صدر المرسوم بقانون رقم 4/ 2025 بتعديل نص المادة 441 من القانون المدني، التي تتضمن تعديل حكم تقادم المطالبة بالديون الضريبية والرسوم، لتصبح مدة التقادم 10 سنوات بعد أن كانت 5 فقط.
وأكدت المادة 2 من القانون إلغاء كل نص يخالف أحكام هذا القانون، وقد بيّنت المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 4/ 2025 أن الهدف من إطالة مدة عدم سماع دعوى المطالبة بديون الضريبة لعشر سنوات أن هذا التوجه هو «التماسا لصواب التقدير»، وعمليّا الهدف من مدِّ فترة التقادم هو منح الجهات المختصة بتحصيل الضريبة مدة كافية لتحصيلها، خشية ضياع حقوق الدولة بسبب قِصَر المدة.
وقد أثار هذا التعديل تساؤلات كثيرة حول كيفية حساب مدة التقادم للضرائب التي لم تستكمل مدد تقادمها، والحقيقة أن هناك سؤالًا أساسيًّا وبَدَهيًّا قبل بحث مسألة حساب المدد - وهي موضوع هذه الدراسة - وهو هل يترتب على تعديل المادة 441 من القانون المدني تغيير فترات التقادم لديون الضريبة في الكويت لتصبح 10 سنوات على جميع أنواع الضرائب المطبقة في الكويت؟ الإجابة: لا.
أبيّن في هذا المقال الأثرَ المحدودَ لهذا التعديل في مجال الديون الضريبية، وأشرح بداية حُكم التقادم الوارد بنص القانون المدني قبل تعديله وبعد ذلك، ثم أثر هذا التعديل على القوانين الضريبية.
• حكم التقادم الوارد بنص القانون المدني قبل تعديله وبعده
كانت الفقرة 1 من المادة 441 من القانون المدني - قبل تعديلها بموجب المرسوم بالقانون رقم 4/2025 - تنص على أنه «لا تسمع عند الإنكار دعوى المطالبة بالضرائب والرسوم المستحَقة للدولة بمُضي خمس سنوات، ويبدأ سريان هذه المدة في الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق فيها».
لذا حدّدت المادة مدةَ تقادم الضريبة ومواعيد بدء سريان مدة التقادم، وقد انصبّ التعديل الوارد في المرسوم بالقانون رقم 4/ 2025 على استبدال عبارة (عشر سنوات) بعبارة (خمس سنوات) المنصوص عليها، لذا فمدة التقادم الجديدة الواردة في المادة 441 من القانون المدني هي 10 سنوات.
إلا أن الفقرة 3 من المادة 441 من القانون المدني - التي لم يتم تعديلها أو إلغاؤها بموجب المرسوم بالقانون رقم 4/ 2025 - تنص على أنه «ولا تخلّ الأحكام السابقة بما تقضي به القوانين الخاصة»، وبعبارة أخرى رسّخت هذه الفقرة قاعدةً قانونية مفادها أن الحُكم الخاص يُخصص الحُكم العام، وبعبارة أخرى إذا وجدت قوانين خاصة تقرر أحكامًا خاصة لموضوع معيّن، فهذه الأحكام هي التي تُطبّق لا نصوص القانون التي تبيّن القاعدة العامة. وتطبيقًا لهذه القاعدة متى ما وجدت قوانين خاصة تُحدد مُددًا مختلفة للتقادم الضريبة (أو) تتضمن أحكامًا مغايرة لبدء مواعيد التقادم، فتطبق هذه القوانين الخاصة لا نصّ المادة 441 بعد تعديله.
• هل أوردت القوانين الخاصة المنظمة للضرائب في الكويت مُددَ تقادم مغايرة للواردة بالمادة 441 من القانون المدني بعد تعديلها؟
الإجابة عن هذا السؤال مهمة، لأن نصوص التقادم الواردة في هذه القوانين ستكون بمنزلة القانون الخاص الذي يُطبَّق بدلَ نص المادة 441 من القانون المدني. والإجابة هي: نعم.
بداية من المهم تأكيد أن هناك العديد من القوانين الضريبية بالكويت، وهي:
1. مرسوم ضريبة الدخل رقم 3/ 1955 وتعديلاته.
2. قانون دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية رقم 19/ 2000.
3. قانون الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدولة رقم 46/ 2006.
4. قانون ضريبة الدخل الكويتية في المنطقة المعينة رقم 23/ 1961.
5. قانون الضريبة على مجموعة الكيانات متعددة الجنسيات رقم 157/ 2024.
6. قانون الجمارك الموحَّد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية رقم 10/ 2003.
وبالرجوع إلى هذه القوانين الضريبية نجد أنها نظمت مُدَدَ تسقط بمرورها حق الدولة بالمطالبة بالضريبة، كما نظمت مواعيدَ بدء سريان التقادم، ويمكن حصر هذه الأحكام كما يلي:
- تنص المادة 13 مكرر من (مرسوم ضريبة الدخل) على «لا يسقط حقُّ الحكومة في المطالبة بالضرائب المستحقة لها بموجب هذا القانون إلا بمضيّ خمس سنوات من تاريخ تقديم الهيئة المؤسسة للإقرار الضريبي، أو من تاريخ علم المدير بعناصر الأنشطة التي لم تبينها الهيئة المؤسسة للإقرار الضريبي، أو عدم العلم بالبيانات التي أخفتها والمتعلقة بالتزاماتها الضريبية».
- كما تنص القاعدة رقم 17 من (القواعد والتعليمات التنفيذية لقانون دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية) والقاعدة التنفيذية رقم 18 من (القواعد والتعليمات التنفيذية لقانون الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدولة) على نص خاص يحدد مدة التقادم كأصل بمدة 5 سنوات.
- ونصت المادة 38 من (قانون الضريبة على مجموعة الكيانات متعددة الجنسيات) على مدة 10 سنوات للتقادم، إلا أن مواعيد بداية التقادم مختلفة تتلاءم مع طبيعة الضريبة المفروضة بالقانون، فنص القانون على سقوط حق الإدارة الضريبية بالمطالبة بدين الضريبة بمُضي عشر سنوات من تاريخ تقديم الإقرار الضريبي، أو من تاريخ انتهاء المدة المحددة قانونًا لتقديم الإقرار في حال عدم تقديمه، أو من تاريخ علم الإدارة الضريبية ببيانات وعناصر الأنشطة التي لم يتم التصريح عنها من قبل الكيانات الخاضعة للضريبة.
- كما نصت المادة 176 من (قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية) على نص خاص يتعلق بالضريبة الجمركية، فتحديدًا نصَّ القانون على «مع عدم الإخلال بالنظم والقوانين الأخرى النافذة بالدولة تكون مدة التقادم فيما يخص إدارة الجمارك إذا لم تجرِ ملاحقة بشأنها... خمس سنوات... لتحصيل الضرائب «الرسوم» الجمركية والرسوم الأخرى التي لم تحصّل لخطأ من الدائرة الجمركية ابتداء من تاريخ تسجيل البيان الجمركي».
لذا تطبّق الأحكامُ الواردة في هذه القوانين المشار إليها ولا مجال لانطباق المادة 441 عليها.
أما (قانون ضريبة الدخل الكويتية في المنطقة المعينة)، فلا يحتوي على قاعدة خاصة بالتقادم حسب علمي لذا ينطبق عليه التعديل الوارد بالمادة 441.
يُذكر أن هناك بعض الأحكام القضائية التي صدرت بتطبيق نص المادة 441 على المنازعات الضريبية بدل التأسيس على أحكام التقادم الخاصة والواردة بهذه القوانين المشار إليها، إلا أن ذلك الخلط وإن كان متصورا في السابق، نظرا لاتحاد المدة في القانون المدني قبل تعديله مع المدد الواردة في القوانين الخاصة، وهي خمس سنوات، الا أن الآن وبعد تعديل القانون المدني، فالمتوقع أن تتمسك الشركات الخاضعة للضريبة بنصوص التقادم الخمسي الواردة في القوانين الضريبية المشار إليها.
• الأثر المحدود لتعديل القانون المدني على مُدد تقادم الديون الضريبية
ويترتب على هذا العرض أن الأثر المترتب على تعديل المادة 441 في المجال الضريبي محدود، فمعظم القوانين الضريبية تنص على نصوص خاصة تتضمن مُددًا ومواعيد بداية تختلف عن تلك الواردة في نص المادة 441. لذا يثور الشكُّ حول الهدف من تعديل القانون المدني، فهل قصد المشرّع عند تعديله القانونَ المدني إحداثَ أثر محدود، على الرغم من التفسير الوارد في المذكرة الإيضاحية لتعديل المادة 441 وهدف القانون المتعلق بتلافي ضياع ديون الدولة؟ أم أن الهدف من تعديل القانون النص على حُكم لتقادم الضرائب التي ستُقر مستقبلًا، والتي لن تحتوي على قواعد خاصة بالتقادم؟ ولا أؤيد هذا التوجهَ لعدة أسباب، أهمها أنه يفترض أن يحتوي كل قانون على مُدد تقادم ومواعيد سريان تتلاءم مع طبيعة الضريبة وطرق تحصيلها، منعًا للخلاف الذي قد ينشأ عند تحديد موعد سريان كل ضريبة خاصة، وأن الدولة مقبلة على إقرار ضرائب ذات طبيعة مختلفة كضريبة القيمة المضافة، والضريبة الانتقائية، وضريبة أرباح الأعمال.
أما إذا كان هدف تعديل القانون المدني هو فعلًا تطبيق هذا التعديل على جميع الضرائب الحالية، فكان يُفترض حصر جميع أحكام التقادم الواردة في القوانين الضريبية وإلغائها مع إلغاء الفقرة الثالثة من المادة 441 من القانون المدني التي أشرت إليها في هذه الدراسة.
*عضوة هيئة التدريس بكلية الحقوق جامعة الكويت - متخصصة بالقوانين الضريبية والمالية
0 تعليق