كوكب الشرق خمسون عاما من الحضور

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في الثالث من فبراير حلت الذكرى الخمسون لوفاة كوكب الشرق أم كلثوم سنة 1975، بعد حياة مليئة بالإنجازات الفنية والوطنية.

أم كلثوم، واسمها الحقيقي فاطمة إبراهيم البلتاجي، هي واحدة من أبرز نجوم الغناء العربي وأيقونة الفن المصري. ولدت في 31 ديسمبر 1898 في قرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية في مصر، في عائلة متواضعة، وكان والدها يعمل مؤذنا في أحد المساجد ومنشدا في المناسبات.

بدأت أم كلثوم مسيرتها الفنية بتعلم القرآن الكريم والأناشيد الدينية على يد والدها، وفي سن الثانية عشرة بدأت تغني في الحفلات والمناسبات الخاصة، حيث لفتت الأنظار بصوتها العذب وقدرتها على أداء الأناشيد الدينية والأغاني الشعبية.

وبدأت مسيرتها الفنية في سن مبكرة. خلال حياتها المهنية التي امتدت لأكثر من خمسين عاما حققت أم كلثوم شهرة واسعة وتأثيرا كبيرا على الجمهور في العالمين العربي والغربي.

في عام 1923 حدث تغير في حياتها حيث انتقلت أم كلثوم مع عائلتها إلى القاهرة، حيث بدأت مسيرتها الفنية الحقيقية.

في القاهرة، تعرفت على كبار الملحنين والشعراء الذين ساهموا في تطوير موهبتها وصقلها. تعاونت أم كلثوم مع ملحنين مثل محمد القصبجي ورياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب، وشعراء مثل أحمد شوقي وأحمد رامي، مما أضاف جوهرا فنيا رائعا لأغانيها.

حافظت أم كلثوم على علاقة جيدة مع حكام مصر في مراحلها المختلفة، بداية من الملك فؤاد ونجله فاروق ومرورا بحكم جمال عبدالناصر، وانتهاء بحكم أنور السادات، وقدمت روائع الأغنيات من عامية وفصحى فكانت نجمة كل العصور واستحقت لقب كوكب الشرق.

وشاركت في حفلات المجهود الحربي التي كان يذهب ريعها لبناء الجيش المصري بعد هزيمة 1967، وجالت في عدد من الدول العربية والغربية مسخرة نجوميتها الطاغية لخدمة قضايا بلدها، وصوتا للعرب في المحافل الدولية.

فقد كانت تتمتع بجماهيرية هائلة في العالم العربي، وكانت حفلاتها الشهرية حدثا استثنائيا ينتظره الجمهور من المحيط إلى الخليج، فأغانيها الخالدة، مثل "الأطلال" و"إنت عمري" و"لسه فاكر" و"رباعيات الخيام"، وقصيدة من أجل عينيك التي كتب كلماتها الشاعر الكبير الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله، لم تعتمد فقط على مواهبها الفنية الفذة، بل على قدرتها على تعبير عن وجدان الأمة وتروي قصص الحب والشوق والانتصار للحياة.

رغم أن أم كلثوم غنت باللغة العربية فقط، إلا أن تأثيرها امتد إلى الجمهور الغربي.

فقد تم ترجمة بعض أغانيها إلى لغات أخرى، وتم تنظيم حفلات ومناسبات للاحتفاء بموسيقاها في دول غربية. كانت أم كلثوم تُعتبر جسرا بين الثقافات، ونجحت في نقل الثقافة والفن العربيين إلى العالم، فقد قال عنها شارل ديغول يوما "لقد لمست أحاسيس قلبي وقلوب الفرنسيين جميعا"، أما المطرب عبدالحليم حافظ فيقول متحدثا عن جمال صوتها "معجزة لن تتكرر ولن يستطيع أحد ملء الفراغ الذي تركته"، وقال عنها الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة "عرفتها وأكبرت فيها مع المقدرة الفنية وقوة الشخصية، والعديد من الخصال التي جعلت منها سيدة بارزة في مقدمة سيدات العالم"، أما الأديب عباس محمود العقاد فيقول "لقد أثبتت أن الغناء هو فن عقول وقلوب، وليس فن حناجر وأفواه فحسب"، ويصفها الممثل المصري فكري أباظة فيقول "هي تحفة العصر ومعجزة الدهر، قد تمر قرون أجيال.. فلا تلد القرون والأجيال مثل هذا الكمال".

خمسون عاما مضت على رحيل كوكب الشرق ولا تزال أم كلثوم رمزا للفن العربي الراقي والمحبوب، فتأثيرها على الجمهور في العالمين العربي والغربي لا يمكن تقديره بثمن، وستظل خالدة في قلوب محبيها عبر الأجيال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق