أفاد تقرير صادر عن مركز الشال الاقتصادي بأن مجلس الوزراء أقر الأحد 2 فبراير 2025 الموازنة العامة للسنة المالية 2025-2026، ويفترض أن تكون الموازنة نهائية وليست مشروع نقاش، كما كان يحدث في الماضي، وعليه لن يؤثر أي نقاش حول مكوناتها في تغيير أرقامها.
وبلغ إجمالي النفقات العامة فيها نحو 24.538 مليار دينار، أو أدنى بنحو 17 مليونا، عن مستواها للسنة المالية الحالية 2024-2025 التي قدرت مصروفاتها بنحو 24.555 مليارا، أي مستوى نفقات ثابت للسنتين الماليتين، ما يعني أن مرونة نفقاتها تآكلت.
وبلغ إجمالي إيراداتها نحو 18.232 مليار دينار، مقابل نحو 18.919 مليارا للسنة المالية الحالية، أي بانخفاض بحدود 687 مليونا، أو نحو -3.6%، ضمنها انخفضت الإيرادات النفطية بنحو 929 مليونا، وارتفعت الإيرادات غير النفطية بنحو 242 مليونا، وبلغت نسبة الإنفاق الجاري من جملة النفقات العامة نحو 90.9% مقابل نسبة بلغت 90.7% للموازنة الحالية، أي ارتفع هامشياً.
الفرضيات التي اعتمدت لتقدير إيرادات الموازنة العامة 2025-2026 مقاربة للموازنة الحالية، مستوى إنتاج للنفط بحدود 2.500 مليون برميل يومياً، وسعر 68 دولارا للبرميل، مقابل 2.548 مليون برميل يومياً و70 دولارا للبرميل للسنة المالية الحالية.
وعليه ارتفع العجز المقدر للموازنة القادمة إلى نحو 6.307 مليارات دينار، مقارنة بعجز مقدر للسنة المالية الحالية بحدود 5.636 مليارات، أي بارتفاع بحدود 11.9%، وارتفع قليلاً سعر التعادل للموازنة من 89.8 دولارا إلى 90.5 دولارا.
قراءة في أرقام الموازنة القادمة تفصح عن ثبات خواص هيكلها، مثل طغيان الإنفاق الجاري بارتفاعه هامشياً، ومثل بلوغ نفقات الرواتب والأجور وما في حكمها، أي الدعومات، نحو 80% من جملة النفقات، وهبوط كلي في مستوى الإيرادات العامة مع ارتفاع هامشي جداً في غير النفطي ضمنها ومعها ارتفاع مستوى العجز الافتراضي.
ولو أسقطنا تأثير تركيبة النفقات العامة على اختلالات الاقتصاد الهيكلية الأربعة، نخلص إلى أنها لا تعالج هيمنة القطاع العام عالي التكلفة ضعيف الإنتاجية في تكوين الاقتصاد، أو الخلل الإنتاجي، وترتقي بعجز الموازنة العامة أو تضخم من الخلل الهيكلي المالي، ولا تعالج خلل ميزان العمالة، فليس فيها توجه لخلق فرص عمل مواطنة مستدامة، ولا تحسن من تركيبة السكان نوعاً وكماً.
ومن مؤشرات الفشل ما نشرته الهيئة العامة للمعلومات المدنية الأسبوع الفائت ومبكراً وهو أمر تشكر عليه، من ارتفاع معدل البطالة المواطنة من 6% في عام 2023 إلى 6.6% عام 2024، وانخفاض عدد العمالة المواطنة في القطاع الخاص من 72.591 عاملا في عام 2023، إلى 70.756 في عام 2024، ما هو معاكس تماماً لمستهدفات الاقتصاد.
فإن كانت الموازنة القادمة مؤشراً حول مسار جهود الإصلاح، ومع واقع غياب كامل لرؤية أو برنامج حكومي، فهي حتماً مؤشر سلبي، ومع ما يحدث من انحسار في إنتاج وأسعار النفط، يبدو أن تأخر الإصلاح يعني أن الكويت تخسر وقتاً ثميناً ترتفع معه تكاليف الإصلاح وتنخفض فرص نجاحه.
3.42 مليارات دينار العجز المتوقع للموازنة الحالية
ذكر «الشال»، في تقريره، أنه بانتهاء شهر يناير 2025 انتهى الشهر العاشر من السنة المالية الحالية 2024-2025، وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي ليناير نحو 80.7 دولارا، وهو أعلى بنحو 10.7 دولارات للبرميل، أي بما نسبته نحو 15.2 في المئة عن السعر الافتراضي المقدر في الموازنة الحالية، والبالغ 70 دولارا للبرميل.
وكانت السنة المالية الفائتة 2023-2024، والتي انتهت بنهاية مارس الفائت، حققت لبرميل النفط الكويتي معدل سعر بلغ نحو 84.4 دولارا، ومعدل سعر البرميل ليناير 2025 أدنى بنحو -4.4 في المئة من معدل سعر البرميل للسنة المالية الفائتة، وأدنى بنحو 9.1 دولارات للبرميل من سعر التعادل للموازنة الحالية البالغ 89.8 دولارا وفقاً لتقديرات وزارة المالية، وبعد إيقاف استقطاع الـ10 في المئة من جملة الإيرادات لمصلحة احتياطي الأجيال القادمة.
ويفترض أن تكون الكويت حققت إيرادات نفطية في يناير بما قيمته نحو 1.575 مليار دينار، وإذا افترضنا استمرار مستويي الإنتاج والأسعار على حاليهما -وهو افتراض قد لا يتحقق- فمن المتوقع أن تبلغ جملة الإيرادات النفطية بعد خصم تكاليف الإنتاج لمجمل السنة المالية الحالية نحو 18.442 مليار دينار، وهي قيمة أعلى بنحو 2.208 مليار عن تلك المقدرة في الموازنة للسنة المالية الحالية والبالغة نحو 16.234 مليارا. ومع إضافة نحو 2.684 مليار إيرادات غير نفطية ستبلغ جملة إيرادات الموازنة للسنة المالية الحالية نحو 21.126 مليارا.
وبمقارنة هذا الرقم باعتمادات المصروفات البالغة نحو 24.555 مليار دينار فمن المحتمل أن تسجل الموازنة العامة للسنة المالية الحالية 2024-2025 عجزاً قيمته 3.429 مليارات دينار، ولكن يظل العامل المهيمن هو ما يحدث من تطورات على إيرادات النفط خلال فبراير ومارس 2025، وما يمكن أن يتحقق من وفر في المصروفات.
0 تعليق