الشال: الصندوق السيادي بلا رؤية في زمن تنحسر به أهمية النفط

الكويت 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال التقرير الأسبوعي لمركز الشال الاقتصادي إنه صدر الأسبوع قبل الفائت تقرير لمعهد صناديق الثروة السيادية (SWFI)، يقدر قيمة أصول تلك الصناديق بنحو 13.7 تريليون دولار، نصيب أكبر 10 صناديق ضمنها نحو 70% من قيمتها، أو نحو 9.614 تريليونات دولار، ونصيب صندوق الكويت السيادي نحو 7.5% من قيمة أصول كل الصناديق، ونحو 10.7% من نصيب أكبر 10 صناديق.

وضمن أكبر 10 صناديق سيادية صندوقان للصين، ما يعني أن الصناديق الـ 10 يمكن اعتبارها 9 أكبر صناديق لو دمجناها، ومن دون احتساب صندوق هونغ كونغ، تتصدر الصين حجم أصول صندوقيها السياديين بما مجموعه نحو 2.42 تريليون دولار، تليها النرويج بقيمة 1.739 تريليون، ثم جهاز أبوظبي للاستثمار بنحو 1.058 تريليون، ولأبوظبي والإمارات الأخرى 7 صناديق أرقامها غير مشمولة في التقرير المنشور.

ثم تأتي الكويت بنحو 1.029 تريليون دولار، ثم السعودية بنحو 925 مليارا، وحلّت قطر تاسعاً أو ثامناً حال دمج صندوقي الصين بقيمة لصندوقها بنحو 514 مليار دولار. ولا بُد من تنبيه ملخصه أن الأرقام المذكورة في التقرير حول قيم الصناديق السيادية ليست بالضرورة دقيقة، وأن هناك تقديرات لتلك الأرقام في تقارير مؤسسات أخرى، مثل وكالات التصنيف الائتماني، وأرقامها أقل.

ضرورة التعامل مع معلوماته بشفافية بعد القيود التي فُرضت على رقابة ديوان المحاسبة

وعودة إلى صندوق الكويت السيادي، أو احتياطي الأجيال القادمة، يبقى من الطيب أن ترتفع قيمته، بغضّ النظر عن دقة الأرقام، إلا أن هناك ملاحظات عليه لا بُد من أخذها في الاعتبار.

أولاها، غياب رؤية أو مشروع له في زمن تنحسر به أهمية النفط وتزداد أهمية الصندوق في دعم الاستدامة للمالية العامة واقتصاد البلد، فحتى الآن لا نعرف له وظيفة في إسناد للمالية العامة، ولا ارتباط بمشروع تنمية اقتصادية يوائم بين مستهدفات الداخل ونوعية استثماراته الخارجية، ولا قواعد توزيع استثماراته مثل الصندوق النرويجي.

ثانيها، وبعد إيقاف استقطاع الـ 10% من جملة الإيرادات العامة وإضافتها إليه، وبعد بيع أصول محلية غير سائلة له لتمويل عجز المالية العامة قبل بضع سنوات، لا بد من الالتزام بعدم المساس بأصله على أقل تقدير تحسباً لضغوط استنزاف أشد من تلك التي واجهها بعد عام 2015 وحتى الآن.

ثالثها، ضرورة التعامل مع معلوماته بشفافية، خاصة بعد القيود الجديدة التي فرضت على رقابة ديوان المحاسبة، فلم يعد يعرض حتى التقرير السنوي المختصر حول الأوضاع المالية للدولة، والتي تتضمن مجاميع لأرقامه، وكانت تتسرب للعامة.

الكويت لا تملك سوى البدء بتغيير جذري لنموذج عملها تعظم فيه الإفادة القصوى من أصولها المادية والبشرية

ولا نعرف حجم الالتزامات المباشرة وغير المباشرة عليه، مثل حتمية تحمله للعجز الاكتواري والذي بات يفوق العشرين مليار دينار. ووضع العجز قد يكون أسوأ بعد ارتفاع أعداد المتقاعدين عام 2024 لأربعة أضعاف معدلها لعام 2023 وفقاً لتصريح للمدير العام بالتكليف للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وقد يتعرض لمزيد من الضغوط في المستقبل مع نوايا إقرار قانون الدين، أي الاقتراض بضمان أصوله.

في خلاصة، نموذج الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على بيع أصل وتمويل احتياجات الدولة الضرورية، بات من الماضي، فالاحتياجات في تزايد والإيرادات في تناقص، والسنوات منذ عام 2015 والتي حققت فيها الموازنة العامة عجزا في 9 سنوات من أصل 10 سنوات مالية، دليل قاطع على فشل نموذج الأعمال لاقتصاد الدولة.

وفي عالم متغير بشدة، يزيد مخاطره بدء حرب تجارية بشعة لم تستثن حلفاء الأمس، لا تملك الكويت سوى البدء بتغيير جذري لنموذج عملها، تعظم فيه الإفادة القصوى من كل أصولها المادية والبشرية، وذلك لن يحدث ما لم تلتزم برؤية شاملة لتوظيف كل تلك الأصول لتحقيق مستهدفات محددة لعلاج مشكلات اقتصادها الهيكلية.

أخبار ذات صلة

0 تعليق