142 عامًا على ميلاد الشاعر جبران خليل جبران، الذي ولد في 6 يناير 1883، في قرية بشري شمال لبنان، لأسرة فقيرة، حيث كان والده يعمل راعيًا للماشية ويقضي وقته في الشرب ولعب الورق، بينما كانت والدته من عائلة ذات خلفية دينية، وقد تولت رعايته ماديًا وعاطفيًا.
ونظرًا لعدم اهتمام والده بالتعليم، لم يلتحق بالمدارس التقليدية، لكنه كان يزور بين الحين والآخر كاهن البلدة، الذي اكتشف مهاراته وذكاءه، فتعهد بتعليمه الأبجدية والقراءة والكتابة، مما فتح له أبواب المطالعة والتعرف على التاريخ، العلوم، والآداب. بفضل والدته، تعلم جبران اللغة العربية، وتدرب على الرسم والموسيقى.
لم يكن الفقر الذي تعيشه العائلة كافيًا لزيادة معاناتهم، حتى جاء الجنود العثمانيون عام 1891 واعتقلوا والد جبران بسبب سوء إدارته للضرائب، وتم سجنُه وتجريده من جميع ممتلكاته. بَيْدَ أن والدته قررت أن الحل الوحيد لمشاكلهم هو الهجرة إلى الولايات المتحدة بحثًا عن حياة أفضل.
ومع مرور الوقت، قررت العائلة العودة إلى لبنان حتى يتابع جبران دراسته ويطور مهاراته في اللغة العربية، فاستفاد من تعليم أساتذة كبار مثل الأب يوسف حداد، الذي علمه أسرار اللغة العربية وأدبائها، مثل ابن خلدون والمتنبي وابن سينا، مما جعله يُتقن التعبير عن أفكاره باللغة الأم. كما درس الفرنسية واطلع على الأدب الفرنسي.
في بداية عام 1900، ومع بداية القرن الجديد، تعرف جبران على يوسف الحويك، وعملا معًا على إصدار مجلة "المنارة" التي كان جبران يضع رسوماتها، واستمر التعاون بينهما حتى أنهى جبران دراسته بتفوق في اللغتين العربية والفرنسية، وكذلك في الشعر، في عام 1902.
وفي عام 1908، سافر جبران إلى باريس لدراسة الفن، حيث أمضى فيها عامين، والتقى بصديقه يوسف حويك. ثم انتقل إلى بوسطن في عام 1910، ومن هناك إلى نيويورك، حيث عاش بعيدًا عن محيط الجالية اللبنانية، بحثًا عن بيئة فكرية وأدبية أوسع. استقر في نيويورك حتى وفاته، وهناك بدأ في رسم العديد من اللوحات الشهيرة للشخصيات البارزة، إلى جانب مواصلة أعماله الأدبية والفنية.
مؤلفات جبران خليل جبران
كان في كتابات جبران خليل جبران اتجاهين؛ أحدهما يأخذ بالقوة ويثور على العقائد والدين، والآخر يتتبع الميول ويحب الاستمتاع بالحياة، ومن مؤلفاته نذكر..
دمعة وابتسامة
كتاب "دمعة وابتسامة" لجبران خليل جبران، عبارة عن مجموعة من المقالات والقصص الوعظية والرمزية، وبعض القصائد النثرية، كتبها لجريدة "المهاجر" ما بين 1903 و1908، وجمعت ونشرت في كتاب واحد عام 1914 وفيه يبحث في موضوعات المجتمع، والطبيعة، والحب والوجود.
النبي
أشهر كتب جبران خليل جبران "النبي" كتبه بالإنجليزية وقد صدر عام 1923 وترجم إلى أكثر من خمسين لغة، وهو يعتبر بحق رائعة جبران العالمية، مضمونه اجتماعي، مثالي وتأملي فلسفي، وهو يحوي خلاصة آراء الكاتب الراحل في الحب والزواج والبيع والشراء والحرية والقانون والرحمة والعقاب والدين والأخلاق والحياة والموت واللذة والجمال والكرم والشرائع وغيرها، وقد وردت على لسان نبي سمي "المصطفى" ورسالة النبي رسالة المتصوف المؤمن بوحدة الوجود، وبأن الروح تتعطش للعودة إلى مصدرها، وبأن الحب جوهر الحياة.
الأجنحة المتكسرة
تعتبر قصة "الأجنحة المتكسرة" لجبران خليل جبران من أشهر قصصه بالعربية، وتتحدث عن شاب بعمر الـ18 يحب فتاة، ولكن تلك الفتاة تخطب من شخص آخر غني يطمع في ثروة والدها لتبدأ سلسلة من المشكلات.
ويتحدث جبران خليل جبران في "الأجنحة المتكسرة" عن أول قصة حب له ومدى تأثيرها على حياته، عن علاقته بامرأة تدعى سلمى كرامة التي انتهت بالفشل، ويسرد الكاتب القصة من النهاية إلى البداية.
الأرواح المتمردة
صدر كتاب "الأرواح المتمردة" من تأليف جبران خليل جبران بالعربية في عام 1908 بنيويورك، ونشرته جريدة "المهاجر"، وفيه يتحدث كما يدل عنوانه عن أرواح تمردت على التقاليد والشرائع القاسية، ضمنه جبران أربع حكايات اجتماعية "وردة الهاني"، "صراخ القبور"، "مضجع العروس"، و"خليل الكافر" في "الأرواح المتمردة" كما في "عرائس المروج" يتخذ جبران من الأقاصيص الواقعية الظاهر، ثورته على الزواج القهري والاستبداد الاقطاعي، فالأشخاص عنده إجمالا دمى يحركها على هواه، وأبواق تنقل صوته القوي الحاد.
عيسى بن الإنسان
صدر كتاب "عيسى بن الإنسان" لجبران خليل جبران عام 1928 باللغة الإنجليزية في نيويورك، وتمت ترجمته إلى العربية في 1962.
يصور جبران خليل جبران "عيسى" في هذا الكتاب كما يراه هو من خلال مشاعره وخياله وليس كما يصوره الإنجيل، أي أنه يتصور شخص أخر تماما. يسوع جبران مولود لأب وأم في الناصرة وليس في بيت لحم من العذراء مريم، فيروي الأحداث كما يراها هو فيحذف ويضيف كما يشاء، لهذا فالكتاب ليس بأي حال من الأحوال مرجعا تاريخيا أو سرد لحقائق وأحداث وإنما رؤية فنان بالدرجة الأولى لنبي أثر فيه فرسمه كما يراه في مخيلته.
0 تعليق