أثارت خريطة نشرها الحساب الرسمي "إسرائيل بالعربية" التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية أزمة دبلوماسية جديدة في المنطقة، حيث أظهرت ما تزعم أنه "إسرائيل التاريخية" متضمنة أراضي من دول عربية مجاورة، مما استدعى رداً شديد اللهجة.
*الجامعة العربية : الخرائط تمثل نوايا خطيرة على استقرار المنطقة*
ومن جانبه أدان أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية بأشد العبارات قيام حسابات إسرائيلية رسمية بنشر خرائط ادعت أنها تاريخية، وتضم أراضي عربية لكل من الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا.
وقال جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام إن نشر الخرائط المزعومة ليس تصرفاً عابراً، ولابد من قراءته في سياق حالة التطرف اليميني والهوس الديني التي تغرق فيها الحكومة الإسرائيلية ورموزها، إلى حد استدعاء خرافات تاريخية وترويجها باعتبارها حقائق.
وشدد رشدي على أن رموزاً رسمية إسرائيلية سبق وأن أعلنت عن النية لضم الضفة الغربية، وإعادة استعمار غزة بالاستيطان، وأن هذه الخرائط ليست سوى ترجمة لنوايا شديدة التطرف تضمرها حكومة تُمثل خطراً حقيقياً على استقرار المنطقة، وعلى التعايش السلمي بين شعوبها.
ونقل المتحدث الرسمي عن أبو الغيط تحذيره من أن تغافل المجتمع الدولي عن مثل هذه المنشورات التحريضية والتفوهات غير المسئولة يُهدد بتأجيج مشاعر التطرف والتطرف المضاد من كل الأطراف.
*نضال أبو زيد :أدبيات صهيونية متطرفة وراء الخارطة المزعومة*
ومن جانبة قال الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني نضال أبو زيد أن نشر الخرائط المزعومة جاء بالتزامن مع تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي دعا إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وضم أجزاء منها، بالإضافة إلى الترويج لبناء مستوطنات جديدة في قطاع غزة، مما أثار موجة من الاستنكار باعتبارها تصريحات عنصرية.
أوضح أبو زيد في تصريحات خاصة ل"الوفد" أن نشر هذه الخرائط ليس بالأمر الجديد، حيث دعا سموتريتش في نهاية أكتوبر الماضي خلال مؤتمر عقد في القدس المحتلة، إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية على أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة. واعتبر أبو زيد أن هذه البروباغاندا التي يتبعها الاحتلال تأتي في إطار أدبيات صهيونية متطرفة، مستندًا إلى روايات ثيودور هرتسل في كتابه "يوتوبيا الدولة"، الذي يؤكد أن دولة "إسرائيل" لا تقوم إلا بالسيطرة على يهودا والسامرا (المزعومة) وأجزاء من الأردن. كما أشار إلى عبارة حاييم وايزمان الشهيرة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، التي استخدمت لتبرير الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
*تصريحات سموتريتش تعكس العنصرية السياسية والإعلامية*
وذكر أبو زيد أن هذه التصريحات تأتي في إطار تكرار العبارات المتطرفة من قبل أركان حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، حيث صرح وزير الخارجية آنذاك ووزير الدفاع الحالي يسرائيل كاتس بضرورة تهجير أهالي الضفة الغربية. كما تلت ذلك تغريدات لرجل الأعمال الإسرائيلي وممثل اتحادات النقابات في المقاولات، روني مزراحي، الذي يُعتبر أحد أهم شركاء بنيامين نتنياهو، حيث قال إن الدور على الأردن بعد لبنان.
وفي هذا السياق، أشار أبو زيد إلى أن مزراحي ليس سوى قطعة شطرنج في رقعة اليمين الإسرائيلي، يتم تحريكها لابتزاز ما لا يزال غامضًا، خصوصًا أن المعني هو مقاول إنشائي شريك لليمين الإسرائيلي في ملفات الجدران العازلة.
وواصل أبو زيد تحليله للوفد قائلًا: إن الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل تقوم على أدبيات صهيونية ترتكز على اختراع مفهوم "عدو الضرورة" و"السلام غير الممكن" و"الحسم الدائم"، والتي وردت على لسان نتنياهو في أكثر من تصريح، حيث استشهد بأحاديث لأحد عرابي الصهيونية، الذي يدعى جابوتنسكي. وأكد أبو زيد أنه لم تكن للحركة الصهيونية حدود أبدًا، فالحدود التي نشأت كانت نتيجة للمعركة على فلسطين، وتعبر عن قوة إسرائيل العسكرية والديموغرافية والاقتصادية، بما في ذلك حاجتها للموارد الاقتصادية الهامة مثل المياه والأرض.
وشدد أبو زيد على أن الحكومة المتطرفة التي سربت ونشرت هذه الخارطة المزعومة لا تدرك أن اتفاق السلام الأردني الإسرائيلي رسم الحدود الأردنية مع الأراضي المحتلة، وأن أي تجاوز يعتبر خرقًا لاتفاق دولي له ضامنين دوليين. وأكد أن نشر مثل هذه الخرائط يندرج في إطار أدبيات التطرف الإعلامي والسياسي الإسرائيلي، الذي يجب أن يُذكر كل مرة بمعارك الجيش الأردني في القدس، مثل معركة باب الواد واللطرون والجفتلك ومعركة تل الذخيرة، ليكف عن المناكفة الإعلامية أو بشكل أدق "المراهقة الإعلامية" بنشر هذه الخرائط الزائفة.
*الأردن تحتج*
ومن جانبها، قد أصدرت وزارة الخارجية الأردنية بياناً شديد اللهجة، أدانت فيه نشر الحسابات الرسمية الإسرائيلية لخرائط تدّعي أنها تاريخيا لإسرائيل، تشمل أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة والمملكة الأردنية الهاشمية ولبنان وسوريا.
وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية، السفير سفيان القضاة، رفض المملكة المطلق لهذه السياسات والتصريحات التحريضية التي تستهدف إنكار حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.
كما دعا البيان الأردني إلى موقف دولي واضح لإدانة هذه الممارسات والتحذير من عواقبها الوخيمة على أمن المنطقة واستقرارها، مطالباً الحكومة الإسرائيلية بوقف هذه التصرفات التحريضية فوراً والكف عن التصريحات المستفزة.
وشدد القضاة على أن هذه الأفعال لا تنال من الأردن ولا تنتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، معتبراً أن هذه الادعاءات والأوهام التي يتبناها المتطرفون في الحكومة الإسرائيلية تشكل خرقاً صارخاً للأعراف والقوانين الدولية.
هذه التحديات تتطلب ردود فعل قوية من الدول العربية والمجتمع الدولي. فالتصريحات الإسرائيلية التي تتجاهل الحقوق الفلسطينية وتدعو لضم مزيد من الأراضي ليست مجرد قضايا محلية، بل تمثل تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة. من المهم أن يتم تحذير الحكومة الإسرائيلية من مغبة هذه السياسات، وأن يتم الضغط عليها للامتثال للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.
*البرلمان العربي يدعوا العالم للضغط على إسرائيل لوقف ادعاءاته الباطلة*
كما أدان محمد أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي، ما تقوم به الحسابات الرسمية التابعة لحكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي، بنشر الخرائط المزعومة التي تدعوا فيها إلى ضم الضفة الغربية وإنشاء مستوطنات في قطاع غزة، مؤكدًا رفضه القاطع لمثل هذه الدعوات التي تهدف إلى إنكار حقوق الشعب الفلسطيني ومنعه من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.
ودعا رئيس البرلمان العربي، المجتمع الدولي ودول العالم الحر والبرلمانات الدولية والإقليمية، بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية والعمل من أجل الضغط على كيان الاحتلال الإسرائيلي لوقف ادعاءاته الباطلة وما يقوم به من ممارسات وانتهاكات تمثل تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة وانتهاك لحقوق الشعوب وأراضيها وسيادتها الوطنية، والعمل من أجل وقف حرب الإبادة والتطهير العرقي التي تمارس منذ من خمسة عشر شهرًا بحق الشعب الفلسطيني، مطالبًا بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وأضاف اليماحي، أن هذه الممارسات المستفزة والتي يمارسها كيان الاحتلال الإسرائيلي، تشكل خرقًا فاضحًا وانتهاكًا صارخًا لجميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني وتتطلب موقفا دوليًا حازمًا لايقافها.
0 تعليق