مختصر مفيد
رفع تجار اللحم زمن الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) سعره، فأتى الناس الى الفاروق يطلبون منه التدخل لخفض السعر، فقالوا له: "غلا اللحم فسعّره لنا".
قال لهم: "أرخصوه أنتم".
فقالوا: "وكيف نرخصه، وليس في أيدينا يا أمير المؤمنين"؟ قال: "اتركوه لهم".
فترك الناس شراء اللحم أياماً، وبعد ان فسد لدى القصابين، اضطر هؤلاء الى خفض سعره، وهنا رسم عمر للناس نظرية اقتصادية بسيطة، وكان يستطيع أن يأمر بخفض الأسعار، لكنه أراد تعليمهم الطريقة التي يمكنهم أن يقضوا بها على الأسعار المرتفعة.
في اكتوبر 2013 أعلن بعض الناس في السعودية حملة "خلوها تخيس" لمقاطعة الطماطم، والامتناع عن شرائها، حتى يضطر البائع لخفض أسعارها، فرفعوا لافتات تقول "اتركها على الرف"، و"لا ترفع الأسعار فالبديل في الانتظار"، و"خلوها تصدي"، و"خلوها تفسد"، وهي حملات كان لها أثر ايجابي فيما بعد، واضطر التجار لإعادة الأسعار كما كانت.
وفي الارجنتين، استيقظ الناس صباح أحد الأيام على اتفاق تجار الدواجن والبيض على رفع سعر البيض، لكن الشعب اﻷرجنتيني كان أكثر حيلة وذكاء، فقد كان المواطن ينزل إلى الـ"سوبر ماركت"، وعندما يجد سعرالبيض مرتفعاً يعيده إلى مكانه، وكانت هذه حال جميع الأرجنتينيين، فقد اتفقوا على فكرة "اتركوه يفسد".
انتظر التجار أياماً، وانتظر الشعب، ومرت الأيام، وتورط التجار"الجشعون"، فتكدس البيض في الثلاجات، والمخازن والمستودعات، والبقالات دون وجود مشترٍ، وبعد أيام اتفق التجارعلى بيع البيض بسعره السابق قبل الارتفاع، لكن الشعب رفض أن يشتريه لكي يتأدب التجار، فاضطر هؤلاء الى تخفيض سعره، والشعب يرفض شراءه.
وهل انتهت القصة هنا؟
كلا، لم يشتر الشعب البيض، فانزعج التجار كثيرا، لأن الخسائر تتراكم، لذا أخيراً اتفقوا على أن يبيعوا البيض بربع سعره قبل الارتفاع، مع تقديم اعتذار رسمي للشعب في الصحف بعدم تكرار ما حدث.
هنا انتهت القصة، وأصبح الشعب الأرجنتيني الواعي فائزاً في معركته مع التجار، وان يشتري البيض بخصم 75 في المئة من سعره الأصلي، وهنيئا لذلك الشعب.
ما ذكرناه من أمثلة هو تطبيق لقانون في علم الاقتصاد مفاده انه "إذا قل طلب المستهلك انخفض سعر السلعة"، وليتنا نركز على هذه المسألة بالذات في حياتنا المعيشية.
ان سعر سمك الزبيدي مرتفع للغاية في أسواقنا المحلية، فكيف يكون سعر ثلاث حبات منه بين 9 الى 13 ديناراً، مثلا، في بلد مثل الكويت يطل على البحر، فالمفروض ان يكون البحر سخياً بعطائه، والسعر منخفـضاً، تعال وخذ هذا الجمع من السمك بدينار، أو اثنين فقط.
تخيل أخي القارىء لو ان الناس قاطعت السمك لتكدس عند التجار ولفسد بمرور الساعات، ولا بد من تصريفه، ولاحل لديهم سوى تخفيض السعر.
لنفعل مثل الأرجنتينيين والسعوديين عند ارتفاع سعر سلعة ما.
أصلا ما حدث هو نظرية في الاقتصاد هي "إذا قل الطلب انخفض السعر".
0 تعليق