الفساد الإداري أسوأ من الفساد المالي

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في فلسفة الإدارة هناك قاعدة مفادها أن الفساد الإداري من أشد عوائق التنمية، وبلد إدارته فاسدة لا يمكنه أن يتقدم وسيظل يراوح مكانه حتى يأتي الوقت الذي ينهار.

من هنا نقول: حين تخرج سبع شركات طيران عالمية من السوق الكويتية، والمزيد من الشركات تعمل على إقفال مكاتبها في الكويت، لأن هناك من اتخذ إجراءً إدارياً غير حصيف، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى فتح المطار الجديد، وعلى ذمة المسؤولين، فإنه يستوعب 70 مليون مسافر سنوياً، فإن هذا يقودنا إلى السؤال: كيف ستعمل الدولة على جلب الشركات للدخول في المطار الجديد، وهل الإجراءات الإدارية غير الصحيحة هي من تجبرها على الهبوط في الكويت، وهل بذلك تحفز المستثمرين على توظيف رؤوس أموالهم فيها؟

معلوم للجميع أن الخطأ في الإدارة يعتبر فساداً، وتجب محاسبة المسؤول عنه، لأنه يرتكب مخالفة تضر بمصلحة البلاد، وفي الدول التي تحترم قوانينها، لا ينظر إلى الفاسد على من يمد يده على المال العام فقط، بل إن الاختيارات الخاطئة للأشخاص هي جوهر الفساد، لأن ذلك يعتبر تخريباً متعمداً للإدارة، وإلا نبقى ندور في حلقة مفرغة.

في السابق، اتخذت قرارات أضرت بمصحلة البلاد، منها على سبيل المثال، قرار منع الوافدين ممن بلغوا 60 عاماً تجديد إقامتهم، ورأينا كيف أثر ذلك على مصالح الكثير من الكويتيين، إلى درجة أنهم لم يجدوا خياطاً يخيط "دشاديشهم"، وهذا مثال بسيط على القرارات التي تطبخ في الديوانيات، أو يماشي فيها المسؤول ربعه، أو أحد المتنفذين، فيما الكويت تدفع الثمن، وكأن المؤسسات أصبحت مزارع لهذا أو ذاك.

من المعروف أنه في العام 2006 اتخذت الإدارة العامة للطيران المدني خطوة مهمة أخرى بشأن تطوير سوق النقل الجوي الكويتي، وذلك بتطبيق سياسة فتح الأجواء أمام هذه الحركة، وكانت هذه الخطوة مهمة لتنشيط حركة المسافرين، إلا أن هذا الأمر خضع، ومنذ سنوات قليلة لمزيد من الإجراءات الخاطئة ما دفع الشركات إلى الخروج من السوق الكويتية.

كانت الكويت في الماضي سوقاً مفتوحة للترانزيت، خصوصاً شركات الطيران من دول العالم، ولهذا أقبلت عليها، وكانت الإجراءات أسهل مما أصبحنا نشاهدها اليوم، وأسعار التذاكر أرخص.

هذه الشركات ذاتها حين خرجت من الكويت وجدت محفزات كثيرة في الدول المجاورة ما سهل لها العمل، لأن هناك إدارة تعمل وفق ما ينعش الناتج الوطني، وليس لخدمة هذا المتنفذ أو ذاك، أو لأن المسؤول "ما له خلق يوقع".

نعود لنقول إن أخطر فساد هو القرارات والإجراءات التي لا تخدم المصلحة الوطنية، فحين تخرج الشركات، ليس فقط الطيران، بل غيرها الكثير من السوق الكويتية، فذلك لا يعني إلا المزيد من الإربكات للاقتصاد الوطني، والتراجع في الأداء، إذ كيف يمكن جلب الاستثمارات إلى البلاد، في وقت لا يُمنح المستثمرون أي محفزات، أو تعرقل أعمالهم، من هذا المنطلق، لا بد من محاسبة من يعبثون في الإدارة لأنهم يخربون أكثر مما يفيدون.

  • أحمد الجارالله
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق