محليات
0
❖ الدوحة - الشرق
■ إجراءات أولية تسبق التنفيذ الجبري تسمى مقدمات التنفيذ
■ المشرع منح المنفذ ضده مهلة 10 أيام ليتدبر أمره
■ توازن المصالح بين الحقوق والواجبات في القانون الجديد
أكد المحامي يوسف أحمد الزمان أنّ المشرع حرص على تنظيم إجراءات الخصومة التنفيذية بهدف مراعاة المصالح المعقدة لأطراف الخصومة، وبإصداره قانون التنفيذ الجديد قنن قواعد جاءت ضمن فلسفة قائمة على ضرورة الفاعلية لصالح طالب التنفيذ ومراعاة الظروف الإنسانية للمحكوم عليه المنفذ ضده.
وقال إن المحاكم بدأت تطبيق قانون التنفيذ القضائي رقم (4) لسنة 2024 الجديد منذ أكثر من شهر، وتسري نصوص وأحكام هذا القانون على طلبات تنفيذ السندات التنفيذية وجميع الطلبات والمنازعات الموضوعية والوقتية المتعلقة بطلبات التنفيذ، وبإصدار وتنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة بشأنها.
- ما هي الأسس التي حرص عليها المشرع في قانون التنفيذ القضائي؟
من أهم السمات التي يمتاز بها قانون التنفيذ الجديد حرص المشرع القطري على تنظيم إجراءات الخصومة التنفيذية بهدف مراعاة المصالح المعقدة والمتشابكة لأطراف هذه الخصومة في إطار الصالح العام لتمكين الدائن من الحصول على حقوقه وفقًا للحكم القضائي الملزم الصادر لصالحه مع مراعاة عدم تجريد المدين المحكوم عليه من كل ما يملك ذلك أن اعتبارات السلام الاجتماعي تستلزم وضع وصياغة قواعد التنفيذ على نحو لا يتحول معه المدين أو المحكوم عليه إلى فقير معوز يصبح عبئًا على أسرته وعالة على المجتمع، وهي أمور حرص المشرع على تضمينها في قانون التنفيذ الجديد منها ما نظمه المشرع للأموال التي لا يجوز الحجز عليها والأموال الجائز الحجز عليها، مع توافر شروط خاصة لإجراء التنفيذ الجبري، كما وأن الأصل أن يقوم المحكوم عليه أو المدين بتنفيذ الحكم طوعًا، وإذا تراخى في ذلك فإنه يتم اللجوء للحجز التنفيذي على أمواله واستيفاء الدين من هذه الأموال ذاتها أو من ثمنها بعد بيعها بالطريقة المقررة قانونًا.
وأن المشرع بإصداره القانون قنن قواعد جاءت ضمن فلسفة قائمة على ضرورة الفاعلية لصالح طالب التنفيذ ومراعاة الظروف الانسانية للمحكوم عليه المنفذ ضده.
ومن أهم ما تضمنه القانون أن المشرع حرص على عدم مباغتة المنفذ ضده أو المحكوم عليه أو المدين بإيقاع الحجز التنفيذي على أمواله دون إعلان أو إخطار باتخاذ هذا الإجراء، إذ اشترط المشرع أن لا يتم الحجز على أموال المنفذ ضده المنقولة أو العقارية أو إجراء المخاطبات للجهات المختصة بإيقاع الحجوزات إلا بعد عشرة أيام من إعلانه وإخطاره بطلب طالب التنفيذ أو المحكوم له وهذه ضمانة جوهرية وأساسية حتى يستطيع المنفذ ضده أن يتدبر أموره ويبادر إلى التنفيذ الطوعي للحكم أو الاتفاق مع طالب التنفيذ على كيفية تنفيذ الحكم بعيدًا عن عواقب التنفيذ الجبري.
- ما المقصود بإنسانية إجراءات التنفيذ ؟
التنفيذ الجبري للأحكام يقوم على اعتبارات عملية تقضي بتمكين طالب التنفيذ أو المحكوم له أو الدائن من الحصول على حقه بالسند التنفيذي حتى لا يبقى هذا السند القضائي الهام حبرًا على ورق وهنا استلزم المشرع ضرورة مراعاة بعض الضوابط والمقدمات بهدف عدم مباغتة المحكوم عليه ومفاجئته باتخاذ إجراءات الحجز التنفيذي ضده وإذلاله وتعريضه للمهانة بالحجز على أمواله في البنوك ومنقولاته وعقاراته بأسلوب مفاجئ دون سابق إعلان أو اخطار بما يضعه ذلك في موقف محرج وبالغ الخطورة اقتصاديًا واجتماعيًا ونفسيًا.
من هنا حرص المشرع على أن يتضمن قانون التنفيذ القضائي نصًا قانونيًا يقرر قاعدة أساسية على أن تسبق التنفيذ الجبري إجراءات أولية تسمى بمقدمات التنفيذ، فهي لا تعتبر من إجراءات الحجز التنفيذي بل من مقدماته وهي لازمة وضرورية ويتعين الحرص على إتمامها، وإن تم الحجز بدون تلك المقدمات يكون الإجراء مخالفا للقانون.
- ما هي مقدمات التنفيذ التي تسبق الحجز التنفيذي؟
جاء نص المادة (31) أنه يجب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي للمنفذ ضده على عنوانه الوطني، ويجب أن يتضمن الإعلان: بيانات السند التنفيذي وبيانات طالب التنفيذ والمنفذ ضده، وبيان الإجراء الواجب اتخاذه أو المبلغ المطلوب سداده، وإعذار المنفذ ضده بوجوب التنفيذ أو تقديم ما يفيد التنفيذ خلال عشرة أيام عمل من الإعلان وإلا سيتم التنفيذ جبرًا، وإبلاغ المنفذ ضده أن كل أمواله، من تاريخ إعلانه، سواء التي تحت يده، أو التي لدى الغير ضامنة للتنفيذ، وأن أي تصرف فيها أو إخفاءها بقصد التهرب من التنفيذ جريمة يعاقب عليها القانون.
وقد حرص المشرع القطري على ضرورة أن تكون هناك قواعد وشروط قانونية ضامنة تمثل مقدمات ضرورية تسبق التنفيذ الجبري للأحكام المدينة ولاحقة على وجود السند التنفيذي وسابقة على تنفيذه جبرًا على المنفذ ضده وكل ذلك بهدف أن لا يكون التنفيذ الجبري مفاجئًا ومباغتا للمنفذ ضده الملزم بتنفيذ مقتضى السند التنفيذي والذي تقع عليه إجراءات التنفيذ، وأوجب في المادة (31) القيام ببعض الأعمال الإجرائية حتى لا يكون التنفيذ الجبري مفاجئًا ومباغتًا للمدين المنفذ ضده وهي: أولاً: يجب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي للمنفذ ضده على عنوانه الوطني وتكليفه بالوفاء بإعذار المنفذ ضده بوجوب التنفيذ أو تقديم ما يفيد التنفيذ، خلال عشرة ايام عمل من الإعلان، وإلا سيتم التنفيذ جبرًا. وهذا الاجراء أو الإعلان يتم عن طريق محكمة التنفيذ ويعد هذا الإجراء ضروريًا يتعين اتخاذه قبل بدء التنفيذ.
وحكمة هذا الإجراء هو إحاطة المنفذ ضده بالسند التنفيذي لأن أصل الاجراءات هو مبدأ المواجهة بين الخصوم وهو من المبادئ الأساسية لحق الدفاع، وهذا الإجراء يجعل المنفذ ضده على علم بما هو مطلوب منه ليتمكن من الاعتراض عليه، ويكشف عن نية طالب التنفيذ مما قد يلجأ معه المنفذ ضده إلى التنفيذ الاختياري بدلاً من التنفيذ الجبري.
ثانيًا: يتضمن هذا الإعلان التكليف بالوفاء مع الاعذار بوجوب التنفيذ خلال عشرة أيام عمل من الإعلان وإلا سيتم التنفيذ جبرًا فهو يرمي إلى إعطاء المنفذ ضده مهلة للوفاء بالدين وتدبر أموره وتجنب إجراءات التنفيذ والحجوزات التي سوف تقع على أمواله المنقولة والعقارية وغيرها.
وقد أحسن المشرع القطري بمنح المنفذ ضده مهلة عشرة أيام ليتدبر أمره للوفاء وهي مدة كافية لتجنب إجراءات الحجز التنفيذي على أمواله.
كما وأن إنذار المنفذ ضده بالوفاء وتحذيره من اتخاذ التنفيذ الجبري إذا لم يقم بالأداء يؤكد على عزم ونية طالب التنفيذ على التنفيذ الجبري.
وفي كل الأحوال فإنه لا يجوز البدء في إجراءات التنفيذ الجبري إلا بعد مضي عشرة أيام من إعلان السند التنفيذي ومتى كان السند التنفيذي قد تم إعلانه وانقضى ميعاد الأيام العشرة فإن السند يكتسب قوته التنفيذية الإجرائية ويصبح من الجائز اتخاذ إجراءات الحجز التنفيذي وفقًا لبيان الإجراء الواجب اتخاذه أو المبلغ المطلوب سداده الثابت في الإعلان الموجه للمنفذ ضده.
- ألا ترى أن مدة العشرة أيام من تاريخ إعلان السند التنفيذي للمنفذ ضده وإجراء التنفيذ الجبري تكون متسعًا من الوقت تسمح للمنفذ ضده بتهريب أمواله المنقولة والتصرف بالبيع أو الهبة في أمواله العقارية ؟
المشرع القطري أدرك ذلك من أن بعض المنفذ ضدهم قد يسعون للخلاص من الوفاء بالتزاماتهم تجاه المنفذ لهم والتهرب من التنفيذ الجبري، فنص في الفقرة الرابعة من المادة (31) من قانون التنفيذ الجديد على وجوب أن يتضمن إعلان السند التنفيذ للمنفذ ضده إبلاغه أن كل أمواله من تاريخ إعلانه، سواء التي تحت يده أو لدى الغير، ضامنة للتنفيذ، وأن أي تصرف فيها أو إخفاءها بقصد التهرب من التنفيذ جريمة يعاقب عليها القانون.
وهو ما جعل المشرع يورد نصًا عقابيًا في المادة (105): مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقـب بالحبس مدة لا تُجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على (100.000) مائة ألف ريـال، أو بإحدى هاتـين العقوبتين، كـل من ارتكب فعلاً من شأنه عرقلة التنفيذ أو تعمد تهريب أو إخفاء أمواله أو التصرف فيها لتوقي التنفيذ عليها، منذ تاريخ إعلانه بطلب التنفيذ. ويُعاقب بذات العقوبة كل من سهل له ذلك أو قدم له المساعدة.
- ما هي إيجابيات قانون التنفيذ القضائي على الواقع العملي؟
مما لا شك فيه أن قانون التنفيذ الجديد تضمن إيجابيات كثيرة في نصوصه وأحكامه لتحقيق العدالة الناجزة واسترداد الدائنين لحقوقهم بإجراءات مختصرة بعيدًا عن التعقيدات مع ضمان المواءمة بين مصالح الدائن في اقتضاء حقوقه وقدرة المدين على الوفاء بتلك الحقوق كل ذلك في إطار قواعد متوازنة.
والمشرع القطري بوضعه لقواعد التنفيذ فإنه عمد إلى تحقيق جملة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الإنسانية، إلا أن التنظيم التشريعي في حد ذاته لقواعد تنفيذ الأحكام لا يكون كافيًا ما لم يصاحبه تطبيق ينفذ إلى روح التشريع وفلسفته بحيث تفرض إرادة المشرع وسلطانه لتحقيق الأهداف العامة والخاصة المبتغاة من قانون التنفيذ.
كما وأنه من ناحية أخرى يتوجب تعيين عدد وافر من قضاة التنفيذ في محكمة التنفيذ المتمرسين في العمل القضائي لمدة طويلة ومن ذوي الخبرات وذلك لدقة خصومات التنفيذ وتشعبها وكثرة إجراءاتها في مراحلها المتعددة وصعوبتها.
- يطلب الكثير من المتقاضين لدى محكمة التنفيذ إصدار مخاطبات لجهات عديدة في الدولة لإيقاع الحجز التنفيذي ؟
هذا الإجراء يحتاج إلى إعادة نظر خاصة بعد أن أكد المشرع القطري في المادة (31) ضرورة أن يسبق أي تنفيذ جبري للأحكام مقدمات، منها أسلوب المخاطبات المتبع لدى محكمة التنفيذ معناه العملي قيام محكمة التنفيذ بإصدار أوامر بالاستعلام عن أموال المنفذ ضدهم لدى مصرف قطر المركزي وشركة قطر للإيداع المركزي للأوراق المالية، وإدارة المرور، وإدارة التسجيل العقاري وإدارة التسجيل والتراخيص التجارية وإيقاع الحجز التنفيذي فورًا على الأموال المنقولة والعقارية والاسهم للمنفذ ضده، دفعة واحدة وفي وقت واحد دون أي تحديد أو تناسب ما بين المبلغ المطلوب سداده والأموال المحجوز عليها حتى لو زادت قيمة الأموال المحجوزة عشرات المرات على المبلغ المطلوب سداده.
وحتى السجلات التجارية الخاصة بالمنفذ ضده لا تسلم من الحجز عليها بالرغم من أن السجلات التجارية لا تعد من الأموال القابلة للحجز عليها لأنها مجرد دفاتر تقيد فيها جميع المعلومات عن التاجر صاحب السجل وما يتعين عليه اتباعه عند مزاولة نشاطه، ويترتب على حجز السجلات التجارية أضرارًا بالغة بالتجار بوقف معاملاتهم البنكية وعدم إصدار شيكات جديدة للتاجر أو مالك الشركة المحجوز على سجله التجاري بسبب عدم إمكانية تحديث بياناته وتعرض التاجر لجزاءات مالية بسبب التأخير في تقديم الإقرارات الضريبية بسبب الحجز على السجل، وغرامات التأخير في تجديد الرخصة التجارية وقيد المنشأة وتتجاوز هذه الأضرار المنفذ ضده إلى غيره ممن يعملون معه من الموظفين والعمال بخصوص معاملتهم مع الجهات المختصة، وكذلك يحد من النشاط التجاري الذي يقوم به التاجر المحجوز على سجله التجاري بما يؤثر ذلك سلبًا على الحركة التجارية والاقتصادية بوجه عام. إن أسلوب المخاطبات المتبع في إجراءات التنفيذ الجبري على أموال المنفذ ضده لا يستقيم على الإطلاق مع إرادة المشرع القطري الذي يهدف إلى مراعاة المواءمة بين مصالح الدائن ومصالح المدين.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق