التنمية المستدامة... التعليم

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اهتمت الدولة عبر عقود بتنمية الموارد البشرية الوطنية، وسجلت في مراحل مبكرة مستويات مرتفعة في مؤشرات التنمية البشرية، ومنها المؤشرات الكمية التقليدية للتعليم، مثل تعميم التعليم، ونسبة المعلمين للطلبة، والانفاق على

التعليم. إلا أن التقدم في تلك المؤشرات لم يواكبه تقدم ملحوظ في جودة التعليم، إذ بقيت مؤشرات تلك الجودة في مستو منخفض وفق الدراسات المتخصصة.

لا شك أن تحقيق اهداف التنمية المستدامة، والولوج في عالم التقدم والمنافسة، يتطلب تنفيذ برنامج شامل لإصلاح التعليم، يهدف بشكل أساسي إلى رفع جودة وتنافسية مخرجاته، وهو ما لم تنجح، وفق المتخصصين، محاولات تطوير التعليم في تحقيقه عبر عقود.

فقد ركزت جهود وبرامج تطوير التعليم على الجزئيات داخل النموذج التعليمي القائم، فاتها النظر بجدية وجرأة في تغيير هذا النموذج.

كما ركزت على ربط التعليم بسوق العمل، إلا أن ذلك كله لم يؤدِ إلى النتائج المرجوة، فبقي النموذج القائم على ما هو عليه، وبقيت جودة مخرجات التعليم منخفضة، وبقيت الفجوة بين هذه المخرجات، واحتياجات سوق العمل كبيرة، وآخذة في الاتساع، وانعكس ذلك سلبا على الأداء التنموي للموارد البشرية الوطنية.

إن النموذج التقليدي للتعليم، المعمول به حاليا، يركز على الحفظ والاسترجاع في الامتحان ليحل محله حفظ آخر يغيب فيه الترابط المعرفي، ويكون ذلك على حساب نمو مهارات الطالب وقيمه واتجاهاته.

كما لا يعطي هذا النموذج الأهمية المطلوبة، في جانبه المعرفي، لمهارات تحديد المشكلات وحلها، والتفكير النقدي والإبداعي، وطرق الحصول على المعرفة، فهو نموذج لـ"التعليم" وليس "للتعلم"، والفرق كبير بينهما، فالأول تلقيني النزعة يقوم على دور المعلم، بينما الآخر مبني على دور الطالب أي على تحفيز التعلم الذاتي.

إن نموذج "التَّعلُّم" يختلف كلياً عن النموذج التقليدي القائم

"للتعليم"، فهو نموذج يوافق الحداثة والتطور الهائل في اساليب المعرفة، ويركز على صقل الشخصية، وبناء القدرات العلمية والمعرفية.

وتعزيز أساليب حل المشكلات، وتنمية القدرات الإبداعية والتفكير النقدي، والانتقال إليه ليس عملية سهلة، وتحتاج الى فترة زمنية ليست قصيرة، تتواصل فيها مراحل الانتقال للنموذج المطلوب، فهي عملية إصلاحية معقدة، ولها متطلبات عديدة، إلا انها، رغم ذلك، ضرورية ولا بد منها.

فإصلاح التعليم من خلال نموذج جديد يهدف إلى رفع كفاءة أداء نظام التعليم، وزيادة فاعلية مؤسساته وأساليبه، وضمان جودة مخرجاته، هو المدخل الرئيسي لتنمية الموارد البشرية والتنمية المستدامة.

محام وكاتب كويتي

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق