أشادت الكاتبة القطرية هدى النعيمى بالدورة الحالية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، مؤكدة أن التنظيم الجيد ساعد الناشرين على عرض الإبداعات، وساعد القارئ المصرى والعربى على الوصول بسهولة للمؤلفات التى يبحث عنها.
وكشفت الكاتبة القطرية، فى حوارها مع «الدستور»، على أن ذكرياتها مع معرض القاهرة الدولى للكتاب بدأت فى تسعينيات القرن الماضى، وفى الدورة الحالية تعود إليه بروايتها الجديدة «زعفرانة»، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، وتحكى عن ثورة ظفار فى سلطنة عمان.
وشددت على أهمية قراءة التاريخ بالنسبة للأجيال الجديدة، لأن الاطلاع على الأحداث التاريخية يساعد فى بناء مستقبل قويم.
■ بداية.. ما الذى ألهمك لكتابة رواية «زعفرانة»؟
- تاريخ منطقة الخليج العربى التى أنتمى إليها هو ما ألهمنى لكتابة تلك الرواية، فهناك مساحات من التاريخ أُغفلت تمامًا، وتم «تعمية» الأجيال الشابة عن قراءتها، لينشغلوا بأمور أخرى أقل أهمية، رغم أن قراءة التاريخ مهمة جدًا، ومن خلالها نستطيع فهم الحاضر وصناعة مستقبل أفضل. هذه المساحة التاريخية التى أعطتنى فكرة رواية «زعفرانة»، هى ثورة ظفار، التى تحولت إلى حرب ضروس. وظفار منطقة جبلية فى سلطنة عمان.
■ ما تفاصيل الشخصيات الرئيسية فى الرواية؟
- الشخصية المركزية فى الرواية هى السيدة «زعفرانة» القطرية، وهى تنتمى إلى أسرة عريقة من منطقة «الذخيرة» شمال العاصمة الدوحة، وعاشت فى عشرينيات القرن الماضى.
«زعفرانة» فتاة جميلة يتيمة تحب العلوم التى تصل إليها، وهى شحيحة بالطبع فى تلك الفترة، ترفض ثراء العائلة والصيت العائلى والمستقبل المرسوم لها بالزواج من ابن العم، كما جرت العادة.
تعشق «زعفرانة» فتى عمانيًا، ثم تهرب معه إلى منطقة ظفار الجبلية، حيث تواجه مشاق الحياة بكل شجاعة، وتُنجب ٣ أبناء، يكبرون فى ظل الحرب الدائرة هناك، ثم تلقى بهم الأقدار بين جبال ظفار والقاهرة وزنجبار على الساحل الإفريقى.
تدور العجلة بالشخصيات الروائية حتى تعود «زعفرانة» إلى موطنها الأصلى فى «الذخيرة»، وهى عجوز منحنية الظهر، ومن خلال الأحداث نتعرف على بعض العادات والتقاليد، سواء فى قطر أو فى ظفار، مثل الملابس وأسماء المأكولات وبعض عادات الزواج والاحتفال بالولادة، وغيرها من تقاليد المنطقة، التى وجدت أنه من الجميل أن تجد طريقها للقارئ العربى.
■ كيف يمكننا وصف لغة «زعفرانة»؟ وهل هناك تقنيات سردية معينة استخدمتها لتوصيل الرسالة للقارئ؟
- استخدمت فى هذه الرواية تقنية «تعدد الرواة»، أى أن كل فصل له راوٍ مختلف، مع وجود ٣ شخصيات نسائية رئيسية، أفردت لكل منها ٤ فصول، وهى تتحدث عن نفسها وعن علاقتها بالشخصيات الأخرى.
هذه الشخصيات هى «زعفرانة الأولى»، التى تدور حولها الرواية، و«زعفرانة الثانية» أو الحفيدة التى تمثل الزمن الحاضر، وتبحث فى تاريخ عائلتها، وسر تسميتها بهذا الاسم غير الشائع، لتعرف ويعرف معها القارئ حكاية «زعفرانة الأولى»، التى امتدت لنحو ١٠٠ عام، وكذلك «مريم»، جدة «زعفرانة الحفيدة»، التى عرفت «زعفرانة الأولى» فى شبابها، وتمثل الخيط الذى يربط بداية الرواية بالزمن الحاضر.
أيضًا استخدمت تقنية «الفلاش باك» أو «العودة إلى الماضى»، بالتذكر أو الحكى عن هذا الماضى، وهى تقنية معروفة لدى كُتاب الرواية والدراما أيضًا.
■ ما أبرز التحديات التى واجهتكِ أثناء كتابة الرواية؟ وهل هناك تجارب أو أحداث حياتية أسهمت فى إلهامك؟
- كان لا بد من القراءة بكثرة حول «ثورة ظفار» أو «حرب ظفار»، التى امتدت على مدار أكثر من عقد كامل، خلال ستينيات القرن الماضى، بل زادت عليها. كان التحدى أن أجد تلك المراجع التى تتحدث عن تلك الفترة، وكذلك أن أحاول أن أسمع من كل من عايش تلك الفترة الزمنية ويحمل بعض الذكريات حولها.
وأنا شخصيًا من دولة أخرى هى قطر، ولم يعايش أهلى تلك الحقبة بشكل مباشر، لكننى زرت المنطقة، وحاولت أن أتخيل الأماكن التى دارت فيها الأحداث، واستطعت إلى حد كبير أن أكتب روايتى دون أن أدعى أننى أؤرخ للحدث، ولكن ألقى الضوء عليه فقط.
■ ما الرسالة التى تريدين إيصالها إلى القارئ العربى عبر «زعفرانة؟
- رسالة واحدة واضحة: لنقرأ تاريخنا فى المنطقة العربية، فهو زخم بالأحداث والعبر والشخصيات التى تحتاج أن نلتفت لها ونُعيد لها الاعتبار لما صنعت فى سالف الأيام. رسالتى باختصار: لنقرأ ما كُتب حول التاريخ العربى.
■ كيف تقيمين تجربة المشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب؟
- تجربتى مع معرض القاهرة الدولى للكتاب ممتدة منذ تسعينيات القرن الماضى، إذ شاركت كثيرًا فى ندواته، بمقره القديم فى مدينة نصر، لمناقشة مجموعاتى القصصية الأولى، أو لمناقشة قضايا ثقافية مختلفة.
حضرت العديد من الندوات والفعاليات الثقافية المصاحِبة لمعرض الكتاب، على مدى سنوات طويلة، ثم انشغلت بمشاغل الحياة والعمل الوظيفى إلى أن تفرغت للكتابة، وجاءت روايتى الأولى عام ٢٠٢٤ لتعود بى إلى المعرض، فى حلة جديدة وروح أخرى، وصفة «الكاتبة الروائية»، ما جعل مناقشة الرواية أو حفلات التوقيع حدثًا مميزًا فى مسيرتى.
أعجبنى المكان والقاعات المخصصة للندوات وحفلات التوقيع، وكذلك المساحات الواسعة لعرض الكتب، ما جعل الناشرين يحصلون على اتساع كاف لعرض ما جاءوا به من كتب، حتى تكون فى متناول القارئ المصرى، والعربى الذى يأتى خصيصًا لحضور معرض القاهرة للكتاب.
■ كيف ترين دور الأدب فى معالجة القضايا الاجتماعية والثقافية؟
- هذا موضوع يطول شرحه، فهناك الكثير من الروايات والإنتاج الأدبى الذى ترك أثرًا كبيرًا فى المجتمعات، مثل الأدب الروسى الذى أدى إلى تغييرات جذرية فى المجتمع.
واليوم، منوط بالأدب وبالرواية تحديدًا أن تضع يدها على مواضع الألم فى المجتمع، وتحاول تشريح المشاكل الاجتماعية. هذه ليست المهمة الوحيدة للأدب، لكنها جزء من أدوار كثيرة للأديب أو الكاتب بصفة عامة.
يكفى الكاتب أو الروائى أن يلقى الضوء على العلل ويطرح الأسئلة، ويترك المتلقى ليحاول الإجابة من خلال قراءات أخرى وبحث آخر، سواء بين أوراق التاريخ أو فى صدور الآخرين.. باختصار، الروائى قد لا يقدم علاجًا لمشاكل مجتمعه، لكنه يفجر الدمل أحيانًا، وأحيانًا يثير المسكوت عنه، ويشجع على البحث والاستقصاء.
■ هل لديكِ مشاريع أدبية جديدة قيد الإعداد؟
- هناك مجموعة قصصية تحت الطبع الآن، وستكون جديدة فى الثيمة التى تجمع القصص، وأتمنى أن أشارك بها فى معرض الكتاب المقبل فى القاهرة. ولدىّ مشروع قيد الدراسة والإعداد، عبارة عن رواية جديدة، تدور أيضًا حول أحداث تاريخية فى منطقة الخليج، وهذا أمر يحتم الإعداد الجيد وفهم التاريخ قبل البدء فى الكتابة.
■ ما تقييمك لحال الأدب القطرى والخليجى فى الوقت الحالى؟
- الإنتاج الخليجى فى مجال الرواية أو القصة أو الشعر اليوم غزير من ناحية الكم، وعميق من الناحية الفنية. لا نستطيع أن نتجاهل الأدب الخليجى، ولا ننسى أن كاتبة من الخليج، وبالتحديد من سلطنة عمان، حصلت على جائزة «مان بوكر» الإنجليزية، بعد أن ترجمت روايتها إلى اللغة الإنجليزية.
0 تعليق