تعفن الدماغ

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
مع نهاية عام 2024م برز مصطلح تعفن الدماغ Brain rot كأهم كلمة متداولة في وسائل الإعلام العالمية، خصوصا بعد اختيارها كلمة العام من قبل اللجنة العلمية التي أنشأتها دار النشر المسؤولة عن قاموس أكسفورد الشهير، حيث تم اختيارها بعد 37 ألف تصويت على مستوى العالم بعد تفوقها على خمس كلمات منافسة هي: الرصانة والرتابة والتسعير الديناميكي والرومانسية والتراث.

اكتسبت عبارة تعفن الدماغ زخما واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي بين مجتمعي زد وألفا، حيث بدأت تظهر الآثار السلبية على مدمني أجهزة المحمول والمتابعين للمحتوى الهابط الذي يقدمه بعض المشاهير، عندما بدأت الآثار السلبية تظهر على المتابعين كفقدان الذاكرة وتشتت الانتباه والرغبة الشديدة بتتبع تفاصيل حياة هؤلاء المشاهير في ملابسهم وعباراتهم وسلوكياتهم.

يقول عالم النفس وأستاذ جامعة أكسفورد أندرو برزيبيلسكي: إنه لا يوجد دليل علمي إكلينيكي واضح حتى الآن على أن تعفن الدماغ هو شيء علمي حقيقي، لكن آثاره واضحة للذين يعانون منه، وقد أظهرت الدراسات والأبحاث العلمية أن استهلاك كميات كبيرة من المحتوى الهابط للمشاهير أو الأخبار السيئة أو التقارير الإعلامية التي تتضمن نظريات المؤامرة وحتى محتوى الترفيه السطحي الذي لا يمنح العقل أو الذوق قيمة قد يسبب أعراض تعفن الدماغ، ولعل أهمها فقدان الذاكرة، أما فلسفيا فيعتبر مصطلح تعفن الدماغ معادلا معنويا للانشغال بالأمور التافهة.

من أعراض التعفن الدماغي في ثقافتنا العربية أثرها السلبي على اللغة، فنجد المصطلحات الغريبة التي بدأت تلوح على الشباب نتيجة للإفراط في استخدام الأجهزة اللوحية أو الجوال، فنجد لغة جديدة متداولة في الكتابة تنم عن مزج بين الأحرف العربية والأحرف الإنجليزية والرموز والإيموجي وكذلك الأرقام، كل هذا المزيج يتم كبديل عن اللغة العربية ناهيك عن المضمون الذي يكون غاية في الخفة والضحالة والتفاهة!!

تمثل مقاطع التيك توك والمقاطع القصيرة عموما في الفيس بوك أو اليوتيوب إحدى أهم مسببات التعفن الدماغي، كونها ترتكز على محتوى الرفاهية ذي القيمة الهابطة، حيث ترتبط بسلسة قوية من خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تجعل الإنسان لا يفارق جهاز الجوال في ساعات يومه ويقضي عليه ساعات طويلة من يومه، ولذا ينصح الأطباء مدمني الإنترنت بحزمة من السلوكيات، تتضمن التقليل من ساعات الجلوس على الأجهزة، خصوصا في مرحلة ما قبل النوم، وتحديد الساعات خصوصا للأطفال والمراهقين، والأهم من ذلك الحرص على متابعة المحتوى القيم والهادف الذي ضاع في سيل المضمون التافه الذي أصبح يهيمن على المحتوى الفضائي كما يقول الفيلسوف الكندي آلان دو.

وفي الختام.. التكنولوجيا سلاح ذو حدين، حدها السلبي قد وصل ذروته في نهاية عام 2024 إلى إحداث مصطلح جديد يعبر عن مدى الحالة المزرية التي وصل لها الأطفال والشباب في حالات إدمانهم للأجهزة الذكية وبداية ظهور أعراض مرضية متزامنة معها، أما الحل فهو المساهمة الجمعية في تعميم الوعي بهذه الخطورة القادمة، ولذا كان هذا المقال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق