«الأمن المجتمعي».. حوكمة الضبط والمسؤولية التشاركية!

جريدة عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
الحرية لا تعني الانفلات من مصفوفة القيم والثوابت المجتمعية، والهامش المتاح لهذه الحرية في أي مجتمع لا يعني تجاوز أبعادها القانونية والأخلاقية، أو تجاهل المصالح الوطنية في التعبير عنها، أو حتى التطاول على كرامة الأشخاص ومكانتهم وخصوصياتهم بأي وسيلة كانت، وتحت أي ظرف، والغاية من كل ذلك ممارسة الضبط الاجتماعي؛ مدعوماً برؤية وقدرة حكومية لتحقيق الأمن والاستقرار، وتعزيز التوازن بين الحقوق والواجبات؛ وصولاً إلى مسؤولية مجتمعية قادرة على معرفة وإدراك المتغيرات، والتعامل معها من خلال سلوك إيجابي تعايشي واقعي، وبعيداً عن أي ارتهانات أخرى قد تصل إلى ارتكاب جريمة التعدي على حقوق الآخرين.

المملكة، التي سنّت الأنظمة والتشريعات للحفاظ على أمن المجتمع وسلامة أفراده والمقيمين فيه من أي تجاوزات، تواصل جهودها في مهمتين وقائية وأخرى تنفيذية لضبط الجريمة والتحري عنها، إلى جانب جهودها في تحسين موقعها في التقارير الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان، وبالتالي لا يمكن الانفتاح على العالم والتعايش مع شعوبه من دون أن يكون هناك تطوير لمنظومة الحماية المجتمعية للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وكذلك مواجهة جرائم الاتجار بالأشخاص التي تسلب حريتهم، وتهدر كرامتهم، من خلال تعزيز خطة العمل الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وآلية الإحالة الوطنية للضحايا، ودور الوحدات الفرعية في مناطق المملكة لتطبيق ذلك.

اليوم مع توجيه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء باستحداث الإدارة العامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في المديرية العامة للأمن العام، تبدأ مرحلة جديدة من حوكمة إجراءات الضبط والتحري لكل ما يمس الأمن المجتمعي والتصدي لجرائم الاتجار بالأشخاص، مع احتفاظ جهات أخرى بحقها في التشريع، والرعاية والدعم، والتحقيق والادعاء أمام القضاء، والبحث والتوعية، وتكون المسؤولية تشاركية وتكاملية، وأكثر تنسيقاً ومواءمة بين الجهات ذات العلاقة، ولكن يبقى الأهم أن هناك جهة مسؤولة وفق الاختصاص عن الأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، من خلال أربع مهام رئيسة لمواجهة الجرائم التي تتعدى على الحقوق الشخصية، أو تمتهن الحريات المكفولة شرعاً ونظاماً، أو تتجاوز على كرامة الأفراد، إلى جانب متابعة أنشطة الشبكات الإجرامية وتفكيكها والقضاء عليها.

أخبار ذات صلة

 

لا يمكن اليوم مثلاً أن يخرج أُناس يملكون حسابات في التواصل الاجتماعي ويهددون أمن المجتمع وسلامته، وقيمه وثوابته الوطنية، أو آدابه العامة، كما لا يمكن أن تكون هناك شبكات إجرامية تمتهن الإنسان في التسول أو الدعارة أو الاستعباد القهري في العمل المخالف للأنظمة، وكل هذه الجرائم الموجودة في أي مجتمع تحتاج إلى كيان متخصص يتولى بياناتها، والتوعية منها، والحد من تداعياتها، واستشراف تطوراتها مع وجود وسائل تواصل عابرة للحدود.

مهمة «الأمن المجتمعي» ليست لجهة اختصاص فقط في الأمن العام، أو عبئاً تتحمل تبعاته وزارة الداخلية وحدها، ولكنها مهمة تشاركية لمجتمع بأكمله من مؤسسات وأفراد؛ فالوعي مهم، ولكن الأهم أن نكون على قدر المسؤولية في مشروع التصدي للجريمة التي تهدد أمن المجتمع، وتحديداً في التبليغ عن أي تجاوزات، وأن تمارس الأسرة دورها كأداة الضبط الأولى في المجتمع، وتتفاعل المدارس والجامعات بتخصيص فعاليات متواصلة طوال العام، ويؤدي المسجد رسالته، كذلك وسائل الإعلام التي سيكون دورها مضاعفاً في مهمة تحضير المجتمع لمرحلة الحفاظ على الحقوق والواجبات معاً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق