وتتعدد جوانب الرؤية التي لها من أهل الاختصاص من يتحدث عنها أفضل مني، لكن لعلني أتناول الزاوية السياسية منها، التي تتأثر إيجابياً بنجاحات الرؤية في مختلف المناحي.
الرؤية أتت لتبني على المقومات القوية للمملكة، باعتبارها قبلة المسلمين، وتحظى بموقع جغرافي مميز بين ثلاث قارات، وتمتلك مقدرات اقتصادية كبيرة، النفط فيها عامل مهم لكن مقدراتها ليست حصراً بالنفط.
وقد مر خلال هذه السنوات إدارة للرئيس ترمب والرئيس بايدن، وأثبتت المملكة مرة تلو الأخرى، أنها رقم صعب ووازن في المعادلة العالمية، واليوم تعود إدارة ترمب مجدداً للبيت الأبيض بحلتها الجديدة، وها هي تختار الرياض مجدداً لتكون وجهتها الأولى.
وخلال الأسابيع الأولى لإدارة الرئيس ترمب اتضح الدور السعودي في ملفات إقليمية عدة، لعل من أبرزها الملف اللبناني الذي شهد رئيساً مختلفاً ورئيس وزراء مختلفاً كذلك، وتشكيل حكومة أسرع ممّا اعتادته الساعة اللبنانية.
كما كان الدور السعودي داعماً للجهود القطرية المصرية، ساعين نحو وقف إطلاق النار في غزة، ونجاح تبادل الأسرى، وما زال أمامه بعض الخطوات لاستكمال المراحل التالية. وبالحديث عن الموقف السعودي من فلسطين، كان هناك بيان واضح من الخارجية السعودية حول رفضها لما ورد في لقاء نتنياهو وترمب، حول تهجير الفلسطينيين.
وهنا يظهر لافتاً أن المملكة العربية السعودية رسمت خطاً واضحاً في الرمال لا يمس قناعتها بالسلام وفقاً لمبادرة السلام العربي المعلنة في القمة العربية في بيروت 2002، التي تنص على تطبيع مع كافة الدول العربية، في مقابل دولة فلسطينية على حدود يونيو (حزيران) 1976 عاصمتها القدس الشرقية.
وهذا الاختلاف الواضح والمباشر مع تصريحات الرئيس الأمريكي، رغم أن الرياض وجهته الأولى، يدل على أن السعودية لها مكانها ومكانتها السياسية المقدّرة، وشريك مهم لواشنطن، حتى لو اختلفنا مع إدارة بايدن على ملفات، أو اختلفنا مع إدارة ترمب على ملفات أخرى.
وتكثر الشواهد الدالة على المكانة المتزايدة سياسياً واقتصادياً للمملكة، ولسمو ولي العهد كقائد ذي مكانة كبيرة في العالم، وأصبحت الحاضنة البديهية لأي قمة أو مؤتمر عالمي، وصولاً إلى استضافتها لقمة الرئيس بوتين وترمب، التي تتم في الرياض بمشاركة سمو ولي العهد كوجهة مثالية، حيث مثّلت الرياض حياداً إيجابياً في هذا الملف وذلك دعماً لتبادل الأسرى ودخول المساعدات الإنسانية.
النجاح عادة ما يجلب الضغينة من الحاسدين، لكن المملكة بنهجها تسعى لعمل ما هو مناسب لشعبها أولاً ولأمتها ثانياً، ولخير العالم ثالثاً، ومن يسعى لعمل الصحيح لا يسأل هل ما أفعله يبهج الناس من عدمه.
0 تعليق