الميليشيات فى المصيدة.. سودانيون يطالبون بمزيد من الضغط على "الدعم السريع": الحصار الدولى سيجبرها على التفاوض

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ميليشيا الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتى»، وعدد من قيادات الميليشيا المتورطة فى ارتكاب جرائم حرب وانتهاك حقوق الإنسان فى السودان.

تأتى العقوبات الأمريكية كجزء من الجهود الدولية لمحاسبة المسئولين عن الجرائم ضد الإنسانية فى السودان، التى تتزامن مع تصاعد أعمال العنف التى تقوم بها الميليشيا، والتى تشمل ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وقتلًا جماعيًا، واغتصابات ممنهجة، وتشريدًا قسريًا لآلاف المدنيين فى إقليم دارفور، وتستند كل هذه الجرائم إلى تقارير موثوقة تؤكد تورط الميليشيا فى استهداف المدنيين على أسس عِرقية، ما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية فى السودان. 

وبالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التى تتضمن تجميد الأصول وحظر السفر، تم استهداف كيانات مرتبطة بالميليشيا؛ بهدف تقليص قدرتها على تنفيذ المزيد من الانتهاكات، وذلك فى وقت يزداد فيه الوضع الإنسانى سوءًا.

وتعتبر هذه الإجراءات جزءًا من الضغط الدولى لمحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم وتحقيق العدالة للشعب السودانى، فى وقت تسعى فيه الأمم المتحدة والمجتمع الدولى لإيجاد حلول دبلوماسية تُنهى الصراع المستمر وتضع حدًا للمعاناة الإنسانية المتزايدة.

وفى حين أن العقوبات تعد خطوة مهمة، تظل دعوات تقديم الجناة إلى العدالة أمرًا ضروريًا، من أجل العمل على إنهاء العنف فى السودان فى أقرب وقت، وحل الأزمة السياسية بالطرق الدبلوماسية.

أمجد فريد: تفعيل آليات محاسبة شاملة وعادلة ودعم عملية انتقالية حقيقية

قال المحلل السياسى السودانى، أمجد فريد، إن العقوبات الأمريكية مع محاولات إنهاء الأزمة تضع الأمور فى سياق أشمل، حيث تعد خطوة العقوبات جيدة وفى الاتجاه الصحيح، لكنها لا تكفى بمفردها، ويجب اتخاذ إجراءات أخرى لوقف الحرب فى السودان.

وأشار إلى أنه يتعين توصيف جرائم الدعم السريع والاعتراف بارتكابها جرائم إبادة جماعية، وهو تصنيف دولى يحمل تبعات قانونية مهمة على الصعيدين السياسى والقانونى.

ولفت إلى أن وصف جرائم الدعم السريع بالإبادة الجماعية يمثل نقلة نوعية فى طبيعة التفاعل الدولى مع الأزمة السودانية. 

وأضاف أنه وفقًا للقانون الدولى، فإن هذا التوصيف يفرض على المجتمع الدولى التزامات قانونية وأخلاقية لملاحقة المسئولين عن هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة، كما يتيح المجال لاتخاذ إجراءات أشد، بما فى ذلك فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية، وملاحقة الأصول المالية التابعة للدعم السريع، ومنع قادتها من التحرك بحرية على المستوى الدولى.

وتابع أن الأزمة السودانية معقدة بطبيعتها ولا يمكن حلها من خلال العقوبات وحدها، مشددًا على أن وقف الحرب يتطلب توافر إرادة سياسية حقيقية من طرفى النزاع، إضافة إلى مشاركة حقيقية من القوى المدنية والسياسية السودانية. 

وأوضح أن دعم المجتمع الدولى يجب أن يتجاوز العقوبات إلى ممارسة ضغط سياسى متواصل على جميع الأطراف؛ لتعزيز عملية سلام ذات مصداقية، والعمل على تقديم الدعم الإنسانى للمتضررين من النزاع، الذين يواجهون أوضاعًا مأساوية، بما فى ذلك خطر المجاعة والنزوح المستمر.

واختتم بالقول إن العقوبات الأمريكية على «حميدتى» قد تسهم فى تغيير ديناميكيات الصراع وتقوية موقف الحل السلمى، لكنها ليست نهاية الطريق، فالمطلوب هو تفعيل آليات محاسبة شاملة وعادلة، إلى جانب دعم عملية انتقالية حقيقية تضمن إنهاء دوامة العنف وبناء مستقبل مستقر للسودان، يكون فيه الجميع شركاء فى السلام والتنمية، وليس رهائن لنفوذ الفصائل المسلحة وأجنداتها الضيقة.

رامى زهدى: ضمان محاسبة كل مَن يثبت تورطه فى العنف أو الانتهاكات

قال رامى زهدى، الباحث السياسى المختص بالشأن الإفريقى، إن العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة، تمثل رسالة قوية من المجتمع الدولى الذى يرفض أى انتهاكات لحقوق الإنسان فى السودان. 

وأضاف أن الوضع فى السودان معقد للغاية، وأن هذه العقوبات قد تكون إحدى أدوات الضغط لإجبار الأطراف المتورطة على التوقف عن الانتهاكات، والعمل على إنهاء الصراع الذى أضر بملايين السودانيين.

وأشار إلى أن الجيش السودانى هو الجهة الشرعية الوحيدة المكلفة بحماية السودان ضد جرائم ميليشيا الدعم السريع، التى تستهدف الأموال والأرواح والممتلكات، مضيفًا أن العقوبات وحدها قد لا تكون كافية لتحقيق تغيير جذرى فى الوضع السودانى. 

وأوضح أن هذه العقوبات تشكل جزءًا من سلسلة إجراءات يجب أن تتضافر بجانب الجهود الدبلوماسية المكثفة لدفع العملية السياسية وضمان وقف دائم للقتال، ما يعنى إنهاء الحرب بشكل قاطع.

وأشار إلى أن مرحلة ما بعد العدائيات والحرب المسلحة ستكون مليئة بالتحديات، حيث ستبدأ عملية إعادة بناء السودان، وهى مرحلة قد تكون أصعب من مرحلة الحرب الحالية، وتتطلب دعمًا دوليًا أكبر.

وشدد على أهمية متابعة المجتمع الدولى الأحداث فى السودان، وضمان محاسبة كل مَن يثبت تورطه فى أعمال العنف أو الانتهاكات، مؤكدًا أن تحقيق العدالة والسلام الدائمين فى السودان يعد جزءًا أساسيًا من الأمن والسلم فى العالم. 

وأوضح أنه يتعين على المجتمع الدولى زيادة الدعم للسودان ومؤسساته الشرعية والرسمية، بالإضافة إلى تعزيز إرادة الشعب السودانى ضد الميليشيات وأى مؤامرات تخريبية أو تقسيمية، ستكون خطوة حاسمة لتسريع عودة السودان إلى مكانته كدولة ذات مسئوليات تجاه المنطقة والعالم، وتجاه مواطنيها.

شوقى عبدالعظيم: دعم دولى مستمر لضمان وقف القتال بشكل دائم

قال الكاتب الصحفى السودانى، شوقى عبدالعظيم، إن خطوة العقوبات الأمريكية وحدها يمكن أن تصبح سلاحًا ذا حدين فى هذا السياق المعقد، فبينما قد تكون هذه العقوبات محاولة لزيادة الضغط على «حميدتى»، فإن لها تبعات قد تؤثر على مسار حل الأزمة السودانية بشكل كبير.

وأوضح «عبدالعظيم»، لـ«الدستور»، أن هذه العقوبات قد تُسهم فى تعزيز موقف «حميدتى»؛ إذ إن تصعيد الضغوط قد يجعله أكثر تمسكًا بمواقفه العسكرية، كما أنه يمكنه استخدامها كورقة تفاوضية فى أى مفاوضات مستقبلية، إذ سيصبح رفعها جزءًا من شروطه. 

وأضاف أن العقوبات مع الضغوط ستكون عاملًا محفزًا يجبر الدعم السريع على الجلوس على طاولة المفاوضات، ووقتها يمكن أن تسهم هذه العقوبات فى تحفيز «حميدتى» وغيره من القيادات العسكرية للميليشيا، للبحث عن تسوية سياسية تضمن مصالحهم. 

وتابع: «ما يزيد من تعقيد المشهد هو أن الولايات المتحدة لم تقتصر عقوباتها على حميدتى فحسب، بل لوحت أيضًا بإمكانية فرض عقوبات على آخرين من الأطراف الفاعلة فى النزاع. وفى هذا الإطار، يُفهم من تصريحات المسئولين الأمريكيين أن العقوبات قد تطال أى شخص يعرقل الانتقال الديمقراطى فى السودان، أو يسهم فى إشعال الحرب، وهذه الرسالة تستهدف جميع الأطراف حتى الخارجية التى تدعم استمرار الصراع وتحول دون تحقيق الاستقرار السياسى فى السودان».

وشدد على أنه رغم أن العقوبات الأمريكية ضد «حميدتى» تُعد خطوة حاسمة، فإنها لا تشكل الحل الكامل للأزمة السودانية، فالواقع يشير إلى أن العقوبات وحدها لن تكون كافية لتحقيق تغيير جذرى فى مواقف الأطراف المتنازعة، وما يحتاجه السودان الآن هو إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف، إضافة إلى دعم دولى مستمر لضمان وقف القتال بشكل دائم، وتظل العقوبات أداة من أدوات الضغط، لكنها تحتاج إلى تعزيز بمسارات دبلوماسية وجهود سياسية شاملة.

وأكد أن المرحلة المقبلة من الأزمة السودانية قد تكون حاسمة، خصوصًا مع تصاعد التوترات العسكرية، إلا أن السؤال الأهم يظل: «هل ستنجح هذه العقوبات فى دفع الأطراف نحو تسوية سلمية حقيقية؟»، وإن كانت الإجابة تعتمد على مدى تأثير الضغوط الاقتصادية والسياسية على قادة الصراع، فإن الطريق إلى السلام لا يزال يتطلب مزيدًا من الجهود الجماعية والتعاون الدولى الفعّال.

محمد إلياس: الحل فى توافر إرادة سياسية لوقف الحرب

أكد الباحث السياسى السودانى، محمد إلياس، أن العقوبات الأمريكية المفروضة على قوات الدعم السريع لن تأتى بجديد، لأنها ليست الأولى من نوعها. 

وأشار «إلياس» إلى أن واشنطن كانت قد فرضت عقوبات سابقة على شركات تابعة للدعم السريع، وأخرى مرتبطة بمنظومة الصناعات الدفاعية والقوات المسلحة، موضحًا أن المعضلة الرئيسية ليست فى فرض العقوبات، بل فى استمرار رفض بعض الأطراف التوصل إلى اتفاق سلام شامل.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة تسعى من خلال هذه العقوبات إلى الضغط على ميليشيا الدعم السريع للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وأشار إلى أن عدد النازحين واللاجئين يتزايد بشكل مستمر، فى حين أن المجاعة بدأت تلوح فى الأفق، رغم محاولات البعض إنكار هذه الحقيقة، وبيّن أن المجاعة الحقيقية تعنى عدم وصول الغذاء إلى المحتاجين، ما زاد من الأزمة الإنسانية بشكل كبير.

واختتم تصريحاته، لـ«الدستور»، بالتأكيد أن العقوبات وحدها لن تكون كافية لإحلال السلام، ما لم تتغير المواقف على الأرض، وتتوافر إرادة سياسية حقيقية لوقف القتال وإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق