تضم قائمة هذه الصفقات "23 اتفاقية دولية" أبرمتها شركات التقنية الحيوية الناشئة الصينية مع شركات دوائية عالمية كبرى، من بينها شركة أسترازينيكا (AstraZeneca)، شركة ميرك (Merck)، شركة روش (Roche)، وتظهر هذه الصفقات حجم الثقة المتزايدة في قدرة الشركات الصينية على تقديم تقنيات مبتكرة تضاهي مثيلاتها في الغرب.
على سبيل المثال أبرمت شركة غراسيل بيوتكنولوجيز الصينية (Gracell Biotechnologies) صفقة مع شركة أسترازينيكا (AstraZeneca) بقيمة أولية بلغت مليار دولار، وهي واحدة من أكبر الصفقات في القائمة. أيضا شملت الاتفاقية الاستحواذ على منصة CAR-T الصينية، وبلغ إجمالي الصفقة 1.2 مليار دولار. هذه الصفقة ليست مجرد استثمار مالي، بل تعكس التقدم الهائل الذي أحرزته الشركات الصينية الناشئة في تطوير تقنيات متقدمة لعلاج الأمراض المستعصية مثل السرطان.
تتميز الصفقات التي أبرمتها الشركات الصينية بتنوع كبير في الأصول التقنية والابتكارات المستهدفة، مما يعكس قدرتها على تقديم حلول تقنية مبتكرة تغطي مجموعة واسعة من الأمراض والتحديات الطبية. على سبيل المثال أبرمت شركة ريجور ثيرابيوتيكس (Regor Therapeutics) صفقة بقيمة 850 مليون دولار مع شركة روش (Roche) للاستحواذ على منصة CDKx المتقدمة.
وفي مجال تقنيات المناعة المتقدمة، وقعت شركة كيرون بيوفارماسيوتيكال (Curon Biopharmaceutical) اتفاقية مع شركة ميرك (Merck) بقيمة أولية بلغت 700 مليون دولار لتطوير تقنية T-cell engager. أما في مجال علاجات السرطان، فقد كانت شركة بيجين (BeiGene) شريكا رئيسيا في صفقات مع شركتي نوفارتيس (Novartis) وBMS (Bristol-Myers Squibb)، حيث تضمنت تراخيص لعلاجات PD1 وTIGIT بقيمة أولية بلغت 300 مليون و263 مليون دولار على التوالي. هذه الصفقات تعكس بوضوح مكانة الشركات الصينية كلاعب رئيسي في تطوير تقنيات مبتكرة تعالج العديد من التحديات الطبية.
تمثل هذه الصفقات الدولية الكبرى تحولا جذريا في مكانة الصين على خريطة التقنية الحيوية العالمية، مما يعكس تأثيرا عميقا على الصناعة. أحد أبرز هذه التأثيرات هو دعم الابتكار المحلي؛ حيث لم تعد الشركات الصينية تعتمد فقط على التقنية المستوردة، بل أصبحت قادرة على تقديم ابتكاراتها الخاصة التي تجذب الشركات العالمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المبالغ المالية الكبيرة التي تضمنت دفعات أولية تجاوزت 100 مليون دولار تشير إلى مستوى عالٍ من الاعتراف العالمي والثقة الدولية في قدرات الشركات الصينية، وهي نتيجة مباشرة لسنوات من الاستثمار في البحث والتطوير. علاوة على ذلك، أسهمت هذه الشراكات في التوسع في الأسواق العالمية، حيث لم تعد الشركات الصينية محصورة بالسوق المحلي فقط، بل أصبحت تشارك بفعالية في تطوير وتسويق الأدوية على المستوى العالمي، مما عزز تكاملها مع النظام الصحي الدولي.
لقد ساهمت عدة عوامل في نجاح قطاع التقنية الحيوية الصيني ووصوله إلى هذا المستوى المتميز. من أبرز هذه العوامل الدعم الحكومي والإصلاحات التي رغم التحديات التنظيمية، ساعدت في تسهيل العمليات البحثية ودعم الشركات المحلية للوصول إلى الأسواق العالمية. كما لعب الابتكار المحلي المتسارع دورا محوريا، إذ يقود جيل جديد من الباحثين ورواد الأعمال في الصين مسيرة التطور، مع تركيز واضح على التقنيات المتقدمة، مثل العلاجات المناعية والتقنيات الوراثية. أضف إلى ذلك ميزة التكلفة التشغيلية المنخفضة التي توفرها الصين، ما يجعلها وجهة مفضلة للاستثمارات في مجال البحث والتطوير، ويسهم بشكل كبير في ترسيخ مكانتها كقوة عالمية في قطاع التقنية الحيوية.
مع استمرار هذا التوجه، يبدو مستقبل قطاع التقنية الحيوية الصيني واعدا أكثر من أي وقت مضى، حيث تجمع الصين بين الابتكار المحلي والشراكات الدولية لتحقيق نجاح مستدام ع مع استمرار هذه الاتجاهات، من المتوقع أن يصبح قطاع التقنية الحيوية الصيني أكثر قوة وتأثيرا خلال السنوات القادمة. التعاون مع شركات عالمية كبرى مثل شركة أسترازينيكا (AstraZeneca)، شركة ميرك (Merck)، وشركة روش (Roche) يمنح الشركات الصينية مزيدا من الخبرة والوصول إلى الأسواق المتقدمة. علاوة على ذلك، فإن تركيز الصين على تعزيز الابتكار والتكامل مع النظام الصحي العالمي يعزز فرصها في أن تصبح مركزا عالميا للابتكار في التقنية الحيوية.
تمثل الصفقات الدولية الكبرى التي أبرمتها شركات التقنية الحيوية الصينية مؤشرا واضحا على تحول الصين إلى قوة رئيسية في هذا المجال. هذه الصفقات ليست فقط استثمارات مالية، بل هي دليل على الاعتراف العالمي المتزايد بإمكانات الصين وقدراتها على الابتكار.
nabilalhakamy@
0 تعليق