صفوت عمارة: التجرؤ على الفتوى بغير علم "خطر يؤدى إلى مفاسد كبيرة"

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الجمعة 17/يناير/2025 - 06:00 م 1/17/2025 6:00:53 PM

الدكتور صفوت محمد
الدكتور صفوت محمد عمارة

أكد الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، أنّ احترام التخصص مبدأ متفق عليه منذ قديم الأزل، وعندما جاء الإسلام أرسى هذا المبدأ؛ فدعا الناس إلى التوجه بالسؤال لأهل الاختصاص دون غيرهم، عملًا بما أرشدنا إليه القرآن في قوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، أي اسألوا أهل التخصص في المجال المسؤول عنه لا غيرهم، ومما عمت به البلوى في زماننا هذا الفتوى بغير علمٍ، وهي من أخطر المصائب التي ابتليت بها الأمة في عصرنا الحاضر، وقال الإمام مالك: أخبرني رجلٌ أنه دخل على ربيعة بن أبي عبدالرحمن فوجده يبكي، فقال له: ما يُبكيك؟ أمصيبةٌ دخلت عليك؟ فقال: لا، ولكن استُفتِيَ من لا علم له فالذي يعرِّضُ نفسه للفتوى لا بُد أن يعلم يقينًا أنّه سيحاسب عن كل ما يتكلم به، فإذا أفتى بغير علمٍ، أو أفتى بخلاف ما هو صوابٌ، لهوى، أو لغرضٍ، أو لتحقيق دنيا عاجلةٍ، إنما يُقحم نفسه في الويل والهلاك.

 

وأضاف «عمارة» خلال خطبة الجمعة اليوم بمسجد المجمع الأمني بمدينة كفرالشيخ، أنَّ احترام التخصص في جميع الفنون أمر متفق عليه من قديم الأزل؛ فمن غير المقبول أن يتصدّر غير المتخصص للحديث عن مجال لا علاقة له به؛ لما في ذلك من الجناية على العلم، وفتنة الناس وتضليلهم، ولقد تنبأ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم إلى ذلك؛ فعن عبداللَّهِ بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما، قال: «سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يقْبض العلم انتزا ينازعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جُهالًا، فسئِلوا فأفتوا بغير علمٍ، فضلوا وأَضلوا» [صحيح البخاري ومسلم].

وقال الدكتور صفوت عمارة، إنّ التجرؤ على الفتوى بغير علم خطر عظيم يؤدى إلى مفاسد كبيرة، وعلى ذلك فالفتوى بغير علم حرام قطعًا، وقد جاء في الخبر "أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار"، وعن جابر بن عبد الله قال: "خرجنا في سف فأصاب رجلًا منَّا حجرٌ فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجِدون لي رخصةً في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصةً وأنت تقدر على الماء فاغتَسل، فمات، فلما قدمنا على النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُخبِر بذلك، فقال: «قتلوه قتلهم اللهُ، ألَا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاءُ العِيِّ السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصر، أو يعصب على جُرحه خرقةً، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده» [أخرجه أبو داود، والدارقطني والبيهقي]، أي: قتلوه هؤلاء الذين أفتوه دون علم، وهذا دعاء منه زجرًا وتهديدًا لهم.

وأشار الدكتور صفوت عمارة، إلى أنَّ الفتوى أمر عظيم، ومهمة ليست سهلة؛ لأنها بيان لشرع رب العالمين، والمُفتي يوقّع عن اللَّه تعالى في حُكمه، ويقتدي برسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في بيان أحكام الشريعة، وأهل العلم العارفون بخطورة الفتوى يفرون منها، وكان ابن عمر إذا سُئل قال: اذهب إلى هذا الأمير الذي تقلَّد أمر الناس، فضعها في عنقه، وقال: يريدون أن يجعلونا جسرًا يمرون علينا على جهنم، فمن سُئل عن فتوى، فينبغي أن يصمت عنها، ويدفعها إلى مَن هو أعلم منه بها، أو إلى مَن كُلف الفتوى بها، وقال الإمام الشافعي: "وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له إن شاء اللَّه"،، وقال الإمام ابن حجر العسقلاني: "إذا تكلم المرءُ في غير فنِّه أتى بهذه العجائب".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق