بما أن ميزانية الدولة للسنة 2025-2026، أقرها مجلس الوزراء اخيراً، وحدد عجز الميزانية بما يفوق ستة مليارات دينار، بزيادة تبلغ 11.9 في المئة، ولكي نفهم دور الحكومة، تنفيذياً وتشريعياً، بعد حل مجلس الأمة، نحتاج إلى مناقش متواضعة، للمنطق السياسي والمالي، بعيداً عن تعقيدات سرية الأرقام الحكومية، وقيمة الهدر.
بما أن الحكومة تتمتع بصلاحيات السلطة التشريعية، بعد حل مجلس الأمة منذ مايو 2024، وليس أمامها من يعارض أو يناقش، بمنطق أو من دون منطق، الحكومة، او المجلس من اللجنة المعنية، أو في المجلس عموماً، لكي يتم اقرار ميزانية الدولة حتى في ظل غموض الصرف والحسابات، وأدوات معالجة الهدر، فمن المستحق.
ربما، توجيه الأسئلة إلى رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله، مع مراعاة احترام قراره في عدم التصريح، والبوح بما في الصدر، والعقل، والتواصل مع وسائل الإعلام منذ توليه رئاسة مجلس الوزراء.
اللغة الاقتصادية ليست لغة سهلة الاستيعاب، ولا هي لغة يمكن للجميع هضمها، كما تأتي من مجلس الوزراء، فهي لغة جامدة تغلب عليها الألغاز المعقّدة، وتناقضاتها ضمن حكومة واحدة!
وبما أن المتخصصين لهم رأي مهم، ورأي غير مهم، في تحليل الأرقام، وغير المتخصصين لهم رأي لا يستحق الاستماع إليه، فقد ينم الرأي عن الجهل في كواليس حكومية خفية، أو موقف لا يحترم عدم الشفافية!
وبما أن الحكومة عوّدتنا على قبول أرقامها، واستثماراتها السيادية، بشديد الكتمان، وسرية العرض، والنقاش، في مجلس الوزراء، ومجلس الأمة سابقاً.
وبما أنها تملك اليوم سلطات موسّعة، على المستويين، التنفيذي والتشريعي، وبما أن أكثرية عامة الناس ليست شركاء في صناعة القرارات المالية، وتوجيه الاستثمارات السيادية، وحل ألغازها، في الكويت.
وبما أن جهات أجنبية متخصصة في الثروات السيادية، تكشف عن أرقام "صندوق الأجيال" الكويتي الذي "تجاوز تريليون دولار"، في حين تخفي الحكومة حقيقة الأرقام، حتى لا تواجه الكويت هجمات منح القروض، من الدول المحتاجة، وغير المحتاجة، وتراكم الديون، وعدم تحصيلها، كما تبدو عليه العلاقة مع كثير من بلدان العالم، الفقيرة وغير الفقيرة.
لذا السؤال الذي نوجهه دون الحاح في الرد، ولا البحث عن إجابة من رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله، أو وزيرة المالية، أو ناطق رسمي متحفظ، أو مجتهد في مهنة التواصل الجماهيري، وخصوصاً مع وسائل الإعلام، التي يفترض نظرياً أنها تمثل السلطة الرابعة.
سؤالنا: هل يمكن توريد الأرباح المحتجزة، ومعالجة فورية لحجج الحكومة، وتحديدا الهيئة العامة للاستثمار، ووزارة المالية، في عدم القدرة على تحصيلها من الجهات ذات الميزانيات المستقلة، كمؤسسة البترول التي بلغت الأرباح المحتجزة فيها ما يزيد على ثمانية مليارات دينار، أي أكثر من 27 مليار دولار؟
وبما أن الحجج المزعومة لمؤسسة البترول، والهيئة العامة للاستثمار، تكمن في عدم اعتماد الحسابات الختامية للمؤسسة، في لجنة الميزانيات، وتعليقها من مجالس الأمة سابقاً، فهل يجوز التفاؤل في حل طلاسم الأرباح المحتجزة لدى مؤسسة البترول؟
وهل يجور التساؤل في إمكانية الغاء اتفاقية تسوية الأرباح المحتجزة بين الهيئة العامة للاستثمار، ومؤسسة البترول، والتسديد على أقساط لكي لا تقع - لا سمح الله- المؤسسة، في فخ الافلاس، أو عدم القدرة على سداد المؤسسة لقروضها داخل الكويت، وخارجها؟
بما أن الحكومة تملك حق الحلول، التنفيذية والتشريعية، في آن واحد، ونحن نثق بشدة في حكمة الصرف، والهدر، في ميزانية الدولة، نقول:
لكل هذه الأسئلة وأكثر من "بما" والأسباب، هل يحق لنا نيل ثقة الحكومة في إشراكنا في ما تراه مناسباً من أرقام، وحلول مالية، ومنحنا ثقة الاستماع لرأيها في الأرباح المحتجزة من دون مناقشة، ولا أسئلة -طبعا- أو فذلكة أو "لقافه" صحافية؟
بما اننا لا نبحث عن تبرير حكومي بشأن "الأرباح المحتجزة"، ولا نسعى إلى التدخل في القرار الحكومي، أو الاعتراض على المبالغة في سرية ثروة الصندوق السيادي، التي يعرفها العالم باستثناء الشعب الكويتي، نتمنى التوفيق للحكومة في رحلة الألغاز المالية والاقتصادية.
ونتمنى لرئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبدلله أن يمنّ عليه العلي القدير بلفتة كريمة للشعب في سماع صوته متى شاء، أو صوت من ينوب عنه، فنحن نملك حق التساؤل المشروع، والاجتهاد في عرض أكثر من "بما"، من دون التدخل في صلاحيات الحكومة وقراراتها، وسياساتها في التكتم، أو فرض منطق جديد لميزانية الدولة، ومعالجة العجز فيها، فنحن اجتهدنا، وعلى الحكومة أن تتسامح مع اجتهاداتنا، و"لقافتنا"، وفهمنا المتخلف.
هذا إقرار بالذمة الصحافية، ونيابة عن ذمة "السلطة الرابعة" كما قيل تاريخياً وعلمياً عنها، وإقرار بعدم حق التساؤل عن ألغاز الميزانية، وعسر الهضم والفهم، لأن الحكومة أبخص في عملها، وقراراتها، وسياساتها في التكتم، و"الحقران"، وتستحق الحكومة، الشكر على عدم الالتفات للإفراج عن الأرباح المحتجزة، ولا سماع هذيان الكُتاب و"لقافه" صحافية!
حقكم علينا، ونعتذر على "اللقافة"، والفضول، والتدخل في اختصاص حكومة أبخص في عملها.
***
من لندن مع خالص الود.
0 تعليق