وسط تجاهل صارخ من الأجهزة التنفيذية والمحليات، تعيش قرى مركز دراو بمحافظة أسوان مأساة حقيقية نتيجة غياب منظومة الصرف الصحى، ما يضطر الأهالى للاعتماد على نظام “الأبيرة” القديم، هذا النظام العشوائى يؤدى إلى انتشار الأمراض وتلوث البيئة، بينما يقف المسئولون وعلى رأسهم المحافظ موقف المتفرج، دون حلول فعلية أو رؤية واضحة لإنهاء معاناة المواطنين.
أرقام مأساوية تكشف الكارثة
تشير التقارير الميدانية إلى أن أكثر من 70% من القرى التابعة لمركز دراو لا تمتلك شبكات صرف صحى، ما يؤثر على أكثر من 30 ألف مواطن، يعانون من اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحى الناتج عن استخدام «الأبيرة».
فى عام 2024، رصدت إحدى الجمعيات المحلية ارتفاع نسبة الأمراض المرتبطة بالتلوث البيئى إلى مستويات غير مسبوقة، حيث سجلت:
35% من السكان يعانون من أمراض الجهاز الهضمى.
20% مصابون بالبلهارسيا نتيجة التلوث بالمياه الراكدة.
زيادة حالات الإصابة بأمراض الكبد الفيروسية بنسبة 15% خلال آخر ثلاث سنوات.
المحافظ والمسئولون: غياب كامل للدور التنفيذى
على الرغم من فداحة الأزمة، لم يتحرك محافظ أسوان بشكل فعّال لمعالجة هذه المشكلة المزمنة. وعلى الرغم من تعهدات متكررة بإطلاق مشروعات صرف صحى فى القرى المتضررة مثل «العلاقى» و«الجعافرة»، إلا أن هذه التعهدات لم تتعد كونها وعودًا على الورق.
أين ذهبت المخصصات؟
تساءل العديد من أهالى مركز دراو عن مصير الميزانيات التى تم الإعلان عنها فى عام 2022 لإنشاء شبكات صرف صحى. هل تم إهدارها؟ أم أن هناك تقاعسًا إداريًا فى تنفيذ المشروعات؟ تشير مصادر مطلعة إلى أن بعض المشروعات توقفت بسبب «نقص التمويل»، لكن الحقيقة تكمن فى سوء الإدارة والرقابة الضعيفة من المحافظ وأجهزة المحليات.
ونظام الأبيرة حل عشوائى ينذر بكارثة
حيث إنه فى ظل غياب البنية التحتية للصرف الصحى، لجأ المواطنون إلى نظام “الأبيرة”، وهو نظام بدائى يعتمد على حفر آبار لتصريف مياه الصرف. هذه الطريقة ليست فقط غير صحية، لكنها تهدد سلامة التربة والمياه الجوفية.
وتمثل هذه الأبيرة مخاطر جسيمة منها:
< تسرب المياه الملوثة إلى مصادر الشرب، مما يسبب انتشار الأمراض.
< انهيار الحفر خلال موسم الأمطار، مما يؤدى إلى فيضانات ملوثة تغرق الشوارع والمنازل.
< تكلفة الصيانة المرتفعة التى تمثل عبئًا إضافيًا على الأسر الفقيرة.
ويعلق الأهالى على ذلك: «نعيش فى بيئة ملوثة أشبه بمستنقع. الأطفال مرضى، والمياه التى نشربها ملوثة، ولا أحد يتحرك لإنقاذنا!» يقول أحد سكان قرية «الكرم»، مستنكرًا تجاهل المسئولين.
كما طالب المواطنون بقرية الجعافرة بضرورة محاسبة المحافظ، قائلين: «إذا كان عاجزًا عن إدارة الأزمة، فلماذا يبقى فى منصبه؟ نريد مسؤولين يعملون لصالحنا بدلاً من إلقاء اللوم على نقص التمويل».
المطالب الشعبية: أين الحلول؟
يطالب سكان مركز دراو الحكومة بسرعة التحرك لإنهاء هذه الأزمة. الحلول التى يقدمها الأهالى تتضمن: توفير ميزانية طارئة لإنشاء شبكات صرف صحى فى القرى المتضررة.
وإقالة المسئولين المتقاعسين عن أداء دورهم، وعلى رأسهم المحافظ.. وتشكيل لجنة رقابية مستقلة لمتابعة تنفيذ مشروعات البنية التحتية.
المحليات فى خبر كان
أجهزة المحليات، التى من المفترض أن تكون حلقة الوصل بين المواطنين والحكومة، غابت تمامًا عن المشهد. لا زيارات ميدانية، ولا متابعة للمشروعات، ولا حتى استماع لشكاوى المواطنين.
وفى النهاية فإن
أزمة الصرف الصحى فى مركز دراو ليست مجرد قضية خدمات، بل هى كارثة إنسانية تهدد صحة وحياة آلاف المواطنين. تجاهل المحافظ والمسؤولين لهذه الأزمة يعكس فشلًا إداريًا ذريعًا يستدعى المساءلة الفورية. فإلى متى ستظل حياة المواطنين فى قرى أسوان رهينة الإهمال والوعود الكاذبة؟!
0 تعليق