أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عن سؤال ورد إليه من أحد السائلين حول كيفية قضاء الصلاة التي فاتته أثناء السفر بعد عودته، مبينًا أن الشريعة الإسلامية قد رخصت للمسافر في قصر الصلاة الرباعية والجمع بينها تخفيفًا عليه ورفعًا للمشقة، ولكن في حال نسي المسلم صلاة أثناء سفره أو فاته أداؤها لأي سبب، فإنه يجب عليه قضاء الصلاة بمجرد أن يتذكرها.
حكم قضاء الصلاة الفائتة في السفر
أوضح المركز أن الفقهاء اختلفوا في كيفية قضاء الصلاة الرباعية التي فاتت أثناء السفر. فهناك رأيان رئيسيان في هذا الشأن:
رأي الحنفية والمالكية:
ذهب الفقهاء من مذهب الحنفية والمالكية إلى أنه إذا فاتت صلاة رباعية أثناء السفر، فإن المسلم يقضيها على نفس صفتها التي كانت عليها في السفر، أي قصرًا إذا كان قد صلى بها قصرًا أثناء السفر. واستندوا في ذلك إلى الحديث الشريف الذي رواه مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «من نسي صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها». وهذا يعني أن الصلاة الفائتة تقضى على حالتها الأصلية من سرية أو جهرية أو قصر أو إتمام، حسبما كانت عليه في السفر.
رأي الشافعية والحنابلة:
في المقابل، يرى فقهاء الشافعية والحنابلة أن الصلاة الفائتة أثناء السفر يجب أن تقضى تامة، أي بأربع ركعات كاملة، وذلك لأن الرخصة التي أتاحها السفر قد زالت بعودة الشخص إلى وطنه. وقد استندوا في هذا الرأي إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «فليصلها إذا ذكرها»، وكذلك لأن الصلاة تختلف بين الحضر والسفر، وإذا عاد الشخص إلى وطنه، فإن الصلاة تقضى كما هي في الحضر وليس كما كانت في السفر.
النصيحة الشرعية في هذا الشأن
وفي واقعة السؤال، بين المركز أنه يمكن للمسلم الذي فاتته صلاة رباعية أثناء السفر أن يقضيها قصرًا، إذا أراد اتباع رأي الحنفية والمالكية. ومع ذلك، يُستحسن أن يتم الصلاة كاملة (أربع ركعات) خروجًا من الخلاف بين الفقهاء، وحرصًا على تحري الأفضل.
إن الفقهاء اختلفوا في كيفية قضاء الصلاة الفائتة أثناء السفر، ويجدر بالمسلم أن يتحرى التيسير في هذا الأمر، مع مراعاة الخلاف الفقهي بين المذاهب، وفي النهاية، يجب على المسلم أن يكون حريصًا على أداء الصلاة في وقتها، وأن يسعى دائمًا لاتباع ما يحقق له رضا الله عز وجل في جميع عباداته.
0 تعليق