الدَّين العام مصيدة... ويضيف مرضاً جديداً

الكويت 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال التقرير الأسبوعي لمركز الشال الاقتصادي إن الكويت دولة مانحة وليست مقترضة، ويُفترض أن تميل تقارير المؤسسات الدولية المستفيدة من الدول المانحة إلى مجاملتها، وذلك ينطبق على تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والهيئات التابعة للأمم المتحدة.

وفي تقرير للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في يناير الفائت حول اقتصاد الكويت وماليتها العامة، (الإسكوا)، نقد قاس وصحيح حول الشك في استدامة وكفاءة كل منهما، وسبقتها تقارير البنك وصندوق النقد الدوليين، ولم تخلُ منه تقارير وكالات التصنيف الائتماني.

وتحت عنوان «اتجاهات هشة في مجالَي الاقتصاد الكلي والمالية العامة»، تذكر «الإسكوا» أن عائدات النفط شكلت نسبة 91 بالمئة من الإيرادات الحكومية لعام 2023، بينما ساهمت الإيرادات غير النفطية بنسبة محدودة لم تتعد 8 بالمئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لنفس العام.

وتذكر أن تقلبات أسعار النفط تسببت في تحقيق المالية العامة عجزاً لمعظم السنوات منذ عام 2015، ومن جانبنا نؤكد أن العجز طال 9 سنوات مالية من أصل آخر 10 سنوات منذ ذلك التاريخ، وبما مجموعه 43.4 مليار دينار، وسنة الفائض الوحيد كانت بسبب نشوب الحرب الروسية - الأوكرانية، أي 2022/ 2023، وهو حدث استثنائي.

ورغم تضخّم أرقام الإنفاق العام، فإن «الإسكوا» تقدّر ضعف كفاءته، هو ضخم لأن نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 50 بالمئة، بينما المعدل العالمي لتلك النسبة بحدود 37 بالمئة منه، وبلغ نصيب النفقات الجارية ضمنه للسنة المالية 2023/ 2024 نحو 93 بالمئة. ولأن ذلك المستوى من النفقات الجارية لا يترك نصيباً للحكومة لتمويل المشروعات التنموية، قدّرت «الإسكوا» أن المالية العامة في الكويت غير مستدامة.

«الإسكوا» توجه لاقتصاد البلاد وماليتها العامة نقداً قاسياً وصحيحاً حول الشك في استدامتهما وكفاءتهما

ورغم ضخامة تلك النفقات، فإن كفاءتها أو مردودها ضئيل، فالكويت تحقق معدل 0.54 على مقياس الكفاءة للنفقات العامة مقابل متوسط عالمي بحدود 0.74، وعلاج هدر النفقات العامة - وفق تقدير «الإسكوا» - قد يوفر 6.8 مليارات دينار ويرفع الكفاءة إلى حدود المتوسط العالمي.

أحد الأمثلة، الذي ذكرته «الإسكوا»، كان حول التعليم، فالكويت تنفق 12 بالمئة من نفقاتها العامة عليه، أي بما يتجاوز معدل الإنفاق العالمي، لكن النتائج الأخيرة لمستوى الطالب الكويتي، في الرياضيات مثلاً، أظهرت حصوله على معدل 383 درجة، مقابل المتوسط العالمي البالغ 449 درجة، والكويت تقر بتخلّف التعليم العام 4.8 سنوات، وما ينطبق على التعليم ينطبق على الخدمات الصحية، أو الاستثمار في رأس المال البشري.

وقد أعلنت حكومة الكويت إعطاء أولوية لقانون الدين العام، وليس هناك خلاف على مبدأ الحاجة إلى الدَّين العام كأداة من أدوات السياسة المالية، ولكن ضرره مع استمرار كفاءة النفقات العامة على ما هي عليه من ضَعف، يعني تكرار خطيئة الاقتراض من السوق العالمي عام 2017.

فالدَّين العام يأتي بعد وقف فساد وهدر النفقات العامة، ويأتي ضمن مشروع نفقات عامة محدد الأهداف وفق برنامج زمني محترم من أجل الارتقاء بكفاءتها، وعدا ذلك، فإنه سوف يضيف مرضاً جديداً، إضافة إلى مرضَي عدم الاستدامة وضعف الكفاءة، وهو مصيدة أو فخ الدّين الخارجي.

ولا جديد في تقرير «الإسكوا» وخلاصاته، والواقع أن دراسات ممولة حكومياً وهيئات حكومية رسمية كررت التحليل نفسه وخلُصت إلى النتائج نفسها. وبينما الأولوية في كل دول العالم باتت استدامة اقتصادها وماليتها العامة، لأنها تعني استدامة سوق العمل واستدامة تمويل ضرورات الناس، وهو ما لم يحدث للكويت بعد، فلا تزال أولوياتها هامشية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق