'الاستئناف' ترفض الاعتراف بنسب 3 بنات أنجبتهن 'أم بديلة' لمواطن كويتي ...و'السياسة' تنشر الأسباب والحيثيات

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

• للبحث العلمي شطحات وهفوات قد لا تتفق مع الأهداف العامة للشريعة

جابر الحمود

رفضت محكمة الاستئناف برئاسة المستشار خالد عبدالعزيز الخالد الاعتراف بنسب ثلاث بنات لمواطن كويتي أنجبتهن «أم بديلة» عن طريق التلقيح الاصطناعي كون زوجته لا تنجب،إذ فحص DNA الذي أجراه في الكويت فور عودته تطابق الجينات الوراثية للأطفال مع جينات الزوج وعدم تطابقها مع جينات الزوجة، كونها ليست صاحبة البويضة المستخدمة في التلقيح الاصطناعي.

وبناءً على ذلك رفضت الإدارة العامة لشؤون المواليد والوفيات في وزارة الصحة طلب إصدار شهادات الميلاد، مما حال دون استخراج باقي الوثائق اللازمة لبناته مما دعاه إلى رفع دعوى أمام المحكمة.

وتضمنت حيثيات حكم المحكمة أن البلاء عموما الذي يصاب به المؤمن في شتى جوانب الحياة يجب أن يتلقاه بالإيمان والصبر، والالتجاء إلى الله بالاستغفار والتوبة والإلحاح بالدعاء، فهذه الحياة لا تخلو من منغصات، ولا يمكن أن يعيش فيها المرء بلا شقاء على أمد الدهر، إذ يعتريه من صروف الدهر أحوال شتى، وأمور متقلبة، ولاشك أن تكون آثارها النفسية عليه عظيمة، لكن المؤمن محكوم بالإيمان، والرضا بما قدره الله له، والصبر على البلاء، وعدم اليأس من رحمة الله .

وتتلخص وقائع القضية في أن رجلًا كويتيًا تزوج من امرأة خليجية، إلا أنهما لم يرزقا بالذرية،وبعد محاولات للإنجاب وزيارات متكررة للأطباء، تبين عدم تمكنهما من الإنجاب،ولاحقًا زارا مستشفى في إحدى الدول الآسيوية، حيث نصحهما الأطباء بإجراء ما يعرف بـ"التلقيح الصناعي"، وذلك باستخدام خلية تناسلية من الزوج لتلقيح بويضة امرأة أجنبية وزراعتها في رحم الزوجة، وبالفعل، قاما بهذا الإجراء، وأسفر هذا عن إنجاب ثلاثة أطفال عن طريق التلقيح الصناعي وتمت الولادة في دولة الزوجة الخليجية.

وبعد أن استخرجا شهادات ميلاد من دولة الزوجة ووثائق سفر مؤقتة من سفارة دولة الكويت، عاد الزوجان إلى الكويت وسعى الزوج إلى إصدار شهادات ميلاد لأطفاله الثلاثة تمهيدًا لاستخراج إثبات الجنسية، البطاقة المدنية، وجوازات السفر، إلا أن الجهات المعنية طلبت من الزوجين إجراء فحص الحمض النووي (DNA) للتحقق من العلاقة البيولوجية مع الأطفال، وبالفعل أجرى الجميع الفحوصات المطلوبة، لكن النتائج جاءت بخلاف ما كان يتوقعه الزوجان، فقد أظهرت النتائج تطابق الجينات الوراثية للأطفال مع جينات الزوج، لكنها لا تتطابق مع جينات الزوجة.

وبعد نزاع حول الدائرة المختصة نوعياً في النزاع تمت إحالة الدعوى لمحكمة أول درجة دائرة أسرة جعفرية، والتي نظرت في الدعوى، وقضت بإثبات نسب الأطفال للزوجين، وما يترتب على ذلك من آثار، بما في ذلك قيد الأطفال في سجل المواليد، وتمكين الأب من استخراج شهادات الميلاد، الجنسية، جوازات السفر، والبطاقات المدنية لأطفاله الثلاثة.

ونظرًا لعدم تنظيم قانون الأحوال الشخصية الجعفري رقم 124/2019 لهذه المسألة، استند حكم الدرجة الأولى إلى فتوى صادرة عن المرجع الحي الأعلم للجعفرية الجامع لشرائط التقليد، الذي أجاز هذا الإجراء،واستندت المحكمة في رجوعها إلى الفتوى إلى نص المادة الثالثة من القانون، التي تنص على أن "كل ما لم يرد في هذا القانون يُرجع فيه إلى رأي المرجع الحي الأعلم للجعفرية الجامع لشرائط التقليد".

لكن هذا الحكم لم يلق قبولًا لدى النيابة العامة، مما دفعها إلى الطعن عليه بالاستئناف،وبعد أن نظرت الدعوى، قضت بإلغاء الحكم المستأنف، مستندةً إلى أن هذا الإجراء يُعد مخالفًا للنظام العام، الآداب العامة، والشريعة الإسلامية.

‏وجاء في نص الحكم الآتي:

‏" خلط ماء الرجل ببويضة امرأة أجنبية عنه، ولو نتج عنه خلقاً من رحم الزوجة، تقول المحكمة أن هذه الثمرة أتت عن تصرف يحرم إتيانه شرعاً، ويخالف صحيح الشرع ومقصوده في حفظ الأنساب، لالتقائه في معين واحد مع نتاج العلاقة الآثمة بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج الشرعي بينهما، وأن القول بوقوع تلك الحرمة شرعاً لا يعني الحيلولة بين أولئك الذين ابتلوا بحرمان الولد وبين وسائل الطب الحديثة التي تؤمل الزوجين في الحصول على مبتغاهما، إذ لا ينبغي الانجرار وراء العواطف أو النزاعات الإنسانية في بيان الحكم الشرعي لتلك الطرق ... ولا يخفي أن للبحث العلمي شطحات وهفوات قد لا تتفق مع الأهداف العامة للشريعة ...وتلك الغاية المستهجنة التي يستسيغها الكثيرون ويدفعها من ورائهم بعض من الأطباء نحو دائرة الإباحة دونما قيد أو شرط، تؤصل فيها هذه المحكمة قضاءها بمخالفة هذا التصرف لأصل حصين من مقاصد الشريعة التي تتصل بحفظ الأنساب" وأن "المحكمة من إجماع ما سبق ، استقر في عقيدتها و وجدانها حقيقة شرعية لاريب فيها ولا مراء ، تتصل وبنيان هذا المجتمع و تقف على ثغر من ثغوره، تعتبر فيها وبحق أن الدولة عقيدتها الإسلام،والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، وأن كل النظم الوضعية تصيغ العقوبات والتدابير إزاء الأفعال التي تتعارض مع أسس قيامها، وأن الإخلال بطرائق النسل وحفظ الأنساب ليس أمرا فرديا يمكن أن تتسامح فيه شريعة الإسلام ودولته كحق من حقوق الأفراد، لاسيما إذا ما خرج الأبوين اللذين هما أساس نواة الأسرة و عمادها عن الأصول القويمة ، فهدما روابط المجتمع، وذاك مما لا يتسامح فيه قانون أو دولة، و لئن كانت الشريعة الإسلامية وسائر الدساتير والقوانين أباحت الحرية الشخصية بالضوابط التي تمنع من العدوان وإساءة استعمال الحق، فليس من بين ذلك أن يدعو أي فرد إلى ما يخالف النظام العام أو الآداب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق