الصفة الأساس للمؤسسات الدستورية، خصوصاً الحكومة ومجلس النواب، هي مواكبة المتغيرات الحادثة في العالم، من خلال تطوير المجتمع عبر منظومة تشريعية معاصرة.
هذه القاعدة، للأسف، لم يجر العمل بها في الكويت منذ الاستقلال إلى الأمس القريب، إذ هناك ما يزيد على 900 قانون أُقرت منذ عام 1962، غالبيتها تُركت على "طمام المرحوم"، فيما أخرى عُدِّلت إما للتشدد، أو لخدمة مصالح نواب شكلوا أكثرية، في بعض الأحيان، في مجلس الأمة، أو بضغط من بعض الحكومات لحاجة في نفس الغالبية الوزارية، وكل هذه التعديلات لم تخدم الكويت، ولا طوّرت المجتمع، ولا عالجت أمراض الاقتصاد الوطني.
لهذا، فإن المنظومة التشريعية تحتاج إلى ثورة تلغي ما يشكل عبئاً على المجتمع، وتعدل ما يحتاج إلى التطوير، إذ، للأسف، أن 47 حكومة، و18 مجلس أمة، لم يعملا على ذلك، لأن بعضها كان أكثر همّه المكاسب، وآخر كان يبحث عن تثيبت أجندته السياسية.
لذا، ولأن اليوم مجلس الوزراء يمارس مهماته ومهمات مجلس الأمة، فعلى سمو رئيسه أن يوعز إلى الوزراء كي ينظروا في القوانين التي تخص وزاراتهم، ليقترحوا تعديلها، وإلغاء غير الصالح للعصر الحالي، خصوصاً تلك المبنية على التشدد، والتقطير، والتحاسد المانع لتطور الاقتصاد الوطني، والاستثمارات، وإقامة العدالة الصحيحة.
أغلب الاقتراحات ومشاريع القوانين لا تزال موجودة في أدراج مجلس الأمة، الذي سيطول غيابه، وهي تحتاج إلى النظر فيها وسرعة العمل على تعديلها، ومنها على سبيل المثال، القوانين الخاصة بوزارة العدل والقضاء، والمؤسسات التابعة لهما.
مرّ على هذه الوزارة الكثير من الوزراء، بعضهم أُعيد توزيره أكثر من مرة، فيما أعفي آخرون، لكن لم يجر النظر في تعديل القوانين الناظمة لمرفق القضاء والأحكام، لأكثر من سبب لن ندخل بها في هذه العُجالة، فيما اليوم على رأس الوزارة من تدرَّج في خدمة العدالة، يعني هو من رحم "العدل"، يعمل بدأب على تطوير الوزارة، وفي الوقت نفسه يجتهد في تطوير القضاء، بناءً على توجيهات صاحب السمو الأمير، وتلبية لراحة ضمير هذا الوزير، يعمل على تطوير القوانين الخاصة بوزارته، خصوصاً تلك التي تسيء إلى الكويت، والمنتقدة في المحافل الدولية، والمؤذية للوطن والمواطن.
هذا الرجل مؤمن بالمثل الشعبي "أعط الخبز لخبازه"، على أن تقوم القاعدة عنده على "يسِّر ولا تُعسر"، ولهذا، وضع يده على بيت الداء، كما يسعى ويريد رجل العهد، ولي الأمر، إلى تثبيت أسس العدالة التي لا يظلم في البلاد أحداً.
لذا، كلنا أمل أن يكون بقية الوزراء على هذا النهج، وأن يُصدر سمو رئيس مجلس الوزراء تعليماته إلى الجميع ليكونوا على قدر من المسؤولية الوطنية التي أوكلت إليهم، فالفرصة سانحة لديهم اليوم، كي يطوروا قوانين وزاراتهم، وأن تكون هناك ورشة تشريعية لتطوير المجتمع والاقتصاد لمواكبة العصر، إذ آن للكويت أن تخرج من شرنقة التخلف الذي تسببت به ممارسات وزارية ونيابية غير مسؤولة أدت إلى ما أدت إليه من أزمات.
آن الأوان كي تكون لدينا قوانين للوزارات بعيدة عن الحسد والتحاسد، والشح، تشجع على التجارة والاقتصاد والصناعة... قوانين تفتح البلاد، وفي هذا الشأن نقول: أكرموا الكريم حتى نملكه ونشاطره رزقه.
0 تعليق