى تكون للمدن الجديدة مجالس محلية شعبية تسهم فى نموها وتطويرها والحفاظ على مكتسباتها وتحميها من الفساد والبيروقراطية.
ومن المهم جدا إصلاح النظام المالى فى المحافظات، وإيجاد آليات مرنة لتلبية احتياجات المشاريع التى تقترحها المجالس المحلية، دون الانتظار لموافقة الحكومة المركزية، وتوفير الاستقلالية المالية الكاملة فى المصروفات والإيرادات لهذه المجالس المنتخبة، وبما يتناسب مع أحلام وآمال المواطنين، وأيضا تأسيس نظام عادل للتحويلات الحكومية، يحقق المساواة بين الوحدات المحلية الغنية والفقيرة، مع مراعاة المساحة، عدد السكان، والموارد الذاتية.
ولضمان إحكام الرقابة الشعبية على أداء الوحدات التنفيذية المحلية، يفضل أن تكون كيانات الوزارات (المديريات)، وفروع الهيئات العامة تابعة لمستوى المحافظة أو لديوان عام المحافظة، وتخضع الكيانات الوزارية على مستوى المراكز (الإدارات) للإدارة المحلية للمركز.
وللوصول إلى التناغم فى الأداء بين المجالس الشعبية والتنفيذية ينبغى دمج الوحدات المحلية الصغيرة وتوحيد المستويات المحلية وتحقيق العدالة والتكامل بينها وفقا لموارد وإمكانيات كل محافظة. مع السعى لتعديل المادة 175 من دستور 2014، ليكون بكل محافظة مستويين محليين اثنين فقط، بدلا من هذا التعدد والتشتت الحالى.
ومن المهم أيضا، سرعة علاج المشكلات الوظيفية الناتجة عن غياب الاختصاصات للمستويات المحلية المختلفة، لتحقيق مبدأ التوازن بين السلطات التنفيذية والمجالس المحلية، والحد من التضارب والازدواجية فى القرارات.
ورغم أننى أعلم أن المشاركين فى الحوار الوطنى أوصوا بسرعة إصدار القانون الذى شارك فى جلسات مناقشته عدد كبير من ممثلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى، إلا أننى ألمس تباطؤًا من الحكومة ومجلس النواب فى تمريره والموافقة عليه، ولا أرى سببا أو مبررا مقنعا لعدم صدوره حتى الآن فإذا كنا حقا نريد جمهورية جديدة، تسعى إلى تطبيق الديمقراطية والتوجه إلى اللامركزية الإدارية، فلا ينبغى تأجيل قانون مهم مثل هذا، حتى وإن كانت له مخاوف سياسية حالية ترتبط بالتحديات التى تواجهها الدولة داخليا وخارجيا إلا إنه سيدفع الوطن إلى الأمام، بما يخلقه من بيئة سياسية جديدة تدعم ركائز الحرية والديمقراطية المنشودة.
وأتمنى أن أكون قد حققت بهذه السلسلة من الحلقات الهدف منها وهو التأكيد على أهمية المجالس الشعبية المحلية كأداة قوية لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية فى مختلف محافظات الجمهورية الجديدة.
0 تعليق