على مدار العقدين الماضيين، أصبحت دولة قطر وجهة رياضية عالمية من خلال تنظيم العديد من البطولات الكبرى، وهو الأمر الذي لعب دورا محوريا في تعزيز صورتها على الساحة الدولية بفضل الدعم اللامحدود الذي توليه القيادة الرشيدة للبلاد، واللجنة الأولمبية القطرية من أجل أن تظل الدولة في مكانتها المتميزة رياضيا على مستوى العالم.
ورغم استضافتها العديد من البطولات الرياضية الدولية، إلا أن نقطة التحول الأبرز كانت تنظيم قطر لنهائيات بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، والذي يعد أول مونديال يقام في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي.
وتميز مونديال قطر بتقديم بنية تحتية عالمية المستوى، بما في ذلك إنشاء ملاعب مبتكرة مثل "استاد البيت" و"استاد لوسيل"، حيث جمعت بين الاستدامة والتكنولوجيا، كما استثمرت الدولة بشكل كبير في تطوير شبكات النقل والفنادق والخدمات المساندة، مما جعل البطولة تجربة فريدة من نوعها سواء للرياضيين أو الجماهير، لتوصف البطولة بأنها الأفضل في تاريخ بطولات العالم.
وقبل كأس العالم FIFA قطر 2022، استضافت الدوحة مجموعة واسعة من البطولات الدولية، أبرزها بطولة العالم لألعاب القوى 2019، بطولة العالم للسباحة 2014، وبطولة آسيا لكرة القدم 2011، وبطولة العالم لكرة اليد 2015، حيث لم تكن هذه البطولات مجرد أحداث رياضية عابرة، بل مثلت اختبارات عملية للبنية التحتية القطرية وللقدرة التنظيمية في استقبال فعاليات عالمية.
وتميزت قطر بتنظيم أحداث عالمية وقارية في الألعاب الفردية، حيث استضافت جولات عالمية في التنس والسباحة، والسيارات، والدراجات النارية، والاسكواش، والبادل، بالإضافة إلى بطولة العالم في الملاكمة وكذلك في تنس الطاولة، فضلا عن دورة الألعاب الآسيوية 2006، وكذلك المهرجانات الدولية والمحلية للفروسية والهجن.
وخرجت قطر من كل هذه الأحداث بصورة رائعة ومثالية في التنظيم وتقديم تجارب رياضية مميزة سواء للرياضيين أنفسهم أو الجماهير، وذلك بفضل ما تملكه من مرافق رياضية ذات جودة عالية تواكب كل المواصفات الدولية.
وعلى الرغم من النجاح، هناك بعض التحديات التي قد تواجه قطر في المستقبل، منها الاستثمار الكبير في البنية التحتية للرياضة التي تحتاج إلى خطط استدامة تضمن تحقيق عوائد طويلة الأمد، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية والدولية من دول المنطقة مثل السعودية والإمارات، وكلاهما تسعيان بقوة لدخول مجال استضافة البطولات الكبرى، وهو ما يزيد من التحديات التنافسية.
وبتحقيق معادلة الاستدامة في البنية التحتية الرياضية والتصدي للمنافسة الإقليمية والدولية، ستتمكن قطر من المحافظة على موقعها في الخارطة الرياضية العالمية كوجهة محورية لاستضافة وتنظيم أبرز وأهم الأحداث الرياضية.
وبفضل الخطط الطموحة للمستقبل، تبدو قطر مهيأة للاستمرار في هذا الدور القيادي على الساحة الرياضية العالمية، ومن ثم الحفاظ على العالمية القوية في مجال تنظيم البطولات الكبرى، خاصة أنها استطاعت أن توظف الرياضة كأداة لتحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية.
وتميزت قطر في السنوات الأخيرة في استضافة أبرز البطولات الرياضية الدولية، فمازال العالم يتحدث عن استضافة قطر لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، لتنال قطر الإشادات من المجتمع الدولي بتنظيمها المبهر للبطولة والتي ستبقى في الذاكرة، من حيث التنظيم القطري الفريد، والتميز في الإعداد الجيد للبنية التحتية، لتتفوق قطر على نفسها، بعد أن حققت مبيعات البطولة أكثر من 2.45 مليون تذكرة لحضور المباريات، على الملاعب المونديالية.
وعاد التنظيم القطري المبهر لكبرى الفعاليات الرياضية القارية، في العام الثاني على التوالي بعد مرور عام على تنظيم بطولة كأس العالم FIFA قطر2022، لتقدم البلاد نموذجا جديدا باستضافتها بطولة كأس آسيا قطر 2023، لتستقبل العاصمة القطرية الدوحة أكثر من 702,800 زائر خلال شهر يناير 2023، تزامنا مع انطلاق البطولة لتحقق رقما قياسيا جديدا في عدد الزوار الدوليين الذين استقبلتهم قطر خلال شهر واحد، من حيث عدد الحضور الجماهيري الذي حطم الرقم القياسي، من خلال الوصول لأكثر من مليون و170 ألفا و219 مشجعا تواجدوا في البطولة، بينما استخدم نحو 3 ملايين شخص مترو الدوحة وترام لوسيل، مما عزز من مكانة قطر السياحية داخليا وخارجيا، لتصبح وستظل قبلة للزوار بمختلف جنسياتهم لما تحمله من استثمارات للمقومات الطبيعية فيها وتطوير بنيتها التحتية ومرافقها السياحية وجاذبيتها لجميع الفعاليات.
وخلال تنظيمها بطولة مميزة لها وللعرب، كان لقطر ما أرادت من الإبهار والإدهاش والإبداع في تنظيم مثالي للمباريات وفعاليات بطولة كأس آسيا قطر 2023، والتي توج بلقبها المنتخب القطري للمرة الثانية في تاريخه، بعد فوزه على المنتخب الأردني في النهائي بنتيجة (3 -1)، ليحتفظ /الأدعم/ باللقب الذي ناله في النسخة الماضية التي جرت في الإمارات عام 2019، ليواصل التربع على عرش الكرة الآسيوية بالفوز بالكأس في نسختين متتاليتين للمرة الأولى منذ أن توج المنتخب الياباني باللقب في نسختي (2000 و2004).
وتواصلت رحلة التميز في التنظيم القطري الجيد للفعاليات الرياضية، بتنظيم بطولة كأس آسيا قطر تحت 23 عاما، بعد شهرين من اختتام نهائيات كأس آسيا 2023 قطر، على الملاعب المونديالية، لتشهد العاصمة القطرية الدوحة تفاعلا جماهيريا كبيرا في البطولة التي شهدت هي الأخرى تنافس 16 منتخبا على اللقب، أقيمت خلال الفترة من 15 أبريل 2024 حتى الثالث من مايو من العام ذاته، وهي البطولة التي كشفت عن هويات المنتخبات المتأهلة إلى دورة الألعاب الأولمبية /باريس 2024/.
كما استضافت قطر سباق جائزة قطر الكبرى للفورمولا-1 العام الماضي 2024، إلى جانب بطولة كأس القارات للأندية FIFA قطر 2024 لكرة القدم، بنظامها الجديد والتي أقيمت في مراحلها النهائية في الدوحة وبمشاركة أربعة أندية من مختلف القارات، بعد أن جرت في أيام 11 و14 و18 ديسمبر من العام الماضي 2024، بمشاركة كبرى أندية العالم في مقدمتهم ريال مدريد الإسباني بطل دوري أبطال أوروبا والمتوج باللقب، بجانب فريق باتشوكا المكسيكي، وبوتافوغو البرازيلي، والأهلي المصري، لتحقق البطولة نجاحا كبيرا بعد أن أقيمت منافسات قوية للفرق الأربعة جعلت جماهير كرة القدم القطرية والجماهير العربية تعيش تجربة جديدة لبطولة مختلفة ومميزة بمشاركة أبطال القارات، وتستعيد ذكريات استضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.
وخلال العام الماضي أيضا، نجحت قطر في تنظيم، بطولة الماسترز للألعاب المائية" "الدوحة 2024"، التي أقيمت على مدار عشرة أيام بمشاركة نحو 2600 رياضي ورياضية من مختلف الأعمار السنية، حيث اشتملت منافسات البطولة على خمس رياضات هي: السباحة، والغطس، وكرة الماء، والسباحة الإيقاعية، والسباحة في المياه المفتوحة، وحطمت البطولة 41 رقما قياسيا، فضلا عن 19 رقما قياسيا عالميا، وهو ما يتجاوز أي بطولة ماسترز سابقة، بعد أن قدم من خلالها المتنافسون، مستويات مميزة أبهروا بها الجميع على مدار عشرة أيام، لترسل البطولة رسائل للعالم على قدرة قطر على تنظيم الفعاليات الرياضية العالمية، بعد استضافة بطولة العالم للألعاب المائية وبطولة الماسترز.
واختتم التنظيم القطري للفعاليات البطولات الكبرى، حينما نظمت قطر قبل أيام قليلة النسخة الـ 43 للبطولة العربية للأندية للكرة الطائرة للرجال، بصالتي نادي قطر والنادي العربي والتي اختتمت بتتويج الزمالك المصري بطلا للمسابقة، بفوزه في النهائي على مواطنه الأهلي المصري بثلاثة أشواط نظيفة، لتجد هي الأخرى الإشادة بالتنظيم القطري الذي أسهم في نجاح البطولة على المستويين التنظيمي، والفني للأندية المشاركة.
وتستعد قطر حاليا لتنظيم خمس نسخ لبطولة كأس العالم لكرة القدم للناشئين تحت 17 عاما بداية من شهر نوفمبر من العام الجاري، ما يؤكد اعتراف الاتحاد الدولي لكرة القدم /فيفا/ بالتنظيم القطري، وقدرته من حيث الجودة والمعايير الاحترافية.
كما ستنظم البلاد بطولة كأس العرب للمنتخبات في نسختها المقبلة، بعد أن استضافت النسخة الماضية في ديسمبر 2021، بمشاركة 16 منتخبا، عندما أحرزت الجزائر اللقب على حساب تونس، في البروفة المصغرة قبل انطلاق بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وهي البطولة التي تسعى قطر إلى إنجاحها لتغيير نظرة العالم ومفاهيمه الخاطئة بخصوص كرة القدم العربية ولتصحيح الاعتقاد السلبي عنها.
0 تعليق